محمد أ كعبور ـ مرشد ديني وباحث في الخطاب والإعلام الديني
تمهيد:
اليوم ؛ وبمناسبة ما تعرفه بلادنا من بدايات العودة تدريجيا للقطاعات العامة والخاصة إثر السيطرة على جائحة كوفيد – 19 ؛ بعد أن تم إغلاق المرافق الدينية مؤقتا من زوايا ومساجد وجوامع ودور العبادة بسبب هذا الوباء اللعين بناء على فتوى المجلس العلمي الأعلى في الموضوع ؛ حفاظا على سلامة وصحة المرتفِق الملتزم بالأداء والحضور المادي والمعنوي بهذه المساجد والإطار الديني المتدخل بالتوجيه والإرشاد والتوعية الدينية وقيادة الإدارة الدينية والأخلاقية والجلسات العلمية والدينية في إطار التبليغ بهدف التأطير للتأثير في المحيط الديني المحلي.
إبلاغ بصدور بلاغ:
صدور بلاغ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول إعادة فتح المساجد تدريجيا عمل لوجيستي بامتياز ؛ يتطلب تجميع القوى والتقاء الشركاء كل من موقعه وحسب اختصاصه وإمكاناته في التدابير التنموية والوقائية والإجرائية والتنظيمية والتحسيسية في السياق الديني المغربي.
يأتي تطبيق إجراءات السلامة الصحية الموصى بها- البروتوكول الصحي – من لدن القطاع الصحي ببلادنا في المرافق العمومية والإدارات ومسارات الولوج إلى المرتَفَق والخروج منه ووسائل النقل العمومية وأماكن التسوق؛ يصدر – مواكبة لبداية هذه العودة التدريجية – بروتوكول العمل الديني الذي أعلنت عنه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والذي تولته المجالس العلمية المحلية تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى، من جانب بسط المضمون الشرعي لموقف الدين من الأوبة والأمراض وحفظ الصحة والأخذ بأسباب ذلك؛ فيما تولته من حيث التنزيل والأجرأة والإشراف والتنفيذ مندوبيات الشؤون الإسلامية بأقاليم المملكة مضافا إليها شقيقاتها المستحدثات والتي مقرها بالجهويات هذه الأخيرة مترجمة بها الوزارة للجهوية المتقدمة في تنزيل لمقتضيات المشروع الملكي الرامي إلى خلق تنمية شاملة؛ للدين فيها دور التوجيه والإرشاد وهو المحرك الأساس للتنمية في الأمة ببلاد الأمة؛ المغرب.
وفي ظرفية كوفيد-19؛ عرف المغرب أفقيا تنمية دينية مثمرة تمثلت في الزخم الكبير من الرقمنة الدينية التي أنتجتها المؤسسة العلمية المحلية والمؤطِّرة للخطاب الديني المتحول من الواقع إلى المواقع فاستمرار فعودة إلى الواقع .
وبعد أن خفف الحجر ثم رُفع؛ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تُخرج بروتوكول إعادة فتح المساجد تدريجيا في مجموع التراب الوطني على غرار قطاعات منتجة وأخرى خدماتية والقطاع الديني خدماتي بامتياز.
إنه البرتوكول الذي جاء بمجموعة من التدابير والإجراءات الاحترازية حفاظا على السير الطبيعي للعمل الديني بالمملكة وضمانَ عودته حضوريا.
وقد جندت ـ الوزارة ـ لذات الغرض أطرها الإدارية والدينية ومساعديهم مركزيا وجهويا وإقليميا في تفاعلها القطاعي على الشكل الذي ـ وأكثر لخصوصية المجال والموضوع في الزمان والمكان والظرفية ـ تسير عليه القطاعات الحكومية وجميع مرافق الدولة في المجال الترابي للجماعات الترابية بالمملكة.
إن اتخاذ قرار قطاعي وزاري في إعادة فتح المساجد في مرحلتين: الأولى سمحت للدخول إلى التي نحن فيها وبالأكيد ستسمح للدخول إلى القادم الأفضل ؛ قرار تاريخي شجاع ينم عن الحس بالمسؤولية المدنية والتاريخية والدينية للمؤسسة الدينية والعلمية ببلادنا.
حتى الآن مساجد المغرب المعنية بالفتح التدريجي ـ المرحلة الأولى ـ تنفيذا لبرتوكول العمل الديني في زمن كورونا أو بلغة الوزارة: برتوكول إعادة فتح المساجد في فترة تخفيف الحجر الصحي إلى رفعه أثبتت نجاعتها وفعاليتها في الالتزام بالإجراءات الاحترازية الموصى بها ؛ ما يعني بأن المغرب و الحمد لله كان مقبلا على المرور إلى مرحلة أخرى من توسيع العمل الديني في الزمان والمكان تحت إجراءات السلامة الصحية المناسبة للظرفية ستقررها الوزارة الوصية بتنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية تنفيذا لبرنامجها .
