2 أكتوبر 2025 / 13:04

العدل والإحسان وصناعة الفوضى

دين بريس

في ظل الاحتجاجات الاجتماعية التي تعرفها عدة مدن مغربية، أعادت جماعة العدل والإحسان تدوير خطابها السياسي ذي الشحنة الانتهازية، في محاولة لاستثمار الغضب الشعبي وتحقيق أجندتها الخاصة، خصوصا وأن الجماعة ترى في أي وضع أزمة، “فرصتها السانحة” للوصول إلى الحكم.

وجاءت آخر هاته الخطابات الانتهازية عبر تدوينة نشرها المدعو بوبكر الونخاري، الكاتب العام لشبيبة الجماعة، على صفحته في فيسبوك، حيث وصف ما يجري بأنه “صرخة شعب مسحوق ضد نظام راكم الثروة في أيدي قلة”، مشيراً إلى أن أصل الأزمة ليس في أعطاب جزئية بل في بنية سياسية واقتصادية فاسدة، وأن الحل لا يكمن في الترقيع أو الوعود الجوفاء، بل في تغيير جذري يقطع مع الاستبداد ويعيد الثروة لمالكيها الحقيقيين، وفق تعبيره.

يبرز خطاب الونخاري هذا إلى استمرار الجماعة في استثمار الاحتقان الشعبي لأهداف سياسية، وهو نهج سبق أن اعتمدته أثناء حراك 20 فبراير، حيث شاركت الجماعة في بدايته، لكنها سرعان ما اصطدمت بمطالب الأغلبية التي كانت ترتكز على إصلاحات تحت إطار الملكية. الجماعة، التي كانت ترى في الحراك فرصة لتحقيق تغيير جذري وإسقاط النظام، وفق مفهومها للثورة أو “القومة”، قررت الانسحاب بعدما فشلت في توجيه الحراك لصالح أجندتها وفشلها في تحقيق “الزحف”.

وأدبيات الجماعة، لا سيما كتابات مؤسسها عبد السلام ياسين، تركز على مفهوم “القومة” الذي يمثل عندها آلية الثورة الشاملة، وهو المفهوم الذي بات محور خطابات الجماعة خلال السنوات الماضية، باعتباره مبررا لاستخدام لغة التحريض على مواجهة الدولة وإشعال الاحتقان الاجتماعي، بما يتجاوز مطالب الإصلاح الجزئي ويضع البلاد أمام صدام محتمل.

وقد تضمنت التدوينة الأخيرة للونخاري إشارات إلى “صفيح ساخن” و”انفجار قادم”، وهي لغة تعكس توجه الجماعة إلى تحريك غضب المواطنين ضد الدولة، بدل تبني خطاب سلمي في هاته الظروف الدقيقة التي تمر منها البلاد، وتفرض الترفع عن الحسابات الإيديولوجية الضيقة إلى فضاء مصلحة الوطن.

ويعكس هذا الخطاب الجديد القديم، بما لا يدع مجالا للشك، أن الجماعة لم تتخل عن استراتيجيتها القديمة في استثمار الاحتجاجات الاجتماعية، محولة المطالب الاجتماعية المشروعة إلى أدوات ضغط سياسي لفرض أجندتها، وذلك في انتهازية سياسية مقيتة واستغلال للغضب الشعبي لتأجيج الوضع الاجتماعي، والصدام مع الدولة في إطار “صناعة الفوضى” قبل الوصول إلى “صناعة الموت”، كما تسطر أدبيات هاته الجماعة…