محمد أكعبور ـ مرشد ديني باشتوكة أيت باها وباحث في الخطاب والإعلام الديني
ديباجة:
بإصداره لمؤَلف بعنوان: “أصول الاحتفال بالمولد النبوي”؛ يكون المجلس العلمي المحلي لاشتوكة أيت باها قد دخل تجربة جديدة في التبليغ ؛ وهذه المرة على المستوى الأكاديمي وهو مشروع لسلسلة إصدارات لأعمال علمية وبحثية تخدم الثقافة الدينية ببلادنا ؛ الهدف منها الحفر في الذاكرة الدينية للمغرب المعاصر.
وبهدف الحفر الأركيولوجي في الإنتاج العلمي والديني والثقافي بجهة سوس ماسة وتحديدا منطقة اشتوكة أيت باها ؛ الحيز الجغرافي العلمي والديني للمؤسسة العلمية المحلية بحاضرة اشتوكة أيت باها، أصدر المجلس ضمن سلسة ندوات -1- مؤلفا ثانيا موسوما بــ”عناية السوسيين بمختصر خليل” ضمن أعمال الندوة العلمية الإقليمية السنوية 2017 التي دأب المحفل العلمي المحلي لمربَع الحبيب محِب الحبيب على تنظيمها مختارا كل عام لها محورا من المحاور العلمية التي لها علاقة مباشرة بالثوابت الدينية والوطنية للمملكة المغربية.
وذلك في إطار إسهام المجلس في خدمة المشروع المولوي الرامي إلى إحياء البعث العلمي مما له علاقة بالعمل الديني ببلادنا وربط المواطنات والمواطنين بما جرى عليه العمل الديني المغربي، إبرازا لتدين المغاربة ذي خصائص مؤصلة شرعا ومفصلة بحثا وتأليفا وتصنيفا، لتقود المجالس العلمية المحلية المشروع استئنافا ضمن إصلاح الحقل الديني الذي دشنه أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله بالخطاب المرجعي، فأعقبته تدشينات أخرى في المجال الديني همت بالأساس توسيع خارطة تلكم المجالس العلمية المحلية وتعميمها لاحقا على ربوع الوطن.
الإصدار الثاني للمجلس ـ موضوع التقديم والقراءة ـ يحمل على الصفحة الأولى للغلاف هوية بصرية وطنية وهو شعار المملكة المغربية وبطاقة عنونة بالخط المغربي المبسوط ؛ ما يضفي عليه جمالية لتلقي هذا العمل الذي تلقيناه بدورنا بحسن رد واعتبار لما حظي به من حسن الاختيار فألقيناه إليكم – سادتي القراء – وفقا لهذا التقسيم:
1- نظرات عما دعت الحاجة:
هي إذن أعمال علمية لندوة – مضمومة إلى بعضها ضم حبات العقد في حلقة جميلة النسج والمزج- بلغت مدَاها من لدن من أدَّاها تأدية الفريضة التي لا تسقطإلا بالإنجاز وبها المُـؤدي إلى الخير والفضل والثواب يجتاز.
خيرا فعل المجلس في خروجه إلى الناس :المختصين والباحثين والمهتمين بهذا العمل – المؤلف- ويجمُل القول فصلا إذا اصطفى لها ما عرض له مؤلَّف جامعٌ مختصِر لفقه سيدنا مالك الإمام من أحكام جاء بها المصطفى فضمنها تضمينا مجردا غير مخل ولا مقل ولا ممل فصلا فصلافي خيط علمي رفيع وأسلوب أنيق بديع فنثره نثرا وصففه تصفيفا ووثق لها – أحكام – أصلا أصلا.
فالمختصر بما تضمنه من بليغ الفحوى جعله مرجعا في مؤسسات علمية وأكاديمية ومهنية على رأس القائمة مما به الفتوى في الأداء والقضاء.
وقد أشار الشيخ خليل ذو القدر الجليل إلى الأسباب التي جعلته يقدم على الاقتصار على المختصر من أمهات الفقه المالكي مستغرقا أزيد من عشرين حجة من حياته في الاشتغال على الاختصار فعزاها استجابة على طلب وٌجه إليه من قبل جماعة من الفقهاء (ومن باب الصدف اليوم أن يشتغل على ميراث الرجل العلمي باشتوكة أيت باها : الفقهاء والعلماء والأساتذة والأئمة المؤطرون والمرشدات الدينيات والمختصون والباحثون والأكاديميون والطلبة ممن حضروا الدعوة العلمية إجابة)…….
ولا يخفى على البال مما الخاطر به قد جال عناية المغاربة التي لا شبيه لها ولا نظير الغني منهم والفقير عربيو اللسان منهم وأمازيغيوه شرحا وتحشية وتعليقا، بل ونظما حتى بلغ بهم المبلغ الفرح بختمه كما يختم كتاب الله تعالى، ويوصف حافظه بالذكاء الخارق وحفاظه وقراؤه كثر فهو الجامع لما يتلى في المدرسة العلمية العتيقة والمسجد والجامع وقد مدح بقول قائل :
يا قارئا مختصر الخليل****لقد حويت الفقه يا خليلي
اجتمع في النادي كل من تناهي إليه التنادي، فألقت العروض إسماعا بوصفها أداء للفروض فحققت للسامع إمتاعا، وهاهي ستحقق للقارئ إقناعا “فلعل المجلس العلمي [المحلي ] بإقليم اشتوكة أيت باها بتنظيمه أعمال هذه الندوة العلمية وطبع أعمالها ، بالتفصيل والبيان السالفة وغيرها من الدوافع الداعية لبحث هذا الموضوع ، كما سيسهم في رفع اللثام عن جزء من تاريخ علاقة السوسين بمختصر الإمام خليل واعتماده في التدريس والإفتاء والقضاء”.
