منتصر حمادة ـ مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث
هذه المقالة، إهداء لمن يريد أن يطورها في مقالة أو دراسة أو حتى كتاب: هي إشارة مرفقة بخمس ملاحظات.
أنت كمواطن في المنطقة، ما هي الطريقة المثلى لكي توفق بين دفاعك عن قضايا الوطن، ودفاعك عن قضايا المنطقة، ودفاعك عن قضايا الأمة، ودفاعك عن قضايا الإنسانية؟
1 قضايا الوطن: لأن المواطن (ة) المعني (ة) يعيش في دولة وطنية، لها دستور ومؤسسات ونشيد وطني.. إلخ.
2 قضايا المنطقة: لأن الدولة الوطنية المعنية، توجد في منطقة تضم مجموعة دول وطنية، تجمع بينها مجموعة من القواسم المشتركة، وخاصة قواسم الدين والثقافة واللغة.. إلخ.
3 قضايا الأمة: لأن المنطقة المعنية، تنتمي إلى أمة إسلامية: الحديث هنا عن أنماط من التدين تنتمي إلى الدين. (أقباط مصر، هم “مسلمون ثقافياً”، ويهود المغرب، هو مسلمون ثقافياً، مع أن الأقباط هو مسيحيون عقدياً، ويهود المغرب هو يهود أساساً)
4 قضايا الإنسانية: لأنه بمقتضى “المشترك الإنساني”، هذا المواطن معني (ة) بمتابعة معاناة “المعذبين في الأرض” بتعبير فرانز فانون.
ملاحظة 1: القضية الفلسطينية امتحان تطبيقي لهذه المحددات الأربع أعلاه، وسبقت الإشارة مراراً في تدوينات سابقة، وطيلة سنوات، إلى أن الدفاع عن القضية الفلسطينية من منظور ديني شيء (وهو دفاع مشروع طولاً وعرضاً)، والدفاع عنها من منظور إنساني شيء آخر (وهو دفاع مشروع أيضاً، طولاً وعرضاً)، رغم وجود تقاطعات بين الخيارين، ولكن هناك فوارق أيضاً، ومعها تبعات على أرض الواقع، بما يُفيد أنه على المعني بتبني هذا الخيار أو الآخر، أن يتحمل مسؤولية خيار الدفاع.
ملاحظة 2: نعوم تشومسكي، وهو علامة أمريكي الجنسية، يهودي المرجعية، علماني الممارسة، إنساني الأفق، يدافع عن القضية الفلسطينية، والأمر نفسه مع نورمان فلنكشتاين (مثل تشومسكي تماماً في المرجعيات الأربع)، مؤلف كتاب “صناعة الهولوكوست”، بل إن الرجل ينحدر من عائلة كانت من ضحايا النازية، ولكنه يدافع أيضاً عن القضية الفلسطينية، وصفحته الرقمية الرسمية تشهد على ذلك. (نشكر الرجل حول كتاب أهداه لنا، ومخصص للقضية الفلسطينية، والشكر موصول أيضاً لتشومسكي على مجموعة كتب أرسلها لنا، وكانت قراءتها فسحة لإعادة قراءة أحداث الساحة بعين مغايرة عما كان جرى به العمل سابقاً، وهنا يكمن الفرق بين العقل التفسيري المركب والعقل التفسيري الاختزالي)
ملاحظة 3: إحدى أسباب التعاطف العالمي مع رحيل اللاعب الأرجنتيني مارادونا، مرتبط بالبعد الرابع في المحددات أعلاه، رغم أنه في مجال كرة القدم، وهذا رأي المتتبعين أو المتخصصين إن صح التعبير، وربما رأي الهوى العام في العالم، الجيل الذي عاشر بيلي، يرى أنه أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ، والجيل الذي عاشر مارادونا يرى أنه أفضل لاعب في التاريخ، والجيل الذي عاشر ميسي يرى أنه أفضل لاعب في التاريخ، ومن الصعب إقناع أي فرد من هذه الأجيال الثلاثة، بأن الأمر نسبي، وأنه يمكن أن يكون بيلي أفضل من مارادونا أو أن ميسي أفضل من بيلي (إلخ من الاحتمالات)، ولكن ما يُميز مارادونا في تلك المقارنة مع بيلي وميسي، هو مؤشر النزعة الإنسانية المرتفع، ضمن أسباب أخرى.
ملاحظة 4: هذا النقاش حول المحددات الأربع في الدفاع عن قضايا الساحة الخاصة بمواطن ينتمي إلى وطن ومنطقة وأمة وإنسانية، محددات خارج دائرة التفكير عند أتباع أغلب إيديولوجيات الساحة، وهذه إحدى أسباب نشر التدوينة، وهدية في آن، لمن يريد أن يشتغل عليها.
ملاحظة 5: بالنسبة لمن يريد الاشتغال على التدوينة في دراسة أو كتاب، هناك مجموعة من الإصدارات التي لا بد له من الاطلاع عليها، والنهل منها، حتى يغذي الأسئلة التي جاءت في التدوينة، لعلها تكون مغذية أيضاً للأجوبة التي من المفترض أن تأتي في الدراسة أو الكتاب: مثلاً، كتب “المشترك الإنساني”، وهي نادرة في المنطقة للتذكير؛ الكتب التي تشتغل على ثنائية الدولة الوطنية ودولة الخلافة (علي عبد الرازق، عبد الله العروي، وائل حلاق إلخ)؛ رباعية محمد عابد الجابري، وخاصة “العقل السياسي العربي”؛ “نهاية الإيديولوجيا” لدانيل بل، و”نهاية التاريخ” لفوكوياما وثنائية المنجرة وهنتنغتون حول “الحرب الحضارية” أو “صدام الحضارات”؛ “العالمية الإسلامية الثانية” لأبي القاسم حاج حمد؛ أعمال إدوارد سعيد حول فلسطين بالتحديد، وأعمال الأدبيات ما بعد الاستعمار (حميد دباشي الإيراني، فرانز فانون المارتينيكي، غياتري سبيفاك الهندية، وهومي بابا الهندي.. إلخ)
والله الموفق.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=13159