نحن أمام وضع غريب للغاية حيث ان الدولة تهتم بشأن مدينة تازة والمدينة بدورها تتضامن مع مدينة غزة.
يزعم الخبراء الدوليون أن ما يحدث حاليا في فلسطين أن يعرض للخطر البلدان الذين هم في “وضعية التطبيع” مع إسرائيل. والمغرب أيضا من ضمن هذه الدول. فالخبراء على حق، بمعنى أن هذه البلدان هي فعلاً في حداد حقيقي، وضعية لا يحسدون عليها. موقف جد حساس قد يدفع إلى الفصام.
فصام ألفناه منذ البداية، نحن على دراية بهذا التضارب والانقسام…
في الحقيقة، الدولة ساخرة بطبيعتها، الدولة ليست كائنا بشريا له قلب. بل تخطط وتتصرف بدافع المصلحة فقط. إن كانت الدولة عبارة عن بشر، لكانت كائناً في قمة الوقاحة. ولكنها ليست بشراً ولا مشاعر لها، هي فقط برنامج آلي بارد يعمل مكان القلب، الأمر الذي يغير كل شيء…
هذا الشيء الغير البشري القاسي هو من قام بالتطبيع في المغرب. هذا الشيء الحساس اتجاه مدينة تازة أكثر من غزة. تقول العبارة الشهيرة: تازة هي المغرب، هي القرب وهي المصلحة. هي نقطة التوازن التي تمكن الظهر من المضي قدماً. تازة هي الغاية وهذا غالبا شيء ساخر.
لكن الشارع والشعب يفكرون في غزة، نحن الشعب، البشر، القلب والمشاعر هم غزة، نحن غزة.
وها نحن بوضعية غريبة حيث ان الدولة تفكر بوضع تازة في حين أن المدينة تفكر بغزة! هذه هي المحنة التي يتكلم عنها الخبراء اليوم والتي نجدها في معظم الدول في “طور التطبيع”.
فكلما تضاءلت قضية غزة واستنزفت وأصبحت مأساوية (مثل صور الإعدام الفظيعة تلك في الشارع الإسرائيلي)، زاد اشتعال تدفقات المغاربة بالشوارع بين المسيرات والاحتجاجات ومظاهرات الغضب… هنا ستصبح القضية قضية تخص الدولة أيضاً.
ومن هذا المنطلق، تنشأ المشكلة في المغرب، وفي البلدان العربية الأخرى. كل بلداننا هذه هي في حالة صراع. الانفصال أو عدم التوافق بين الدولة والشارع هو بالشيء نفسه، ففي النهاية يمكن للعقل أن ينزاح للتطبيع، لكن القلب ينبض لغزة.
فما المعمول إذاً؟ كيف يمكننا الخروج من هذا المأزق؟ على العقل والقلب أن يعملا للوصول إلى حلّ وسط وتوحيد وجهات نظرهما دون التبرؤ بغية بلوغ نوع من السلام الداخلي…
فإذا كانت قوة الصور المروعة ستقلل في نهاية المطاف من وقاحة الدولة أو الدول كلها، فعلينا أيضا أن نتذكر أن الغضب الأساسي أو العاطفة العمياء لم يجعلا أبدا غاية ما أكثر عدلا!
ترجمة ياسين التوزاني
المصدر : https://dinpresse.net/?p=14512