د. يوسف الحزيمري
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِنَّ كُلَّ مُؤَدِّبٍ يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى أَدَبُهُ، وَإِنَّ أَدَبَ اللَّهِ الْقُرْآنُ»[ فضائل القرآن – أبو عبيد (ص51)]
يحدثنا القرآن الكريم عن وصية إبراهيم عليه السلام لبنيه، وعن وصايا لقمان لابنه، تأكيدا لأهمية وصية الآباء لأبنائهم بالتعليم والتأديب على الاعتقاد الصحيح، والأخلاق الحسنة الفاضلة، والسير على الطريق المستقيم الذي وضحه الله عز وجل في كتابه، للفوز بخيري الدنيا والآخرة.
ﻭللأﺧﻼﻕ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻭﻣﻜﺎﺭﻡ اﻵﺩاﺏ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺳﻨﻴﺔ ﺳﺎﻣﻘﺔ، ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻋﻠﻮ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: ((ﺇﻧﻤﺎ ﺑﻌﺜﺖ ﻷﺗﻤﻢ ﺻﺎﻟﺢ اﻷﺧﻼﻕ)) ﻭﻓﻲ ﻟﻔﻆ: ((ﺇﻧﻤﺎ ﺑﻌﺜﺖ ﻷﺗﻤﻢ ﻣﻜﺎﺭﻡ اﻷﺧﻼﻕ)).
ﻭﻓﺮﺽ اﻟﺸﺎﺭﻉ اﻟﺤﻜﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺑﺎء ﺗﺄﺩﻳﺐ اﻷﺑﻨﺎء ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﺟﻤﻴﻞ اﻟﺨﺼﺎﻝ ﻟﻴﻜﻤﻞ ﻧﻔﻌﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﺭﺑﻨﺎ (ﺟﻞ ﺛﻨﺎﺅﻩ): {ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﻗﻮا ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻭﺃﻫﻠﻴﻜﻢ ﻧﺎﺭا ﻭﻗﻮﺩﻫﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻭاﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻏﻼﻅ ﺷﺪاﺩ ﻻ ﻳﻌﺼﻮﻥ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﺆﻣﺮﻭﻥ}[ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ:12].
ﻗﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﻭاﺣﺪ: ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺫﻛﺮﻩ-: {ﻗﻮا ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻭﺃﻫﻠﻴﻜﻢ ﻧﺎﺭا}، ﺃﻱ: ﻋﻠﻤﻮﻫﻢ ﻭﺃﺩﺑﻮﻫﻢ.
ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ((ﻣﺎ ﻧﺤﻞ ﻭاﻟﺪ ﻭﻟﺪا ﻣﻦ ﻧﺤﻞ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ أدب حسن)).
ومن ثم كان للمعلمين والمؤدبين مكانة عالية في المجتمع الإسلامي، إذ يحظون بالتقدير والاحترام، لما يؤدونه من عمل عظيم في مشاركة الآباء في تربية الأولاد وتأديبهم، وتعليمهم مهارات تعينهم في حياتهم، وهم في هذا العمل لا يخلوا أمرهم من التجاوز أحيانا في التأديب، وقد يؤدي الأمر إلى ما لا يحمد عقباه، ومن ثم عالج الفقهاء هذا الأمر تحت مسمى (جناية معلم الكتاب) كما في كتاب الأم للإمام الشافعي رحمه الله، كما عالجوا أمورا أخرى تتعلق بمعلم الكتاب من حيث الأجرة وغيرها.
وفي تعريف المعلم أو المؤدب يقول الجاحظ: “ﺇﻧﻤﺎ اﺷﺘﻖ اﺳﻢ اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ، ﻭاﺳﻢ اﻟﻤﺆﺩﺏ ﻣﻦ اﻷﺩﺏ. ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ اﻷﺻﻞ، ﻭاﻷﺩﺏ ﻫﻮ اﻟﻔﺮﻉ.
