تعديلات المدونة تحصيل حاصل..

دينبريس
2024-12-28T14:43:18+01:00
آراء ومواقف
دينبريس28 ديسمبر 2024آخر تحديث : السبت 28 ديسمبر 2024 - 2:43 مساءً
تعديلات المدونة تحصيل حاصل..

د. محمد إكيج
قد يبدو لغير المهنيين والممارسين في مجال مدونة الأسرة أن ما أميط عنه اللثام من تعديلات مستقبلية لبعض بنود المدونة يحمل جديدا معتبرا سيحل العديد من إشكالياتها الحالية.. لكن دعونا نتأمل هذه المقترحات على ضوء ما يجري به العمل حاليا في العمل القضائي الأسري والتوثيق العدلي والممارسة الإجرائية.

ـ بخصوص توثيق الخطبة، فليس الأمر جديدا أو مبتكرا؛ فقد كان يقوم به البعض تحت مسميات “رسم وعد أو تواعد بالزواج”.. ويكون مفيدا كوسيلة إثبات إن ظهر حمل بالمخطوبة قبل إبرام عقد الزواج، إعمالا لمقتضيات المادة 156 من المدونة.

ـ تحديد سن زواج القاصر في 17 سنة.. هو أيضا ليس بجديد؛ فقد تم تكريسه لدى قضاة الأسرة المكلفين بالزواج على الأقل منذ أكثر من عشر سنوات، وخاصة على مستوى المدن الكبرى، وذلك التزاما بمناشير وزارة العدل فيما سبق ثم بتعليمات المجلس الأعلى للسلطة القضائية فيما بعد.

ـ تضمين شرط عدم التعدد في عقد الزواج.. هو متاح في مدونة 2004 تحت مواد الشروط الإرادية لإبرام عقد الزواج، وكثير من العقود المبرمة منذ ذلك التاريخ تتضمن هذا الشرط حسب اتفاق الطرفين.. كما أن وجود هذا الشرط في عقد الزواج كان يرفض به القضاة تلقائيا منح الإذن بالتعدد لتنصيص المدونة الحالية صراحة على ذلك في المادة 40 التي تنص: “يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها”.. أما حصر المبرر الموضوعي والاستثنائي في حالات العقم أو وجود مرض مانع للمعاشرة الزوجية.. فقد كان كذلك توجه غالب العمل القضائي الأسري منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ.. وبالتالي فلا جديد.

ـ إمكانية عقد الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك.. فهو أيضا إجراء يكرس ما جرى به العمل في التوثيق العدلي بالخارج على مستوى المراكز القنصلية والبعثات الدبلوماسية للمملكة.. حيث جرى العمل بقبول تصحيح أو إيداع تلك العقود ولو لم يكن فيها تنصيص على حضور الشاهدين المسلمين، بناء على ما يعرف لدى ممارسي التوثيق العدلي بالخارج بالدورية المشتركة لسنة 2016.. وبناء أيضا على صدور عدة قرارات عن محكمة النقض تؤكد أن تخلف ذكر الشاهدين في عقود الزواج المدنية المبرمة وفق قوانين بلد الإقامة صحيحة ومنتجة لجميع آثارها ولا يترتب عنها أي بطلان.

ـ إمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات مع قيام الحيازة الحكمية مقام الحيازة الفعلية.. وهو إجراء قائم دأب عليه كثير من المغاربة ممن لم ينجبوا سوى الإناث حماية لهن من دخول ذوي العصبة معهن في الميراث.. وإن كان بعض “أهل الفتوى” يقولون “بعدم جواز ذلك لما فيه من حرمان بقية الورثة من حقوقهم الإرثية المشروعة”.

ـ وينضاف لهذا الإجراء الالتفافي على قاعدة التعصيب “عدم إدراج بيت الزوجية ضمن مشمولات التركة”.. وهو أيضًا أمر جارٍ به العمل لدى عدد لا يستهان به من المغاربة عن طريق الصدقات والهبات والبيوع الصورية لعقاراتهم.. مع إثبات الحيازة الفعلية.

ـ فتح إمكانية الوصية والهبة بين الزوجين، في حال اختلاف الدين.. وهو أيضا إجراء قائم في واقع الناس بحكم أن الفقهاء ومنهم فقهاء المالكية يجيزون الوصايا والهبات بين المسلم وغير المسلم؛ لأنها أعمال خيرية يجوز الانتفاع بها بين الناس وإن اختلفت دياناتهم… ولا يرجى منها ثواب الله تعالى.. وكم سمعنا عن أناس أجانب أوصوا لمغاربة بشقق سكنية أو ڤيلات أو ضيعات فلاحية أو حتى معامل وورشات مهنية.. اعترافا بالفضل وحسن العشرة التي كانت بينهم.. وأن أولئك المغاربة اغتنوا من ذلك وصار لهم شأن بعد رحيل أولئك الأجانب الذين أوصوا لهم بتلك الوصايا أو الهبات.

هذه مجرد ملاحظات أولية حول بعض ما جاء في التعديلات المرتقبة.. والتي ستنجلي مضامينها أكثر من خلال صياغتها التشريعية وما سيصاحبها من توضيحات مرتقبة عند صدور مشروع تعديل المدونة…
ـــــــــــ
المصدر: صفحة الكاتب على فيسبوك

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.