تحرير: دين بريس
شهدت سنة 2024 دينامية إصلاحية غير مسبوقة في مسار تحديث منظومة العدالة بالمملكة المغربية، شكلت منعطفا حاسما في استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية. فقد واصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية تنفيذ مخططه الاستراتيجي للفترة 2021–2026، الهادف إلى ترسيخ الاستقلال المؤسسي وتعزيز الحكامة في التدبير وتحقيق العدالة الناجعة. وترجمت هذه الجهود من خلال مبادرات تشريعية وتنظيمية متقدمة، أبرزها إصدار النظام الداخلي الجديد للمجلس، وتفعيل النصوص المرتبطة بالمعهد العالي للقضاء، ما منح السلطة القضائية بنية مؤسساتية أكثر متانة وقدرة على مواكبة تحديات المرحلة.
وفي هذا السياق، ركز المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للقضاة، عبر مراجعة التعويضات الخاصة بالمسؤولين القضائيين، وزيادة أجور الملحقين القضائيين لأول مرة منذ عام 2004، بما يعزز التمكين الاقتصادي والتحصين الاجتماعي لهذه الفئة. كما واصل المجلس تفعيل آليات الشفافية والنجاعة في تدبير الموارد البشرية، وإعادة هيكلة هياكله الإدارية وفق مقاربة حديثة تراعي متطلبات الحكامة والفعالية في الأداء. وقد حقق المخطط الاستراتيجي نسب إنجاز مهمة، إذ تم تنفيذ 25% من الإجراءات بالكامل، وتفعيل 52% منها بشكل مستدام، في حين توجد 18% قيد التنفيذ، مما يعكس تقدماً ملموساً في تنزيل الإصلاحات المبرمجة.
ومن جهة أخرى، شهد عام 2024 تعزيزا غير مسبوق للتنسيق بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل، تنفيذا لمبدأ التعاون بين السلطات المنصوص عليه دستوريا، بهدف ضمان الانسجام بين استقلال القضاء وفعالية الإدارة القضائية. وقد أسفرت اجتماعات الهيئة المشتركة بين المؤسستين عن إطلاق مشاريع كبرى، مثل مراجعة الخريطة القضائية وإحداث محاكم جديدة، وتطوير برامج الرقمنة وتحديث البنية التحتية للمحاكم. كما واصل المجلس أداء دوره الدستوري في إبداء الرأي بشأن مشاريع القوانين ذات الصلة بالعدالة، مساهما بفعالية في صياغة السياسة التشريعية الوطنية، ومكرسا مكانته كمؤسسة دستورية رائدة في تعزيز استقلال القضاء وترسيخ دولة الحق والقانون.
تابع آخر الأخبار من دين بريس على نبض

