21 يوليو 2025 / 16:21

تعامل مصر وسوريا مع الجماعات الجهادية: مقارنة نقدية

مارك مجدي. باحث من مصر

نشر أحد النشاط تدوينة مفادها أن ما يجري في سوريا حصل مثله في مصر. بما معناه، إن الاستبداد السياسي بالنسبة له مرادف للاقتتال الطائفي وحكم الجماعات الدينية المتطرفة. في سياق متصل مع خطاب يفيد التحالف مع الإسلاميين على حساب الأنظمة العربية التقليدية.

السؤال هنا هل يتساوى القمع السياسي بالتصفوية الطائفية التي نجدها عند الجهاديين؟

صاحب التدوية، وهو شادي لويس، ييستدعي لحظة صدام الدولة مع الإخوان المسلمين في ميدان رابعة، والصدام مع المسلحين في سيناء، بصفتها مرادف لاستهداف الجهاديين للدروز في السويداء، وهذا تدليس، لأنه ببساطة، ما حصل في مصر كان صداما بين دولة وجماعة سياسية دينية تنافسها على السلطة، وليس تصفية طائفية لمجتمع كامل.

الإخوان المسلمين، جماعة لا تمثل أقلية دينية مهددة بالإبادة، إنما تنظيم سياسي عندها مشروع حكم وكانت تدخل في صراع سلطة مفتوح. بينما ما جرى في السويداء هو تصفية جماعة دينية أساسا.

الجهاديين لا يواجهون تنظيما سياسيا مغايرا، لكنهم يقتلون الغير لمجرد إنه ليس على مذهبهم. الفرق هنا فرق مفصلي: الدولة تقمع معارضيها من أجل أن تحافظ على صيغة حكم، الجهاديين يقتلون المختلفين بهدف مسح وجودهم من الخريطة بسبب معتقدهم.

إن الدولة في كل نظريات السياسة – من توماس هوبز لماكس فيبر لغاية ميشيل فوكو – وظيفتها الأساسية هي “احتكار العنف وشرعنته”. يعني هي الكيان الوحيد الذي لديه حق استخدام القوة بشكل قانوني ومنظم من أجل الحفاظ على النظام العام ومنع الفوضى. حتى لو كانت دولة قمعية أو ظالمة، فإنها لا تستخدم العنف بشكل عشوائي، إنها تستخدمه من أجل السيطرة وفرض نظامها السياسي والاجتماعي. والطريق لفرض نظام سياسي واجتماعي بديل، ليس طريق تصفية الأقليات.

أما عنف الجماعات الإرهابية والجهادية فهو عنف ضد المجتمع نفسه، وليس ضد سلطة أو نظام حكم وحسب. إنه عنف يمزق النسيج الاجتماعي من الداخل، ويحول الطوائف والأقليات لفريسة، ويلغي فكرة المواطنة من أساسها.

عنفهم لا يروم بناء دولة أو تنظيم مجال عام، بالعكس، وإنما محو كل المختلفين وإقامة سلطة طهرانية مطلقة لا يوجد فيها مكان لغيرهم. ولهذا، فإن مساواة عنف الدولة بعنف الإرهابيين ليس مجرد خطأ تحليلي وحسب، وإنما تهديد لفهمنا لمعنى الدولة ومعنى المجتمع ومعنى السياسة أصلا.

ممكن اتهام الدولة والنظام في مصر بكل شيء، لكن مساواة موقف الدولة في مصر ضد الجماعات الدينية، بموقف الجماعات الدينية من الأقليات في سوريا هو قلب لكل المعايير، والتفكير والفهم العقلاني نحو أي نتائج جادة.