دعا محمد العاني، المدير العام لمؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث”، إلى النهوض بالبحث في مجال الفكر الفلسفي الإسلامي، وتجديد منظوراته، وإعادة شرح الفلسفة الإسلامية بصيغ معاصرة، وذلك حتى تتمكن الأجيال الحديثة من فهمها واستيعابها.
وأضاف العاني في الجلسة الافتتاحية لليوم الدراسي الذي تنظمه مؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث”، حول موضوع “راهن البحث في الفلسفة الإسلامية وآفاق تطويره”، يومه 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بصالون جدل الثقافي بمقر المؤسسة بالعاصمة المغربية الرباط، أن مواضيع الفلسفة الإسلامية ليست بالسهلة، وأنه إذا ما بقيت محصورة في النخبة، فإنه لن تتم الاستفادة منها كما يجب، خاصة وأنها تزخر بالعديد من المعارف والأسئلة الجوهرية التي نحن في أمس الحاجة إلى إعادة تناولها.
وأشار العاني إلى أن هذا اليوم الدراسي يدخل في إطار مشروع علمي كبير تشتغل عليه المؤسسة، بدأته بإصدار أعمال علمية وترجمات مجموعة من الكتب من بينها كتب لفخر الدين الرازي والفارابي، وسيتلوه مؤتمر دولي كبير في العام المقبل حول الفلسفة الإسلامية، بعدما تعذر تنظيمه في الفترة الأخيرة في لبنان، بسبب الأحداث والتطورات التي يشهدها البلد.
ومن جهته ذكر الدكتور الطيب بوعزة، منسق اليوم الدراسي، أن الفلسفة الإسلامية لها مكانة كبيرة، ودور مهم في تطوير كثير من الحقول المعرفية (المنطق، الميتافيزيقا، السياسة، العلوم الطبيعية…)، ولكن التأريخ لها شابته العديد من النقائص، بل هناك من نفى عنها أصالتها، واختزلها في أحيان كثيرة إلى مجرد فلسفة يونانية مكتوبة بحروف عربية.
وأوضح أن إسهامات بعض الدارسين في القرن العشرين، أضافت رؤى جديدة، أبرزت أهمية وخصوبة الكتابات العربية في حقل المنطق والرياضيات والعلوم الطبيعية، وهي إسهامات نوعية تستحق أن تكون أساسا جديدا لتطوير النظر إلى الفلسفة الإسلامية ذاتها، والحال اليوم يُظهر أنه لم يُسْتَفَدْ منها لوضع مسارات بحثية جديدة تهتم بالسياقات المشتركة بين العلم والفلسفة في تاريخنا الثقافي وأثرها في تشكيل النص الفلسفي الإسلامي ذاته.
وأكد الطيب بوعزة، أن الدراسات النوعية التي حاولت تجديد النظرة إلى الفلسفة الإسلامية، كانت باصطناعها للمنهج التاريخي، وانحصارها في تتبع السردية المفهومية والمعرفية، أغفلت إخراج النص الفلسفي الإسلامي من مجاله الزمني الضيق، وتتبع خطوات ومستويات انتقاله في الفكر الفلسفي الإنساني، ولهذا نحن في أمس الحاجة، كما قال، إلى “إعمال نمط منهجي جديد في تناول الفلسفة الإسلامية من حيث المفاهيم والشخوص والمدارس الفلسفية”، باعتبار أن النتاجات المتوفرة لا تفي بهذا الغرض، لكونها عانت إجمالا من ثغرتين:
أولاهما: النزعة التجزيئية التي تفصل دون مبرر منهجي بين الأعمال الفلسفية العربية الوسيطة وباقي نصوص المدونة التراثية التي تتداخل معها في المفاهيم والرؤية والمناهج، خصوصا نصوص علم الكلام التي تصنف عادة في الفكر الديني غير الفلسفي، فضلا عن كتب الآداب والمصنفات العلمية.
وثانيهما: الفصل بين النص الفلسفي الإسلامي والسردية الفلسفية الكونية سواء باختزال هذا النص إلى مجرد متن مترجم، أو شارح للفلسفة اليونانية دون خصوصيات إبداعية أو إقصائه من منظور تاريخاني مع الفكر الفلسفي الحديث.
وتتواصل أشغال هذا اليوم الدراسي حول “راهن البحث في الفلسفة الإسلامية وآفاق تطويره”، بمشاركة مجموعة من الباحثين المتخصصين العرب، وهم: رضوان السيد من لبنان، حكيم أجهر من الإمارات العربية المتحدة، وعبد الله إبراهيم من العراق، وعبد الله السيد ولد أباه من موريتانيا، ومن المغرب: الطيب بوعزة، أحمد العلمي، ومحمد المعزوز.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=5382