إعداد: رشيد المباركي
نشرت منصة “فوتوريبل” الاستشرافية، المتخصصة في المستقبليات، ملخص تقرير بحثي حول الأمن السيبراني، جاء فيها أنه في ظل تزايد التهديدات المعلوماتية في سياق التحول الرقمي السريع، لم يعد أمام الدول سوى المقاربات التقليدية، وتجاوز النهج الدفاعي، الذي يركز على المؤسسات والإطار القانوني، قصد المرور إلى بديل جديد مؤسس على رؤية ديناميكية وعلاقة، تستند إلى تداول البيانات والسيطرة عليها في الفضاء السيبراني.
تضيف المنصة أن التهديدات المعلوماتية أصبحت اليوم منهجية: لم تعد تقتصر على الدعاية أو الأخبار الكاذبة، بل تندمج في استراتيجيات هجينة تجمع بين التضليل، والأمن السيبراني، والسيطرة المعرفية على المواطنين. وتأتي هذه التهديدات من فاعلين متنوعين (دول، منصات رقمية، مؤثرين، مجموعات طائفية، شركات خاصة، إلخ) وتعمل على نطاق عالمي.
من جهتها، تشرح الخبيرة فيرجيني تورني، أن البيانات أصبحت قلب السيادة. السيطرة على دورتها، وتحولها وتجميعها أصبحت الآن أكثر استراتيجية من مجرد الشرعية المؤسسية أو هرم المعايير، وإذا لم يستعد الدولة السيطرة على هذه “الاقتصاد الدائري” للبيانات الأساسية (الأمن، الصحة، الذاكرة الجماعية، الضرائب، إلخ)، فقد يخاطر بفقدان سيادته لصالح المنصات الخاصة التي تفرض رواياتها ومعاييرها وفلاترها الثقافية، وتستحوذ على ولاء المواطنين.
يسلط التقرير الضوء على تحول مفهومي، حيث الانتقال من نموذج الحماية إلى نموذج المرونة، الذي يتمثل الآن على مستوى البيانات. ووفقا للخبيرة نفسها، لم يعد بإمكان الدولة منع جميع الهجمات ولكن يجب أن نتعلم كيفية امتصاص الصدمات، وضمان استمرارية الأنشطة الحيوية والحفاظ على التماسك الوطني.
وخلصت الورقة إلى أن الحدود بين الأمن السيبراني وتلاعب المعلومات تتلاشى، مما يفرض استجابة متكاملة. التهديدات تتخذ أشكالا متعددة ومن الصعب توقعها: التلاعب المتعمد (التحريف المعلوماتي)، غير المتعمد (المعلومات الخاطئة)، الخبيث من خلال تحويل المعلومات الصحيحة (المعلومات الضارة)، بالإضافة إلى تقنيات مثل التزييف العميق (الفيديوهات الكاذبة)، والاحتواء الوهمي (ممارسة الدعاية) أو التنمر عبر الإنترنت.