إعداد: رشيد المباركي
نشرت منصة ستراتفور أن الحركات الإسلامية في المنطقة العربية عرفت تحولات كبيرة خلال العقد الماضي. فبعد صعودها في البداية بعد ما جرى في 2011، واجهت انتكاسات مثل الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين في مصر عام 2013 وتراجع حركة النهضة في تونس. وحتى الجماعات المتطرفة مثل داعش شهدت سقوطا من السلطة. ومع ذلك، لا تزال هذه الجماعات، التي تمتد على نطاق واسع من الحركات السياسية المعتدلة إلى التنظيمات المتطرفة – مؤثرة وتواصل تطورها تحت ضغوط إقليمية. وقد ينطوي مستقبلها على إحياء، أو تكيف عملي، أو تحول إلى شكل مخفف يحتفظ بالعناصر الرمزية مع التخلي عن المبادئ الأيديولوجية الجوهرية.
استعرضت المنصة ثلاثة سيناريوهات بخصوص مستقبل هذه الجماعات:
ــ أحد المسارات المحتملة هو إحياء الإسلام السياسي السني، وخاصة في بلاد الشام. وقد أتاح ضعف النفوذ الإقليمي لإيران، وانهيار نظام الأسد في سوريا، والغضب الواسع النطاق إزاء صراعات مثل غزة، فرصا للجماعات الإسلامية السنية. وتكتسب هذه الجماعات أرضية في لبنان وسوريا والأردن، مستغلة تراجع القوة الشيعية والإخفاقات الملحوظة للحكومات العلمانية. على سبيل المثال، أعاد الفصيل الإسلامي السني اللبناني، الجماعة الإسلامية، تنشيط جناحه العسكري، ويتحدى هيمنة حزب الله.
ــ بالنسبة للمسار الثاني، فلا يخرج عن التطور البراجماتي، والنموذج نجده في كل من المغرب وتركيا والأردن، حيث تكيفت بعض الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية من خلال العمل ضمن الأنظمة السياسية القائمة وإعطاء الأولوية للسياسات الاجتماعية المحافظة بدلا من “الحكم الإسلامي الشامل”. ويُعد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مثالا يلخص جيدا هذا السيناريو، فبعد أن كان متجذرا في المبادئ الإسلامية، تحول تدريجيا نحو النزوع القومي بغرض الحفاظ على السلطة، فاقدا الكثير من طابعه الأيديولوجي.
ــ أما السيناريو الثالث المحتمل، فهو الذوبان والتحول الذي لا يمكن التعرف عليه. في هذا السيناريو، قد تستمر الحركات الإسلامية رمزيا لكنها تفقد مرجعيتها الأيديولوجية، على غرار احتفاظ الصين الحديثة بالرموز الخارجية للشيوعية دون ممارسة الحكم الشيوعي. وفي سوريا، على سبيل المثال، بدأت هيئة تحرير الشام كجماعة جهادية متحالفة مع تنظيم القاعدة، لكنها تحولت منذ ذلك الحين نحو حكم محلي يركز على الاستقرار. ويشير هذا إلى اتجاه أوسع نطاقا، حيث تحافظ الجماعات على الشعارات الإسلامية للشرعية، بينما تنتهج سياسات براجماتية ذات توجه وطني.