كتب أحد المواقع الانفصالية أن المغرب “فشل في إقناع بعض الاحزاب والتنظيمات السياسية المغربية” فيما أقدم عليه من خطوات حازمة في تأمين منطقة الكركرات، مستشهدا بصمت جماعة العدل والإحسان، وبالبيان الأخير للنهج الديمقراطي الذي خرج عن صف الإجماع الوطني بتماهيه مع الأطروحة الانفصالية الداعية إلى تقرير المصير.
وأضاف الموقع الانفصالي أن الجماعة لم تصدر أيّ موقفٍ بشأن تطوّرات الوضع في الصّحراء المغربية، والتزمت الصمت إزاء القرارات الحاسمة التي اتخذها المغرب في ضم الكركرات وتأمينها بشكل كامل.
وبالرجوع إلى الوسائط الإعلامية والاجتماعية التي تستعين بها العدل والإحسان في دعاياتها الدينية والسياسية، يتبين بالفعل أن الجماعة لم تصدر عنها ولو إشارة بسيطة إلى حدث وطني كبير يتمثل في تأمين وحدته الترابية، في حين أن كل وسائل الإعلام الوطنية والدولية تطرقت إلى الموضوع، وان أغلبها كان مشيدا بالحكمة التي أبان عنها ملك البلاد محمد السادس والجيش المغربي في تعامله مع تطورات الاحداث بالصحراء المغربية.
وكما هو معروف عن جماعة الراحل عبد السلام ياسين، فإنها تصدر البيانات والبلاغات في كل المناسبات الصغيرة والكبيرة، وفي أبسط القضايا المجتمعية، إلا أنها بخصوص القضية الوطنية الكبرى، والمتعلقة بالوحدة الترابية، فإنها تصاب بالخرس ولا تكاد تبين رأيها، مما يطرح بالفعل أسئلة كثيرة حول هذا الصمت المريب الذي يطال قضية تحظى بإجماع المغاربة.
وليست هذه هي المرة الاولى التي تلتزم فيها العدل والإحسان الصمت بخصوص قضية الصحراء المغربية، فقد أحجمت عن المشاركة في الصّراع الدّبلوماسي مع بان كي مون، الأمين العام السّابق للأمم المتّحدة، ولم تشارك في المسيرة الوطنيّة سنة 2016، التي تجند لها المغاربة قاطبة وقتها.
وحتى بالرجوع إلى أدبيات الجماعة المحظورة، فإنه يلاحظ وجود مساحات كبيرة من الضبابية بخصوص تحديد موقف واضح وصريح من قضية الوحدة الترابية المغربية، وربما يكون ذلك منسجما مع أطروحتها السياسية العائمة حول قيام “الخلافة الراشدة” التي لا تعترف بالحدود القطرية، وبالتالي فمشكل الصّحراء في نظرها هو “مشكل صغير يجب حلّه وفق مقاربات شمولية”. والمقاربات الشمولية في مفهوم الجماعة ليست سوى المبادرة إلى “القومة” من أجل استعجال “الخلافة الموعودة”.
لكن المشكل الأخطر هو أن مواقع انفصالية باتت تشيد بصمت العدل والإحسان بخصوص الصحراء المغربية عموما، وقضية الكركرات على وجه الخصوص، وتعتبره موقفا إيجابيا يدعم أطروحاتها الانفصالية، وفي نظر هذه المواقع، فإن الجماعة تفند فكرة الإجماع المغربي حول القضية الوطنية، مما يجعل أتباع عبد السلام ياسين يصطفون ـ بصمتهم المريب ـ إلى جانب أعداء الوطن، شاؤوا ذلك أم عارضوه.
وبعد أن أصبح صمت العدل والإحسان هذا داعما لأعداء الوحدة الترابية، بات لزاما عليها أن تحدد موقفها من القضية الوطنية بكل وضوح وشفافية، ويبقى النهج الديمقراطي أفضل حالا منها، لأنه على الأقل عبر عن مواقفه بكل جرأة في بيان رسمي، ويتحمل مسؤوليته السياسية كاملة في ذلك.
سعيد الراشيدي
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12167