2- الإشارات ممن حمل الشارات:
افتتحت الندوة/ المؤلف بما تلي فيها من كلمات الله التامات ليبدأ أداء المَهمات لكن بعد رفع الإشارات ممن حمل الشارات فأذن له في القول أدبا وصوابا.
فتحدث فضيلة الدكتور الحسن الرغيبي رئيس المجلس العلمي المحلي لاشتوكة أيت باها مبرزا “مكانة المختصر في الدرس الفقهي السوسي مذكرا بالعلماء السوسيين الذين تخصصوا في دقائقة (مختصرا الكلام فيما خٌصص له من دقائقه) شاكرا المحاضرين والوافدين على السواء ضيوفا مئين منوها بحسن التنسيق بين المجلس ومندوبية الشؤون الإسلامية بالإقليم وبعبارة مختارة بما تحمله الإشارة من التعبير عن السرور والبشارة و”بقلوب ملؤها المحبة ، وأفئدة تنضب بالمودة ، وكلمات تنقب عن روح الأخوة ، نقول لكم: أهلا وسهلا بكم في ربوع اشتوكة أيت باها في عاصمة الإقليم [بيوكرى] بقلوبنا قبل حروفنا بكل المحبة والمودة، نحييكم لتشريفكم لنا في هذا اللقاء العلمي ، فأهلا بكم عطرا ينثر شذاه في كل الأرجاء.
وبعد فإيمانا من المجلس العلمي المحلي لاشتوكة أيت باها بما أولاه علماء سوس لمختصر خليل من عناية شرحا وتحشية وتدريسا وترجمة واعترافا بالجميل لدورهم في خدمة المذهب المالكي في هذا القطر من بلدنا العزيز؛ تأتي هذه الندوة العلمية المباركة الموسومة ب” عناية السوسيين بمختصر خليل”.
…….ولئن كان لعلماء سوس نصيبهم في هذا الاهتمام ؛ فإن المصادر التاريخية تذكر أن تداول المختصر في المحاضر العلمية السوسية بدأ مبكرا …….
إن تتبع اهتمام السوسيين بالفقه عامة وبالمختصر الخليلي خاصة لا تكفيه ندوة أو ندوتان ، لذلك نأمل من الله أن تكون أعمال هذه الندوة فاتحة خير للمباحثة حول تاريخ سوس العلمي.
فأعقبه في القول – تذكيرا لا مما تحقق للمختصر لدى السلف فتولاه عنهم الخلف في سياق جديد وفريد مما يبقيه في الأجيال مديدا وبه يصير القول سديدا – فضيلة الدكتور محمد أيت محند مندوب الشؤون الإسلامية بالإقليم شاكرا الأسماع القادمة من كل الأصقاع من داخل الجهة وخارجها “مبرزا مدى أهمية المختصر في البرنامج التعليمي للمدارس[ العلمية] العتيقة معتبرا إياه أحد المؤلفات التي ساهمت في بناء شخصية فقهية مغربية صالحة تستمد هويتها من حضارة الأمة المغربية ….إذ لا يخفى أن لأهل سوس قدما راسخة في مختلف العلوم والفنون عامة.
إن منطقة سوس تزخر بجملة من المدارس [العلمية] العتيقة الرائدة فقد عرف التعليم العتيق بها تطورا هاما واكبته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فأقرت جملة من المتون الأصلية المدرسة بها، وسعت إلى تحديث المدرسة [ العلمية] العتيقة على مستوى المناهج، أو من خلال الكتب التي تصدرها، وفي هذا الصدد ووعيا منها بأهمية المختصر الخليلي ؛ فقد أصدرت الوزارة كتاب الفقه في مختصر الشيخ خليل بشرح الدردير وحاشية الدسوقي لفائدة التعليم الثانوي العتيق”.
عودة على الديباج بكل ابتهاج:
إن عملا كهذا الذي قام به المجلس العلمي المحلي لاشتوكة أيت باها وهو الإصدارات العلمية المتعاقبة ليجد صداه في كونه أن المجلس أسهم في إثراء رف من المكتبة المغربية والخير قادم في العاقبة العاجلة غير الآجلة، فجريا على هذه السنة العلمية العملية ؛ سيكون للقارئ الكريم موعد مع منجز علمي آخر وهو: القرءات القرآنية باشتوكة أيت باها: المدارس المصنفات والأعلام، وكذا: مرتكزات الحفاظ على نظام الشرط وأثرها في ترسيخ الأمن الروحي.
وسيسعى المجلس بلا شك إلى إخراج هذه العروض العلمية مصفوفة ملفوفة بثوب من الحرير بعد أن يخضعها للتحرير مهداة إلى المكتبة الوطنية المغربية في خدمة منه للثقافة الدينية والعلمية التراثية ببلدنا.
حينها سأكون من جديد على موعد مع القراء في تقديم لهذه الأعمال المنتظرة أحدا بأحد، فإلى أن يجود الزمان بمثل هذين المولودين المتعاقبين دامت لكم لذة القراءة ومسرة الكتابة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=10762