ﻭاﻷﺩﺏ ﺇﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻭﺇﻣﺎ ﺭﻭاﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﻃﻠﻘﻮا ﻟﻪ اﺳﻢ اﻟﻤﺆﺩﺏ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮﻡ.
ﻭاﻟﻌﻠﻢ ﺃﺻﻞ ﻟﻜﻞ ﺧﻴﺮ، ﻭﺑﻪ ﻳﻨﻔﺼﻞ اﻟﻜﺮﻡ ﻣﻦ اﻟﻠﺆﻡ، ﻭاﻟﺤﻼﻝ ﻣﻦ اﻟﺤﺮاﻡ. ﻭاﻟﻔﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺯﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﺨﻴﺮﻳﻦ، ﻭاﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﻘﺺ اﻟﺸﺮﻳﻦ”[1].
ونظرا لأهمية المعلم أو المؤدب في تعليم الأولاد وتأديبهم، اهتم السلاطين والأمراء والوجهاء بانتداب مؤدبين لأولادهم، تمهيدا لهم لسياسة شؤون الدولة، وتأهيلهم للمهام الصعبة، وهذا كان في الأمم السابقة حتى من غير العرب والمسلمين، ففي كتاب (كليلة ودمنة) في ﺑﺎﺏ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ ﺗﺮﺟﻤﺔ (ﺑﺰﺭﺟﻤﻬﺮ ﺑﻦ اﻟﺒﺨﺘﻜﺎﻥ) ﻗﺎﻝ ﺑﺮﻭﺯﻳﻪ ﺭﺃﺱ ﺃﻃﺒﺎء ﻓﺎﺭﺱ: ﺃﺑﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻲ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎء ﺑﻴﻮﺕ اﻟﺰﻣﺎﺯﻣﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﺸﺌﻲ ﻓﻲ ﻧﻌﻤﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻛﺮﻡ ﻭﻟﺪ ﺃﺑﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ؛ ﻭﻛﺎﻧﺎ ﺑﻲ ﺃﺷﺪ اﺣﺘﻔﺎﻇﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺇﺧﻮﺗﻲ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﺑﻠﻐﺖ اﻟﺴﺒﻊ ﺳﻨﻴﻦ، ﺃﺳﻠﻤﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺆﺩﺏ؛ ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺬﻗﺖ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﺷﻜﺮﺕ ﺃﺑﻮﻱ؛ ﻭﻧﻈﺮﺕ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ اﺑﺘﺪﺃﺕ ﺑﻪ ﻭﺣﺮﺻﺖ ﻋﻠﻴﻪ، ﻋﻠﻢ اﻟﻄﺐ: ﻷﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻋﺮﻓﺖ ﻓﻀﻠﻪ. ﻭﻛﻠﻤﺎ اﺯﺩﺩﺕ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻤﺎ اﺯﺩﺩﺕ ﻓﻴﻪ ﺣﺮﺻﺎ، ﻭﻟﻪ اﺗﺒﺎﻋﺎ. ﻓﻠﻤﺎ ﻫﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻤﺪاﻭاﺓ اﻟﻤﺮﺿﻰ، ﻭﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺁﻣﺮﺗﻬﺎ ﺛﻢ ﺧﻴﺮﺗﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻮﺭ اﻷﺭﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﺮﻏﺒﻮﻥ، ﻭﻟﻬﺎ ﻳﺴﻌﻮﻥ. ﻓﻘﻠﺖ: ﺃﻱ ﻫﺬﻩ اﻟﺨﻼﻝ ﺃﺑﺘﻐﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻲ؟ ﻭﺃﻳﻬﺎ ﺃﺣﺮﻯ ﺑﻲ ﻓﺄﺩﺭﻙ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﺟﺘﻲ؟ اﻟﻤﺎﻝ، ﺃﻡ اﻟﺬﻛﺮ، ﺃﻡ اﻟﻠﺬاﺕ، أم الآخرة؟”[2].
