1 أبريل 2025 / 10:32

“المراهقة”: مسلسل يثير قلقا وطنيا في بريطانيا

استقبل أخيرا رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، صناع مسلسل “المراهقة” الذي عرض على منصة نتفليكس، في لقاء استثنائي جمع بين الفن والسياسة، لمناقشة التأثيرات المتصاعدة للمحتوى الرقمي على سلوك المراهقين، وتحديدا ما يتعلق بخطاب الكراهية وكراهية النساء عبر الإنترنت.

وقال رئيس الوزراء خلال الاجتماع إنه تابع العمل مع زوجته وطفليه، وأقر بأن المشاهدة لم تكن سهلة، لا سيما بالنسبة له كأب، وأشار إلى أن التهديدات التي كان يعتقد أنها تترصد الشباب في الخارج، أصبحت اليوم تتسلل إلى غرف نومهم عبر الشاشات، واصفا ذلك بـ”الخطر الأكبر”.

وأثنى على الحوار الذي بدأه صناع المسلسل، معتبرا أنه يفتح ملفا معقدا لا يمكن حله بإجراءات حكومية معزولة، بل يتطلب جهدا ثقافيا جماعيا.

ويعد مسلسل “المراهقة” من أبرز الأعمال التي أثارت جدلا واسعا في الأوساط البريطانية خلال الأيام الأخيرة، بعدما تصدر قائمة المشاهدات على نتفليكس وحقق 24.3 مليون مشاهدة خلال أربعة أيام فقط.

المسلسل الذي لا يتجاوز أربع حلقات، يدور حول “جيمي ميلر”، فتى في الثالثة عشرة يتهم بقتل زميله، ويقدم عبر سرد مكثف وأسلوب إخراجي جريء، حيث صورت كل حلقة بلقطة واحدة مستمرة.

ورغم افتقار العمل إلى مشاهد الحركة والانفجارات التقليدية، إلا أنه يخلق توترا نفسيا عميقا من خلال حوارات طويلة، وعلاقات أسرية مأزومة، وتساؤلات مخيفة حول العنف الصامت الكامن في المراهقة.

ويسلط الاهتمام الحكومي بالمسلسل الضوء على ظواهر مقلقة باتت تؤرق مؤسسات الدولة، من بينها استقطاب المراهقين إلى جماعات “الإنسيل” أو “العزوبية القسرية”، وهي مجموعات ذكورية متطرفة تنشط عبر الإنترنت وتبث خطابا يحرض على كراهية النساء والعنف ضدهن.

وقد حذر تقرير سابق من ارتفاع عدد زوار مواقع هذه المجتمعات في المملكة المتحدة إلى أكثر من 600 ألف زيارة شهريا، بعضهم من فتيان لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما.

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الحكومة أن نتفليكس ستتيح عرض المسلسل مجانا في جميع المدارس الثانوية، في محاولة لاستخدامه كأداة تربوية لتحفيز النقاشات حول كراهية النساء، والتطرف الرقمي، وأهمية بناء علاقات صحية في سن المراهقة.

وفي ظل تزايد الدعوات لرفع سن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من 13 إلى 16 عاما، يبدو أن مسلسل “المراهقة” لم يكتف بإثارة إعجاب النقاد، بل فرض نفسه مادة للنقاش السياسي والثقافي، ومرآة تعكس قلقا جماعيا من جيل ينشأ في عزلة رقمية، ويواجه موجات خفية من التأثير والتطرف، غالبًا دون أن يلحظ أحد.

هكذا، تحول “المراهقة” من مجرد مسلسل درامي إلى وثيقة ثقافية تحرض على إعادة التفكير في علاقة المراهق بالتكنولوجيا، وتدفع نحو مساءلة واسعة: كيف يمكن حماية الاطفال من عالم بات الخطر فيه أقرب مما نعتقد؟