الدكتور ادريس الكنبوري
ما زلت لم أستوعب حتى الآن موقف الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون حيال الرهينة صوفي بيترونين التي أعلنت بأنها مسلمة وأنها مريم وأنها ستعود إلى مالي.
إنه موقف يدعو إلى التفكر والتدبر. ماكرون ألغى كلمة كان سيلقيها في المطار بالمناسبة، وغادر المطار على الفور بمجرد معرفة حقيقة مريم، لتبدأ قصة جديدة بين الإسلام وفرنسا سوف تشغل السنوات المقبلة.
وفي القصة جميع عناصر الإثارة والتشويق والتاريخية.
أولا هذه الفرنسية هي “آخر رهينة فرنسية في العالم” كما قالت يومية لوفيغارو اليوم، آخر رهينة وجهت آخر ضربة لفرنسا الاستعمارية.
ثانيا تم الإفراج عنها وثلاثة آخرين مقابل الإفراج عن 200 من عناصر الجماعات المسلحة، وهذه هزيمة كبرى لفرنسا التي قبلت التنازل.
وتلك نقطة خطيرة خطيرة جدا جدا، لماذا؟ لأن أوروبا منذ عشرين سنة وهي تناقش مسألة الخضوع لشروط الجماعات الإسلامية المسلحة ودفع الفدية لأن ذلك يعتبر اعترافا بها.
فماكرون الآن يعترف بهذه الجماعات ويتفاوض معهم شهورا من أجل الإفراج المتبادل للسجناء، كما تفعل أي حركة تحرير في العالم مع البلد المحتل.
بهذا تكون فرنسا انتهازية في ملف الإرهاب ولا يمكن الوثوق بها، فهي قد تتفاوض مع الجماعات المسلحة خلف ظهرك إذا ظهرت لها المصلحة الخاصة. واضح؟.
ثالثا وهذه أخطر بكثير. بل هذه جمرة حمراء مشتعلة بداخل غرفة النوم الفرنسية.
إسلام مريم جاء في لحظة دقيقة وهي إعلان ماكرون عن “الانفصالية الإسلامية”. اليوم مع مريم ظهر المستور الذي كانت فرنسا تتستر عليه، وهو إسلام عشرات الآلاف من الفرنسيين الذين ليسوا مغاربة ولا جزائريين ولا تونسيين ولا من البنغلاديش، ولا يمكنك تهديدهم بسحب الجنسية، ولا بترحيلهم إلى “بلدهم”، ولا بعزلهم اجتماعيا. الآن أي انفصالية وأي هجوم على المسلمين في فرنسا سوف يتحول مستقبلا إلى حرب أهلية في بلاد الغال.
رابعا إسلام الرهينة جاء بمثابة رد فعل على تصريحات ماكرون حول أزمة الإسلام. قالت له: كيف يكون الإسلام في أزمة والذين يشاركون في الانتخابات الفرنسية هم الذين يسلمون؟.
منذ اليوم ستكون لفرنسا علاقة جديدة بالإسلام. يسلم في فرنسا كل سنة آلاف الفرنسيين، لكن إسلام هذه المرأة اليوم محطة تاريخية تشبه غزو نابليون لمصر، لها ما بعدها.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=11132