وفي العرب كانوا يرسلون أولادهم إلى البادية للرضاعة، حتى يتعودوا خشونة العيش وفصاحة اللسان، وهذا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال فى خلافته لأبى ابن كعب الأنصاري: إني قرأت هذه الآية: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ … » إلى آخر الآية: فوقعت مني كل موقع، والله، إني لأضربهم وأعاقبهم. فقال له أبي بن كعب- رحمه الله-: إنك لست منهم إنك مؤدب معلم”[3].
وكان الملوك من الأمويين والعباسيين وغيرهم من خلفاء المسلمين في أرض الإسلام يخصصون لأولادهم أعلم وأمهر المؤدبين، ممن يتحلون بالعلم والصبر والحكمة في التعليم والتأديب.
وأوصى عبد الملك بن مروان مؤدب ولده فَقَالَ: إني قد اخترتك لتأديب ولدي وجعلتك عيني عليهم وأميني، فاجتهد فِي تأديبهم ونصيحتي فيما استنصحتك فيه من أمرهم، علمهم كتاب اللَّه عز وجل حَتَّى يحفظوه وقفهم عَلَى مَا بين اللَّه فيه من حلال وحرام حَتَّى يعقلوه، وخذهم من الأخلاق بأحسنها، ومن الآداب بأجمعها، وروهم من الشعر أعفه، ومن الحديث أصدقه، وجنبهم محادثة النساء، ومجالسة الأظناء، ومخالطة السفهاء، وخوفهم بي، وأدبهم دوني، ولا تخرجهم من علم إِلَى علم حَتَّى يفهموه، فإن ازدحام الكلام فِي السمع مضلة للفهم، وأنا أسأل اللَّه توفيقك وتسديدك، ثُمَّ أسمى له الرزق، وبدأه بصلة حسنة”[4]
وهذا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ، مفتي الْمَدِينَة من أَعْلَام التَّابِعين لَهُ شعر جيد، وَهُوَ مؤدب عمر بن عبد الْعَزِيز. قَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة عَالما فَقِيها كثير الحَدِيث مَاتَ بِالْمَدِينَةِ 98هـ”[5]، وكان “صالح بن كيسان، المدني، أبو محمد، أو أبو الحارث، وهو ثقة، ثبت، فقيه، من الرابعة، مات سنة 130هـ مؤدبا لأبناء عمر بن عبدالعزيز”[6].
وانتقل الكسائي ﺇﻟﻰ ﺑﻐﺪاﺩ، ﻭاﺗﺼﻞ ﺑﺎﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﻴﻦ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ اﻟﻤﺆﺩبين ﻷﺑﻨﺎء اﻟﺨﻠﻔﺎء، ﻭﻛﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻤﻠﻪ ﻫﺬا، ﻳﻘﺮﺉ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻳﻌﻠﻤﻬﻢ اﻟﻨﺤﻮ ﻭاﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاﺩ.
وقد كان المفضل الضبيّ مربيا من جهة، وعالما لغويا من جهة أخرى، فهو مؤدب الخليفة العباسي المهدي بناء لطلب من أبيه أبي جعفر المنصور[7].
فإذا كان هذا ديدن الخاصة وخاصة الخاصة، في انتداب المؤدبين لأولادهم، فإنه كان في العامة أيضا، بل كانوا يرسلونهم ويأمرونهم بتعلم الأدب قبل العلم فقد ﺃﺧﺮج اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ (ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ) ﻓﻲ “اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻃﺈ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭاﻷﺳﺎﻧﻴﺪ” ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻭﻳﺲ ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺧﺎﻟﻲ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ (ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ) ﻳﻘﻮﻝ: ((ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻲ ﺗﻠﺒﺴﻨﻲ اﻟﺜﻴﺎﺏ، ﻭﺗﻌﻤﻤﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺻﺒﻲ، ﻭﺗﻮﺟﻬﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻤﺪﻧﻲ، ﻭﺗﻘﻮﻝ: ((ﻳﺎ ﺑﻨﻲ! اﺋﺖ ﻣﺠﻠﺲ ﺭﺑﻴﻌﺔ، ﻓﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺳﻤﺘﻪ ﻭﺃﺩﺑﻪ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻭﻓﻘﻬﻪ))[8].
