أثارت تصريحات البابا فرنسيس بشأن الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة ردود فعل متباينة، حيث لاقت انتقادات شديدة من الجانب الإسرائيلي، البابا وصف القصف الذي استهدف الأطفال بأنه “وحشية”، مشيرا إلى أن مثل هذه الأفعال “تمس القلب” وتتنافى مع أي مفهوم للحرب العادلة، جاءت هذه التصريحات في أعقاب غارة إسرائيلية أودت بحياة سبعة أطفال من عائلة واحدة، مما دفع وزارة خارجية الاحتلال إلى اتهام البابا بازدواجية المعايير، معتبرة أن تصريحاته منفصلة عن “السياق الحقيقي” للحرب.
منذ انطلاق الهجوم الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، شهد قطاع غزة دمارا واسعا وخسائر بشرية جسيمة، حيث تجاوز عدد القتلى والجرحى 153 ألفا، ومعظمهم من النساء والأطفال، وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية، تتزايد الدعوات الدولية لفتح تحقيق في الجرائم المرتكبة، والتي قد تصنف على أنها إبادة جماعية وفقا للقانون الدولي.
ورغم الانتقادات التي وجهتها إسرائيل إلى البابا، إلا أن تصريحاته تعكس تمسكه بمبادئ الأخوة الإنسانية، التي تقوم على احترام حق الإنسان في الحياة بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسه، وفي خطابه الأخير شدد البابا على ضرورة أن تكون حماية الأرواح المدنية، سواء في غزة أو في أي نزاع آخر، أولوية للمجتمع الدولي.
وقد أعاد الجدل الذي أثارته تصريحات البابا تسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين الكنيسة الكاثوليكية واليهودية، والتي تم تحديد معالمها في وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني، وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إليه، لا يظهر أن البابا قد تراجع عن المبادئ الأساسية التي تروج للاحترام المتبادل بين الأديان، وفي الوقت ذاته أكد على ضرورة التمسك بالقيم العالمية للعدالة وكرامة الإنسان.
ويضيف هذا الموقف بعدا جديدا للنقاشات الدولية بشأن المسؤولية القانونية والأخلاقية للأطراف المتورطة في النزاع ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتجاهل مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين، ويبقى السؤال قائما حول دور المجتمع الدولي في إنهاء المأساة الإنسانية في غزة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=22234