العرائش… جلسة فكرية تكشف “التحوّل الهادئ” في فهم إمارة المؤمنين
تحوّل اللقاء الذي عرفته أمس قاعة المكتبة الوسائطية عبد الصمد الكنفاوب بالعرائش إلى ورشة لقراءة التحولات العميقة التي يقترحها كتاب «إمارة المؤمنين: المرجعية الروحية لوسطية الإسلام» لعبدالله بوصوف. فالحدث لم يكن مجرد تقديم كتاب، بل كان اختبارا حيا لخطاب جديد حول المؤسسة الدينية بالمغرب.
اللقاء، المنظم ضمن برنامج «مؤلفون في ضيافة الخلية»، خلية ذات النطاقين التابعة للمجلس العلمي المحلي بالعرائش قدّم للمتابعين عملا يسعى إلى إعادة صياغة الحديث عن إمارة المؤمنين بلغة أقل فقهية وأكثر انفتاحًا على العلوم الإنسانية.
أوضح الدكتور محمد الصمدي، الذي تولّى قراءة الكتاب، أن المؤلف يغامر بالخروج من القوالب التقليدية ليقدّم مفاهيم البيعة والشرعية والعلاقة بين الديني والسياسي في قالب تحليلي يفهمه الباحث المتخصص كما يفهمه القارئ الدولي.
واعتبر الصمدي أن قوة العمل تكمن في كسره للّغة “المطمئنة” التي سادت الكتابات حول إمارة المؤمنين، واعتماده بدلاً منها خطابًا يفسّر المؤسسة الدينية المغربية بوصفها تجربة سياسية واجتماعية مركّبة، لا مجرد تراث فقهي.
وأشار إلى أن الببليوغرافيا الأجنبية الواسعة ليست ترفًا بل جزء من رهانات الكتاب: مخاطبة قارئ خارج الحدود يفهم الدولة الحديثة أكثر مما يفهم المصطلحات التراثية.
عبدالله بوصوف، في تفاعله مع الحضور، وضع النقاش في سياقه العالمي، قال بصراحة إن الصورة التي تصنعها بعض القراءات الغربية عن إمارة المؤمنين ملتبسة بسبب اختلاف التاريخ السياسي بين المغرب والغرب، وإن الكتاب محاولة لضبط المفاهيم بدل تركها رهينة التصورات الجاهزة.
وربط بين مؤسسة إمارة المؤمنين وملفات حارقة مثل محاربة التطرف، والعدالة الدينية، ووضعية المرأة، وكيف تُبنى شرعية دينية تستوعب التعدد داخل مجتمع واحد.
وأضفى حضور رئيس المجلس العلمي المحلي، إدريس بن الضاوية، بعدًا مؤسساتيًا على الجلسة، وفي كلمته القصيرة، شدد على أن النقاش ليس ترفًا فكريًا بل ضرورة لفهم الثوابت التي يرتكز عليها النموذج المغربي في تدبير الدين.
اللقاء الذي سيره الدكتور عمر اغبالو اختُتم بحوار مفتوح كشف اهتمامًا لافتًا بالموضوع.
وشدد المتدخلون على أن الكتاب لا يقدم نموذجًا جاهزًا، بل يفتح ورشًا يحتاج إلى مزيد من البحث، خصوصًا في ظل التحولات التي تعيشها الساحة الدينية عالميًا.
التعليقات