نشرت الباحثة السعودية سوسن العتيبي، التي ألفت مؤخرا كتابا عن طه عبد الرحمن، رأيا حول الاستفادة من أعمال مؤلف “العمل الديني وتجديد العقل” و”سؤال العنف” وكتب أخرى، معتبرة أنه ما أكثر ما استفادت منه في هذا السياق، لكن هناك انتقادات أيضا. وفي ما يلي، نص الرأي، كما نشرته في صفحتها الرسمية على منصة فيسبوك”
****************************************
سأل أخ كريم سؤالاً مهما، ومن قبل قد بينت وسأبين دائماً، أننا نستفيد من الجميع، ولو “ميشيل فوكو” أكثر إنسان أبغضه. والعدل واجب مع كل أحد، وهذه من أبجديات ما نتعلمه، لأن العلم رزق ولا يهمنا من أي مجال جاء هذا الرزق، وجل العلوم مباحة.
أستفيد من طه نعم، أشيد بما أحسن فيه نعم، أدعو له بالخير دائماً؛ نعم، لا أوافقه في كثير نعم، أخالفه في بعض ما جاء به نعم، أذكر دائما بكلامه هو عن نفسه مراراً: وأن ما يقدمه “اجتهاد”، وليس بالقول الفصل.
وتوجه كثير من الحركات الإسلامية تجاهه السنوات المتأخرة، لو كان حقاً توجهاً واعياً؛ لأخذوا أيضاً بكتابه “سؤال العنف”، الذي يضرب صميم توجهاتهم الكبرى!
مما أخالف فيه طه، مما اتصل بأجل ما أجلّ في الحياة، وهو سبب سؤال الأخ الكريم:
-نعم في اللقاء الأخير، ذكر سيدنا آدم عليه السلام، وما حصل لآدم عليه السلام أمر الله وقدره، وقد وجهنا نبينا صلى الله عليه وسلم لأعظم التوجيه، وكذا القرآن، أن نعتبر، ولا نحكم. ومع ذلك ذكر طه في “دين الحياء” إن لم أهم ثناء بالغاً على آدم عليه السلام، أنه نزل بكامل المعرفة الغيبية في عالم الملكوت.
-لا أتفق مع طه في نظرته وفلسفته لبعض شخصيات وافعال الأنبياء عليهم السلام: آدم، إبراهيم عليهما السلام.
-أستنكر وأتبرا مما ذكره في عدد من الصحابة رضي الله عنهم، ودعوتي له منذ ذلك الحين أن يشرح الله صدره ليعود عما قال، براءة في الدنيا وتوبة أمام الله. وهم عندي بالدنيا كلها، ولو خالفني كل الناس، من أحبهم إليّ ولو أمي -حفظها الله-.
-لا أقرّ بتصنيفه أسماء الله الحسنى إلى أسماء جلال وأسماء جمال، بل هذا نظر من جهته، ليس من اعتقادي الحديث عن الأسماء الحسنى بغير ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، منصوصاً عليه. واعتقادي اعتقاد أهل الحديث المتقدمين، حتى في استعمالهم للمصطلحات أو الألفاظ الشرعية، حتى ابن تيمية على عظيم قدره عندي أخالفه في بعض نظره للمسائل العقدية.
-لطه كامل الحرية أن يفلسف الدين، وعلومه، كما شاء، وأن نستفيد منه بحسب ما نفهمه، ونقدمه، ولا يلزمنا شيء من ذلك أبداً.
في مجالات الاعتقاد سيظهر صوتي، غير ذلك لا يهمني ما يكتب الناس شرقاً وغرباً في أي مجال كان. لكن إن وصلنا للمنطقة الأهم، هنا أتوقف.
طه غير من يتعصب ومن يقرأ لطه، طه رجل حرّ عاقل يدرك ما يكتب، ويتحمل تبعات ذلك كله. أما كيفية استعمال الناس لفلسفته فهذه ربما تكون من الحق المشاع، وهو غير مسؤول عنها إلا بحسب ما غلب الظن أن كلامه مفض إليها.
والله تعالى أعلم.