عودة الخطاب الديني الحضوري: مؤشرات على مبشرات
كنا نتوقع عودة الخطاب الديني الحضوري في المدى الزمني والمكاني بعدما تمت عودة الفعل الديني الأدائي ؛ إقامة الصلوات الخمس ب5000 نقطة دينية .
في سياق التدخل ضد الوباء اللعين واستلهاما من روح خطاب ثورة الملك والشعب ؛ يصدر توجيه من المجلس العلمي الأعلى إلى المجالس العلمية المحلية بالتحرك الحضوري جنبا إلى جنب مع التحرك الرقمي المعمول به منذ فترة الحجر الصحي إلى اللحظة فالنزول إلى الواقع : المؤسسات التعليمية والشارع العام والأسواق الأسبوعية ، بل ارتحل العمل والإرشاد الديني إلى البوادي ثم استؤنفت في ذات السياق دروس الوعظ والإرشاد حضوريا بتلكم النقط الدينية في أقل من خمس دقائق ؛ فرضت عودَتها حالةُ تجديد اليقظة ضد الوباء ؛ وكان مؤشرا قويا على العودة إلى الخطاب الديني الحضوري في مستوى رفيع جدا سيتعزز بإضافة 5000 نقطة دينية المعلن عنها في البلاغ الوزاري الأخير.
وهو ما حصل في أولى الجمع التي عرفت انفجار المرتَفَق الديني ؛ الانفجار هذا ؛ نتيجة عوامل تشوق وتشوف رواد ورائدات المواقع الدينية والنقط الإيمانية إلى استعادة الفرحة الدينية الجماعية التي لم يعيشوها في رمضان ولياليه الإحيائية : صلاةِ التراويح حيث شدو صوت فرسان المحاريب يقرع الأسماع فينسيك الأطماع ؛ ومرت الليلة المباركة في المنازل بسبب ما حل بالناس من النوازل فأعقبها عيد الفطر السعيد فتلاه الحرمان بسبب الخبيث من الأمراض مما عدت له كثير الأعراض فمنع الناسُ من قضاء الأغراض فاستجاب القوم من غير إِعراض فاكتفي فيه بالتعبير بالشوق إلى أم القرى وإلى الحرم النبوي بلزوم الصلاة عليه، فعيد الأضحى حتى إذا جاءت الفريضة بعد الضحى ليوم السادس عشر من شهر عد للعام الشمسي عشر؛ عيد المؤمنين في أرض المسلمين تلكم الجمعة التي مرت في أجواء مفعمة بالجرعات الإيمانية والشحنات الروحية ؛ لموضوع الخطبة فيها الأثر البليغ بشكلها ومدتها وأسلوبها البليغ ليتجدد الخطاب بمكانة المساجد وتعلق المغاربة بها والعمل بها وريادتها مذكرا بظروف الفتح مستحضرا سياق الإغلاق مشيرا إلى ما ينبغي أن يكون عليه الأمر في الحالة هذه على الإطلاق.
دروس الوعظ والإرشاد تعود من جديد ، لكن وفق برتوكول صارم خاضع للشروط التقنية والصحية في إطار رسالة التبليغ التي تقودها المجالس العلمية المحلية ضمن التحسيس بخطورة الوباء والإسهام في تنزيل برنامج تجديد اليقظة بجنب المجتمع المدني واستلهام لروح المبادرة بحسن بادرة.
فانبرى بجميع مكوناته من غير أن يتوارى، فسار وصار يقوم بثورة ضد كورونا مستلهما من خطاب جلالة الملك الأخير حول ثورة الملك والشعب وهي الثورة التي استمرت منذ التأسيس لها أيام المغفور له محمد الخامس واستمرت مع المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما في بناء المغرب الحديث واليوم مع الحفيد والنجل وارثِ سرهما ؛ أميرِ المؤمنين جلالةِ الملك محمدٍ السادسِ نصره الله الذي يسير بالمغرب من التحديث إلى العصرنة.
العمل الديني الحضوري: السياق والأثر
إنه بحق مشروع تلبية الحاجات التأطيرية والخدمات الدينية للمغاربة ، يقوده فريق من المتدخلين الدينيين ـ قادة دينيين ـ عن قرب منهم السادة العلماء والأعضاء والوعاظ والأئمة والخطباء والأئمة المؤطرون والمرشدات الدينيات.
هي إذن ؛ مساع دينية رامية إلى ربط الناس بالالتزام بالتوجيهات الوطنية والدينية التي تصدر عن أمير المؤمنين أعز الله أمره ونصره كما ينصر الدين بمبادراته المتعاقبة.
إن وظيفة هؤلاء القادة الدينيين؛ التأهيل والتأطير للتأثير لتحصل للمواطنات والمواطنين الاستجابة عملا بقول رب العزة : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.