إن المعلم أو المؤدب له جاه عظيم عند الله، وفضل كبير داخل المجتمع، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ»[9]
قال ابن قيم الجوزية: “فإنَّ معلِّمَ الناس الخيرَ لمَّا كان مُظْهِرًا لدين الربِّ وأحكامه، ومعرِّفًا لهم بأسمائه وصفاته، جعَل الله مِن صلاته وصلاة أهل سماواته وأرضه عليه ما يكونُ تنويهًا به، وتشريفًا له، وإظهارًا للثناء عليه بين أهل السماء والأرض”[10].
وقد التصقت صفة المؤدب أو المعلم بكثير من العلماء في كتب التاريخ والتراجم والرجال، وأكرم بها من صفة، كما أطر العلماء في تراثنا الإسلامي العلاقة التي بين المعلم والمتعلم فقها وأحكاما، والآداب التي ينبغي أن يتحلى بها كل واحد منهما، وإن نظرة في فهارس الكتب والأدلة تمنحنا عناوين كثيرة نذكر بعضا منها على وجه بيان المكانة المتميزة، والدور العظيم للمؤدب:
آداب العالم والعلّم، محمد بن علي بن الحسن بن بشير أبو عبد اللَّه الحكيم الترمذي المحدّث الحافظ الصوفي الزاهد المعروف بالحكيم الترمذي المتوفي في حدود سنة (320هـ) في التربية، نشرت في القاهرة 1358. [11]
رياضة المتعلمين، أحمد بن محمد بن إسحاق ابن السني (تـ364هـ)[12].
العالم والمتعلم، ميمون بن محمد بن محمد، أبو المعين النسفي (تـ508ه)[13]
تعليم المتعلم طريق التعلم، برهان الدين الزرنوجي، عاش بين منتصف القرن السادس و الثلث الأول من القرن السابع.
آداب المتعلمين – في التربية، محمد بن محمد بن الحسن أبو جعفر نصير الدين الطوسي الفقيه الإمامي الحكيم الفيلسوف الصوفي المتكلّم الرياضي المهندس الفلكي الطبيب المنطيقي الشاعر، المعروف بالطوسي المتوفي ببغداد سنة (672هـ)[14]
“تذكرة السامع والمتكلم، في آداب العالم والمتعلم” لبدر الدين بن جماعة، محمد بن إبراهيم بن سعد الله (تـ 733هـ)[15].
إرشاد الطالبين في تعليم المتعلمين= ترجمة تعليم المتعلّم للزرنوجي (ت)، عبد المجيد بن نصوح بن إسرائيل اللّادكي الآماسي الرومي العثماني الفقيه الحنفي المفسّر المدرّس القاضي، المربّي لأولاد السلطان بايزيد الثاني في الآماسيه، الصوفي الزيني المتوفي بطوسيه سنة 996/ 1588 وفي رواية 973 هـ وفي البعض 960 هـ[16]
“آداب الصبيان” و”آداب المتعلمين” لأحمد بن علي نظام الدين الكيلاني الحكيم الفيلسوف المنطقي الطبيب الصوفي المعروف بحكيم الملك المتوفى بعد سنة 1155/ 1742 [17]
ترغيب المتعلمين- في الأخلاق، محرم بن بير محمد بن مزيد القسطموني الرومي العثماني ربما عاش في القرن 12 – 13 هـ[18]
وكان لعلماء الغرب الإسلامي سهم في هذا المضمار، فألفوا فيه فأجادوا وأفادوا منها:
الرسالة المفصّلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين، علي بن محمد بن خلف أبو الحسن المعافري القيرواني القابسي الفقيه المالكي المحدث الحافظ الأصولي المتكلم المعروف بابن القابسي وأيضًا بالمعافري المتوفى بالقيروان سنة (403هـ) .
القانون في أحكام العلم وأحكام العالم وأحكام المتعلم، لأبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي(ت1102ه)، وهو مطبوع.
