زعيم الخيرالله
لا أعني بالدَّولَةِ الطبيعيَّةِ تلكَ الدولةُ التي تَنْشَأُ على أساسِ القانونِ الطَّبيعيِّ، وإِنَّما أَعني بها الدولةَ التي تنشأُ نشأَةً طبيعيَّةً، وبعبارة أُخرى: هي تلك الدولةُ التي تنشأ على ارضها وبين شعبها والتي تكون هي افرازاً له، وتكونُ لها حكومةٌ تعبِّرُ عن تطلعاتِ شعبها.
هذهِ هي الدولةُ الطَّبِيعِيَّةُ ، ويقابِلُها الدولةُ المفروضَةُ بقوةِ السلاحِ ، الدولةُ الغريبةُ عن الارض والشعب. الدولَةُ التي اقيمت على ارضٍ ليست لها بقوة الحراب والسلاح والقهر، وفرضت نفسها على شعبٍ لاتمتُّ اليهِ بصلةٍ.
ومثلُ هذهِ الدولَة المفروضة بقوة الحرابِ ، ليسَ لها تاريخٌ متجذرٌ؛ ولذلك تصطنعُ لها تاريخاً من الاساطير والحكايات، وليس لها شعبٌ لذلك تصطنع لها شعباً من شذاذ الافاق من جهات الارض المختلفة الذين ليس لهم تاريخ بالارض التي استوطنوها ولايحسون بالانتماء لها؛ ولذلك يفرون منها بأدنى ازمة اومحنة تمر بهم .
وليس لها اقتصاد نابعٌ من واقعها؛ ولذلكَ يعتمدُ اقتصادُها على المساعدات والهبات والمعونات، هي دولةٌ ليست شبيهةً بالدولة، هي ملصقة الصاقاً ومثبتة بالصمغ الذي سيذوب يوماً ما وتتساقط كل هذه المكونات المفروضة.
الدولةٌ الطَّبيعيَّةُ لاتحتاجُ الى تطبيع ؛ لانها نشأتْ بشكلٍ طبيعي ، فهي ليست غريبة عن ارضها وشعبها. أَمّا الدولةُ المصطَنَعَةُ فهي غريبة عن الارضِ والشعبِ والتاريخ والجغرافيا. هذهِ الدولَةُ المُصطَنَعَةُ هي التي تحتاج الى تطبيع؛ لانها ليست طبيعيَّةً.
الدولةٌ المصطنعةُ هي التي تحتاج الى تطبيع. والتطبيعٌ جريمةً ؛ لانها يجعلُ الامر الشاذَّ والغريب طبيعياً.
مهما فعل المطبعون فلن يستطيعوا حلَّ ازمةِ هذه الدولة ؛ لانَّ ازمتها ازمة بنيوية وجوديّة.
التطبيعُ يعني اسقاطُ كلِّ الحواجزِ بينك وبين العدو واكبر الحواجز هو الحاجز النفسي، فالذي كنا نقول عنه انه عدو اصبح وضعه طبيعياً واصبح صديقاً نبادله المودة. الله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ). الممتحنة: الاية: 1.
ولذلك اقول لامستقبل لدولةٍ مصطنعةٍ مفروضة بقوةِ الحراب، والتأريخُ خيرُ شاهدٍ، فكل القوى الاستعماريّة التي احتلت منطقتنا، ذهبت الى غير رجعةٍ، واصحاب الحق واهل الارض سيعودون.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=16220