دين بريس
في تطور لافت على مستوى المشهد الديني العالمي، أظهر تقرير حديث صادر عن مركز بيو الأمريكي للأبحاث (في يونيو 2025) أن الإسلام يُعد الديانة الأسرع نموًا في العالم بين عامي 2010 و2020، متفوقًا في معدل انتشاره على المسيحية رغم أن الأخيرة ما تزال تحتفظ بموقعها كأكبر ديانة من حيث عدد الأتباع حتى الآن. ويشير التقرير إلى أن عدد المسلمين حول العالم ارتفع بنحو 347 مليون نسمة خلال العقد الماضي، ليصل إلى ما يقرب من ملياري مسلم، في حين ارتفع عدد المسيحيين خلال الفترة ذاتها بنحو 122 مليون نسمة فقط، ليبلغ إجمالي أتباع الديانة المسيحية حوالي 2.3 مليار شخص.
ورغم هذا النمو العددي للمسيحية، إلا أن حصتها من سكان العالم تراجعت بشكل ملحوظ، حيث انخفضت من 30.6% في عام 2010 إلى 28.8% في عام 2020. في المقابل، شهدت نسبة المسلمين ارتفاعًا من 23.9% إلى 25.6% من سكان العالم خلال نفس الفترة، ما يدل على تسارع في النمو السكاني داخل المجتمعات الإسلامية مقارنة بغيرها من المجتمعات الدينية.
ويُرجع التقرير هذا التفاوت في النمو إلى عدة عوامل ديموغرافية واجتماعية وثقافية، يأتي في مقدمتها ارتفاع معدلات الخصوبة في الدول ذات الأغلبية المسلمة، خاصة في مناطق مثل إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا والشرق الأوسط. كما يشير التقرير إلى أن المسلمين يمثلون فئة عمرية شابة نسبيًا مقارنة ببقية الجماعات الدينية، مما يؤدي إلى تزايد مستمر في عدد الولادات داخل المجتمعات الإسلامية. ويضاف إلى ذلك أن معدلات مغادرة الدين لدى المسلمين تبقى منخفضة نسبيًا، على عكس ما يحدث في عدد من المجتمعات المسيحية، لا سيما في أوروبا وأمريكا الشمالية، حيث تزداد نسبة الأشخاص الذين يتركون الكنيسة أو يبتعدون عن المعتقد الديني كليًا.
ويرى باحثو مركز بيو أن هذه العوامل مجتمعة تجعل من الإسلام الديانة الأسرع نموًا من حيث عدد الأتباع، وإن لم يكن ذلك بالضرورة نتيجة لعمليات تحويل ديني نشطة، بل يعود بالأساس إلى النمو الطبيعي داخل المجتمعات الإسلامية. وتشير توقعات المركز إلى أنه إذا استمرت هذه الاتجاهات الديموغرافية على حالها، فقد يتساوى عدد المسلمين والمسيحيين حول العالم في منتصف هذا القرن، وربما يتفوق الإسلام عدديًا في العقود اللاحقة.
مع ذلك، يؤكد التقرير أن التغيرات الديموغرافية لا تحدث بمعزل عن الظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية، وأن عوامل مثل التعليم والهجرة والسياسات السكانية تلعب دورًا محوريًا في تحديد مستقبل الخريطة الدينية العالمية.
يعكس هذا التقرير تحولًا مهمًا في الديناميكيات السكانية للدين عالميًا، ويثير تساؤلات جديدة حول كيفية تفاعل الأديان مع التحولات الاجتماعية والديموغرافية المتسارعة. وبينما تستمر المسيحية في التراجع النسبي داخل العديد من الدول الغربية، تبرز المجتمعات الإسلامية بوصفها واحدة من أكثر الجماعات الدينية نموًا وانتشارًا، في ظاهرة تستحق المتابعة والتحليل في السنوات القادمة.