أجرت صحيفة “دين بريس” حوارا مع الإعلامي والباحث في مركز المغرب الاقصى للدراسات والأبحاث عمر العمري، بخصوص مبادرة الملك محمد السادس بإصدار عفو استثنائي لفائدة 5654 سجينا، وإعطاء أوامره باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتعزيز حماية نزلاء المؤسسات السجنية والإصلاحية من انتشار فيروس كورونا المستجد.
فيما يلي نص الحوار:
في أي إطار تأتي المبادرة الملكية الأخيرة؟
تأتي هذه المبادرة الملكية الاستثنائية في سياق سلسلة من المبادرات والإجراءات الاستباقية التي اتخذتها المؤسسة الملكية منذ تحول فيروس كورونا الى جائحة عالمية. وكان ابرزها إحداث صندوق وطني لتدبير الأزمة والمساهمة الملكية الفعالة فيه. وقد أظهر المغرب حنكة عالية في معالجة القضايا الطارئة، وأثبت جهوزيته الكاملة للتعامل مع الظروف الاستثنائية، وذلك منذ أن اتخذ قرار غلق كافة الحدود المغربية تحسبا لمواجهة الجائحة الوبائية، بالرغم من أن مثل هذه القرارات لها تداعيات اقتصادية كبيرة..
هل للعفو الملكي على السجناء له علاقة بمكافحة الجائحة الوبائية؟
العفو عن ازيد من خمسة الاف سجين في الظرف العصيب الذي يمر منه المغرب والعالم يعتبر خطوة انسانية عظيمة من ملك المغرب، الذي استغل بحكمة الصلاحيات الدستورية المخولة له في هذا الباب، من أجل تخفيف الضغط على الطاقة الاستيعابية للسجون في ظل انتشار وباء كورونا. وهي خطوة استباقية واحترازية للحفاظ على صحة المواطنين سواء كانوا خارج السجون أو داخلها. وهي خطوة ترسخ ايضا العمق الانساني لملك المغرب. وقد كان بلاغ وزارة العدل واضحا في هذا الباب بأخذ العفو الملكي بعين الاعتبار للظروف الاستثنائية المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية، وما تفرضه من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتنفيذ الإجراءات العملية للعفو.
في نظرك هل يمكن أن يكون للعفو الملكي أبعادا أخرى؟
بطبيعة الحال. يمكن النظر الى المبادرة الملكية من الزاوية النفسية، فقد أدخلت الفرحة والابتهاح على أزيد من خمسة آلاف أسرة وعائلة، أي ما يعادل عشرات الآلاف أخرى من الأشخاص والعوائل المرتبطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالسجناء. هذه المقاربة النفسية تأتي خصوصا في ظل اجواء الخوف والترقب والحزن الذي يخيم على المغاربة جراء اصابة ووفاة افراد منهم بسبب جائحة المرض. فالعفو الملكي إذن بثّ الروح الايجابية في المجتمع، وفتح بابا من الأمل في المستقبل والحياة. علما أننا نحتاج في الوقت الحالي، كمواطنين، إلى كثير من الطاقة الإيجابية والدعم النفسي.
لكن لماذا تم استثناء نشطاء حراك الريف من العفو؟
يعطي العفو الملكي انطباعا بانه ستتبعه خطوات متتالية في المستقبل من أجل احداث انفراج في ملفات أخرى أبرزها معتقلي حراك الريف. وأظن أنه سيأتي الوقت المناسب لطي هذا الملف وفق الحكمة التي يتمتع بها الملك والمصلحة الوطنية التي تقتضيها معالحة مثل هذه القضايا.
بالمقابل شمل العفو معتقلي السلفية الجهادية والإرهاب؟
نعم وكان العفو الملكي في هذا الجانب متميزا واستثنائيا بإطلاق 50 سجينا من المعتقلين الاسلاميين المدانين في ملف “السلفية والجهادية” وقضايا الارهاب و”خلية بلعيرج” وملف “يوسف فكري”.. وتنبغي الإشارة إلى أن العفو انبنى على عملية انتقائية وفق “معايير إنسانية وموضوعية مضبوطة”، تأخذ بعين الاعتبار سن السجناء، وهشاشة وضعيتهم الصحية، ومدة اعتقالهم، وما أبانوا عنه من حسن السيرة والسلوك والانضباط، طيلة مدة اعتقالهم.. وبالرغم من حساسية هذه الملفات، الا ان الملك أكد أن الجميع سواسية في الاستفادة من مسطرة العفو. وكرس جلالته ايضا مصداقية وفعالية برنامح “مصالحة” الذي يستهدف المحكومين في قضايا الارهاب والتطرف الديني. وأن التوبة والمراجعة الفكرية والالتزام بالثوابت الدينية للبلاد من شأنه ان يفتح صفحة جديدة في حياة السجناء ويفتح امامهم الامل في معانقة حياة الحرية. وهذا ايضا يؤكد على حكمة المؤسسة الملكية ودورها الفعال في مكافحة الارهاب والتطرف الديني عن طريق الغفران والعمل بمبدأ التسامح. مما يشجع باقي المعتقلين الاسلامين على الانخراط الجاد في عملية المصالحة الشاملة.
أجرى الحوار سعيد الراشيدي
Source : https://dinpresse.net/?p=7739