13 يوليو 2025 / 11:32

المثقفون والسجال السني الشيعي: في الحاجة إلى الإنصاف

عبد الله القيسي

هناك غياب للدقة والإنصاف في كثير من مقاربات المثقفين العرب لمسألة السجال السني الشيعي، فغالباً ما يلجؤون إلى توزيع اللوم على الطرفين بالتساوي، في محاولة لتقديم صورة “محايدة”، لكنها في الحقيقة تُهمل الحقائق والوقائع والتفاصيل على الأرض.

فالخطاب السني العام تجاوز – في معظمه – كثيرًا من الإشكالات التاريخية، ولم تبقَ ملامح التوتر فيه إلا في نطاق محدود وفئات قليلة، بينما يشهد الخطاب الشيعي تصاعداً ملحوظاً في التجييش والإثارة، خاصة بعد أن وُفِّرت له البيئة الحاضنة في عدد من بلدان المنطقة.

هذا التصاعد المستمر أثّر في الشارع السني، وأحدث نوعًا من ردود الفعل، بعضها بدأ بالتصاعد بدوره، رغم بقائه ضمن نطاق أضيق. وربما يحمل هذا التصاعد بوادر توازن، لأنه قد يُفرز خطابًا سنيًا أكثر وعيًا وتوازنًا، ينهل من القرآن الكريم وينفض الأوهام الطائفية، بعد أن فرض الخطاب الشيعي سقفًا عاليًا من التشيع ورفض أي خطاب لا يحمل في طياته بذور التشيع.. فقد كانوا يبالغون في طرحهم ثم يفاوضون على ما دونه، وهو تكتيك لا يمكن تجاوزه إلا عبر تفكيك هذا البناء من أساسه.

إن تجاوز هذا الإرث لا يكون عبر الحياد الزائف، بل عبر مواجهة الخطاب المتشنج ونقض مكوناته، حتى يدرك الطرف الذي ما يزال يصب الزيت على النار أن الاستمرار في هذا المسار لا يورّث إلا التوتر والردود المقابلة.

فإذا أردنا نقد الظاهرة، فلا بد أن نضع الإصبع على موضع الألم الحقيقي، لا أن نساوي بين من يثير الصراع ومن يردّ عليه، لأن المراوغة في تحديد المسؤوليات تُبقي النار مشتعلة، وتُغذيها من حيث نظن أنها تُطفئها.