وإنما العلماء يدعون تبليغا وبيانا وتبيينا أداء للأمانة ـ الملقاة على عاتقهم من لدن الإمامة العظمى ـ لما دعا إليه الله تعالى عباده من خلال رسولنا عليه و آله أزكى الصلاة والسلام.
مواصلة المجهودات تنفيذا للعهودات:
واثق أن جهودا جبارة على المستوى المركزي تبذل في سبيل تلبية تلكم الحاجات الدينية للمغاربة في مراحل متقدمة ،وتلك الجهات أكثر الناس حرصا على سلامة وصحة رواد و رائدات المنظومة الدينية ببلادنا. المؤسسات الديينة والعلمية بالمغرب؛ استئمنت تدبير الأمر وقد نجحت في جميع المتخذ من الأعمال حضوريا كما عن بعد حفاظا على الإتمان الديني للمغاربة .
إن الفعل الديني والعلمي بالمغرب يستجيب للحاجات الدينية للمغاربة من : تأطير وتوجيه ووعظ وإرشاد وتبليغ بشكل بليغ وتوفير الخدمات المسجدية والسعي في تحسينها وتجويدها والرقي بها في سبيل راحة رائدات ورواد هذه المساجد المغربية العامرة. كما أنه حريص على حمايتهم من التشويش والقلق الديني وضمان الراحة النفسية والاطمئنان الإيماني بداخلها.
حتى إذا جاء كوفيد _19؛صدر ما صدر مما به الفتوى عن أعلى هيئة علمية للإفتاء ببلادنا في مسعى للحفاظ على الأبدان حتى تقوم الأديان فأُبقي على شعار الإسلام فتوالت الفتاوى مواكبة المناسبة الدينية صلاة التراويح فصلاة العيدين والأمر بقاء الوضع حتى إشعار آخر.
تولى الأمرَ الأمناءُ باقتدار إداري وديني وعلمي ؛ حتى إذا مرت الدول إلى مرحلة إدماج الفيروس داخل النشاط الإنساني فكان المغرب مع الحدث فصدر بروتوكول إعادة فتح المساجد حسب توزيع جغرافي عرف مزيدا من التدقيق والتحقيق علما وتنزيلا ؛ تمثل في إجراءات تقنية وذلك باستقبال للقيمين الدينيين المعنية مساجدهم بالبرتوكول بعد إخضاعهم جميعا للتحاليل المخبرية أكدت جاهزية من أذن لهم للعودة لممارسة العمل الديني كما تم تجهيز مُدخلات المساجد تلكم بمستلزمات كوفيد_19 القياس الحراري ومواد كحولية للتعقيم ورسم التشوير للساجد في هذه المساجد وتم إبلاغ الجميع بالاستعمالات الشخصية مما يدخل في الأداء مما هو بديل عن المتوفر بها سلفا ورسم مسار الولوج إليها والخروج منها وبشكل تدريجي تقدمنا نحو الأمام بكل أمان في العودة إلى الفعل الديني حضوريا مما جرى به العمل في مساجد المملكة لتتلى الأحزاب القرآنية بكرة وأصيلا من لدن الإمام ومن عين لمساعدته وفاء لعمل المغاربة في تلاوة الأحزاب وفق الالتزام بشروط السلامة الصحية مع ما سبق ذلك من مبادرات تكنيس وتعقيم وتهوية تلك النقط الدينية المفتوحة.
تمديد:
هذا؛ وإن الفعل الديني بالمغرب يواصل الأداء وليس القضاء حماية للدين والقيمين عليه والممثلين له وفق منهج أهل السنة والجماعة ووفاء لثوابت الأمة المغربية الدينية منها والوطنية.
صدر التصريح المركزي بخصوص فتح باقي المساجد مع إقامة الجُمع فكان الرد منطقيا وعلانيا وعلنا، وأن الأمر يعود إلى المؤشرات المعلن عنها من لدن وزارة الصحة في تخفيف حدة الوباء أو السيطرة عليه أو رفعه بالمرة وهو مطلب كل مستهدف لطفا من الله بالجميع.
إن المساجد أكثر النقط الحريصة على السلامة: المادية والمعنوية؛ حيث يؤمن البأس إذ التزم المواطنون والمواطنات ـ مشكورين ـ بالبرتوكول الموضوعاتي للمساجد لن نكون بحاجة إلى العريضة من أجل فتح باقي أماكن إقامة النافلة والسنة والفريضة.
بشكل تدريجي يعود المغاربة إلى العمل الديني الحضوري تبعا لعلمائهم قدوتهم ومرشيديهم هداتهم وخطبائهم فقهائهم ووعاظهم داليهم وخطبائهم فقهائهم ومؤذنيهم مناديهم وأئمتهم شفعائهم.
وفق الله المؤتمنين على هذه المساجد المغربية إلى الخير وجعلهم على هدى النبي الهادي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=11391