25 أكتوبر 2025 / 09:30

المجلس العلمي الأعلى يصدر فتوى شاملة حول أحكام الزكاة في المغرب

أصدر المجلس العلمي الأعلى، بتوجيه من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، رئيس المجلس، فتوى شرعية مفصلة حول أحكام الزكاة، تضمنت بيانا شاملا لأنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقاديرها، وشروط إخراجها، والمستحقين لها، وفق المذهب المالكي.

وجاء في مقدمة الفتوى أن المجلس العلمي الأعلى يتشرف برفع أسمى عبارات الولاء والامتنان إلى جلالة الملك، مشيرا إلى أن هذا التوجيه المولوي الكريم يندرج في صميم حماية الدين وبيان أركانه، ويتزامن مع تخليد مرور خمسة عشر قرنا على ميلاد الرسول الكريم ﷺ، الذي بلّغ أركان الإسلام وفي مقدمتها الصلاة والزكاة.

وأكد المجلس أن الهدف من الفتوى هو توضيح أحكام الزكاة لمن تجب عليهم، وأن العلماء أدوا من خلالها واجبهم في التبليغ، مبرزين أنها تشمل بيان الأموال الخاضعة للزكاة، ونصابها، ومقدار الواجب إخراجه، ومصارفها الشرعية، مع اعتماد المذهب المالكي أساسا.

كما أوضح المجلس أنه سيظل مواكبا لتطور الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة باجتهاد مفتوح، مع تمكين من لديهم حالات خاصة من توجيه أسئلتهم عبر موقع إلكتروني سيعلن عنه لاحقا.

وبيّنت الفتوى أن الفرق بين الزكاة والضريبة يكمن في أن الأولى عبادة مالية يخرجها المسلم امتثالاً لأمر الله تعالى وتصرف في مصارفها المحددة شرعًا، بينما الضريبة تؤخذ من المواطنين مقابل الخدمات العامة التي تقدمها الدولة.

الأموال والقطاعات المشمولة بالزكاة

حددت الفتوى القطاعات التي تشملها الزكاة في ثمانية مجالات رئيسية هي: الفلاحة، الماشية، منتجات الفلاحة غير الحبوب، الغابات، الصيد، التجارة، الصناعة، والخدمات، مع الاستئناس بـ”التصنيف المغربي للأنشطة الاقتصادية” الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط.

وفي قطاع الفلاحة، أوجبت الفتوى الزكاة في الحبوب والثمار إذا بلغت النصاب وهو 653 كيلوغراما، بالعشر إذا سقيت بماء المطر أو بنصف العشر إذا كانت تسقى بمجهود. أما المنتجات الموجهة للتجارة فتزكى بنسبة 2.5% من قيمتها.

وفي قطاع الماشية، حددت الفتوى نصاب الإبل بخمسة رؤوس، والبقر بثلاثين، والغنم بأربعين رأسًا، مع جداول تفصيلية تبين المقدار الواجب إخراجه في كل حالة، وأجازت إخراج زكاتها نقدا وفق سعر السوق.

نصاب الزكاة وتقديره

أوضحت الفتوى أن نصاب النقود والعروض يعادل قيمة 85 غراما من الذهب أو 595 غراما من الفضة، مقترحة اعتماد الفضة في التقويم بقيمة تقريبية تبلغ 7438 درهما مغربيا، مع جواز اعتماد الذهب بحسب سعره.

زكاة التجارة والصناعة والخدمات

شملت الفتوى مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية، مؤكدة وجوب الزكاة فيها بنسبة 2.5% بعد خصم تكاليف التسيير والإنتاج. وشملت الأنشطة المشمولة الخدمات الصحية والبنكية والتأمينية والطاقية والإعلامية والاستشارية والفنية وغيرها من المداخيل المهنية.

وفي ما يخص الأجور، أوضحت الفتوى أنه يمكن إخراج الزكاة عنها إذا بلغ الدخل النصاب بعد خصم النفقة الشهرية الدنيا المقدرة بالأجر الأدنى الرسمي بالمغرب (3266 درهما). وقدمت الفتوى مثالا حسابيا لتوضيح ذلك.

زكاة الديون ومواقيت الإخراج

بيّنت الفتوى أن الديون المرجوة تُزكى عند قرب حلول الحول أو عند قبضها، بينما الديون غير المرجوة لا تزكى إلا بعد استيفائها. كما أكدت أن الزكاة تجب بعد مرور عام كامل على المال في أغلب الأوعية المالية، باستثناء الزروع التي تزكى عند الحصاد، والمعادن التي تزكى عند استخراجها.

مصارف الزكاة

أعادت الفتوى التذكير بالمصارف الثمانية المحددة في قوله تعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ…» [التوبة: 60]، موضحة أن أولوية الزكاة هي سد حاجات الفقراء والمساكين. كما بيّنت أن أصناف العاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب لا تنطبق على السياق الحالي، وأن الزكاة لا تعطى لمن تجب نفقته على المزكي كالوالدين والأبناء الصغار والزوجة.

واختتم المجلس فتواه بالتأكيد على أن الزكاة ركن من أركان الإسلام الكبرى، ووسيلة لتطهير المال والنفس، مصداقًا لقوله تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»، داعيا إلى الالتزام بأداء هذه الفريضة في إطار من الوعي الديني والمسؤولية الاجتماعية.