بلوغ أقصى المرام في شرف العلم وما يتعلق به من الأحكام، للعلامة أبي عبد الله محمد بن مسعود الطرنباطي الفاسي (تـ1214هـ)، طبعته الرابطة المحمدية للعلماء.
سراج طلاب العلوم، نظم العلامة العربي بن عبد الله بن أبي يحيى المساري المغربي المتوفى سنة 1240ه، وهو مطبوع.
الابتهاج بنور السراج، وهو شرح العلامة المحقق أحمد بن المأمون أحمد بن المأمون البلغيثي العلويّ الحسني، أبو العباس (تـ 1348هـ)، على سراج طلاب العلوم، وهو من أجمل ما كتبه المغاربة في آداب العلم والتعلم.
مغري الناظر والسامع على تعلم العلم النافع، للشيخ أبي عبد الله سيدي محمد مصطفى ماء العينين الشنقيطي (ت 1328هـ) مطبوع.
وفي هذا القدر كفاية، ولعلها بذرة تحتاج مزيدا من البحث والتنقيب، ومن أراد الاستزادة فلينظر كتاب (آداب العالم والمتعلم في التراث العربي والإسلامي)، للدكتور فاضل عباس علي النجادي، طبع دار القلم دمشق، ومقال: (معجم ما ألف عن طلب العلم) بقلم : عبد الإله الشايع، موجود على النت، ومقال: (جرد لبعض المؤلفات في آداب طالب العلم)، بقلم: د. محمد بن علي اليــولو الجزولي، منشور على موقع الرابطة المحمدية للعلماء.
ــــــــــــــــــ
الهوامش:
1 ـ الرسائل الأدبية، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ (ت 255هـ)، الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت، الطبعة: الثانية، ١٤٢٣ هـ (ص:203)
2 ـ كليلة ودمنة، عبد الله بن المقفع (ت 142 هـ) (ترجمة لكتاب الفيلسوف الهندي بيدبا)، الناشر: المطبعة الأميرية ببولاق – القاهرة، 1937م، الطبعة: السابعة عشرة 1355هـ – 1936م، (ص74).
3 ـ تفسير مقاتل بن سليمان، أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخى (ت ١٥٠هـ)،المحقق: عبد الله محمود شحاته، الناشر: دار إحياء التراث – بيروت، الطبعة: الأولى – 1423هـ، (3/ 507).
4 ـ أنساب الأشراف للبلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (ت 279هـ)، تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي، الناشر: دار الفكر – بيروت، الطبعة: الأولى، 1417هـ – 1996م (7/ 207).
5 ـ تأويل مختلف الحديث (ص154)
6 ـ تقريب التهذيب 150
7 ـ أمثال العرب، المفضل بن محمد بن يعلى بن سالم الضبي (ت نحو 168هـ)، الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت،الطبعة: الأولى، 1424 هـ ط الهلال (ص6).
8 ـ اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻃﺈ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭاﻷﺳﺎﻧﻴﺪ، اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ ، ﻃ/ ﺩاﺭ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ – ﺑﻴﺮﻭﺕ- ﻟﺒﻨﺎﻥ، (2/5).
9 ـ أخرجه الترمذي في السنن 5/ 50، كتاب العلم (42)، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (19)، الحديث (2685).
10 ـ مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد، راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير، الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)، الطبعة: الثالثة، 1440هـ – 2019م، (1/ 169).
11 ـ معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (4/ 2948)
12 ـ اعتنى به وقابله بأصله نظام محمد صالح يعقوبي ، مكتبة نظام يعقوبي الخاصة ، المنامة ، البحرين ، دار النوادر ، دمشق ، ط 1 ، 1436 هـ / 2015 م.
13 ـ خزانة التراث – فهرس مخطوطات (34/ 878 بترقيم الشاملة آليا)
14 ـ معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (5/ 3154)
15 ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 386)
16 ـ معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (3/ 1877)
17 ـ معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (1/ 393)
18 ـ معجم تاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم – المخطوطات والمطبوعات (5/ 3642)
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20695