زعيم الخيرالله
كانُ اليهودُ يعيشون في بلدانِنا العربِيَّةِ والاسلامِيَّةِ مُعَزَزِينَ مُكَرَمينَ ، لايتعرضُ لهم أَيُّ شخصٍ بأذى، ولم تكن عندنا محاكِمُ تَفتيشٍ تُحاكِمُ على النوايا ، كما حدثَ في اسبانيا مع اليهود والمسلمينَ. لم يتعرض اليهود عندنا الى ابادةٍ في معسكراتِ الاعتقال النازِيَّةِ ، ولم تكنْ هناكَ محارقُ ولامذابحُ ، بل عاشَ اليهودُ بينَنا في أَمنٍ وسلامٍ .
اليهودُ تعرضوا للاضطهادِ والقتل والطرد من البلدان وحملات الكراهية في أُوربا . ومن يقرأ مسرحية “تاجرُ البُنْدَقِيَّةِ” لشكسبير ، وشخصية شايلوك المرابي اليهودي يعرف مزاج الشعوب الأوربيَّةِ تجاه اليهود.
كانَ اليهودُ يُشَكِّلونَ مُشكَلَةً في البلادِ الاوربيَّة. كان دورُهُم دوراً وظيفِيّاً ، كما يقولُ المُفَكِّرُ المِصرِيُّ “عبدالوهاب المسيري” ، دور المرابي الذي يقرض الناس الاموال بفوائد فاحشة. ولما انتهى هذا الدور بظهورِ البنوك والمصارف الاوربية ، فكَّروا أنْ يجدوا لهم دوراً وظِيفِيّاً آخرَ من خلال اقامةِ دولة لهم لتؤدي هذه الدولَةُ دوراً وظيفيّاً آخرَ كما يقول المسيري ، وهذا الدور هو ان تكون دولة اسرائيل ذراعاً وظيفيّاً للدول الاستعماريَّة.
اليهود عاشوا في بلدانِنا كأقلِيّات ولم تكن هناك مشكلة. ليس كلُّ الأقليات عليها أنْ تقيمَ دولَةً لها. هناكَ أَقَلِيّاتٌ كثيرةٌ في العالَمِ موجودة ضمن مُكَوِّناتِ الدُوَلِ الأخرى ، واذا فتحنا المجال لكل الاقليات بأن تقيمَ دُوَلاً فانَّنا بذلك نقومُ بتفكيكِ العالَم.
الأوربيُّونَ لما تخلصُوا من المُشْكِلَةِ اليهوديَّةِ هل هم -فعلاً- قاموا بحلٍ جَذرِيٍّ للمُشكِلَةِ ، أم أنّهم خلقوا مشكلاتٍ لليهودِ ولدول المنطقةِ ، فزادوا المسألَةَ تعقيداً ، فاسرائيل منذُ تأسيسِها عام 1948م حتى اليوم ، هي كيانٌ لاينعم بالاستقرار ؛ لانَّها وجودٌ غيرُ طبيعيٍّ في المنطَقة.
انَّ خلقَ كيان اسرائيل أضافَ الى المنطقة عاملَ توترٍ وعدم استقرار وفجَّرَ صراعاتٍ كثيرةً في المنطقة. وهذا الرأي يشاركنا فيه اليهودُ المعارضون لدولةِ اسرائيل ، فحركة “ناطوري كارتا” والتي تعني “حراس المدينة” ، وهذه الحركةُ هي حركةٌ يهوديَّةٌ ترفضُ الصهيونِيَّةَ بكلِّ أشكالِها وتعارض وجود كيان باسم دولة اسرائيل. وجود اسرائيل الذي اسس على اساطير ومقولات توراتيّةٍ كما يرى روجيه غارودي في كتابه ” الاساطير المؤسسة لدولة اسرائيل” . وهذه الحركة لاتؤمن بقيام دولة لليهود قبل خروج المسيح .
الاوربيونَ حينما تخلصوا من المشكلة اليهوديَّةِ ، فكروا بانفسهم ومصالحهم ، ولكن لم يفكِّروا باليهود انفسهم ، واستقرارهم ، وسلامة وجودهم ، ولم يفكِّروا باستقرار المنطقة الحيويَّةِ حتى بالنسبة لهم ولمصالحهم. كيان اسرائيل وفق المعطيات والحساباتِ الدقيقةِ غير قابل للديمومة ؛ لانَّهُ كيانٌ غير طبيعي ؛ كيانٌ ليس فيه مُقَوِّماتُ الدَّولَةِ من ارض ؛ لان الارض ليست أرضه ، ارضٌ اغتصبت بالقُّوَةِ ، وليس لديه شعب ، بل هم تجمعات من شعوب مختلفة ، كيان غريبٌ عن المنطقةِ واهلها ، فكيفَ يبقى؟ انه يقف اليوم بالدعم الهائل بالمال والسلاح والهجرة .
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20922