3 أغسطس 2025 / 10:47

الصحراء المغربية دعم أمريكي متجدد وكشف إسباني وشيك

عبده حقي
في خضم تعقيدات النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، برزت تطورات متسارعة تعزز الموقف المغربي على الصعيدين الدبلوماسي والتاريخي. فقد جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه القوي لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، في وقت أعلنت فيه إسبانيا عن خطوة غير مسبوقة تقضي برفع السرية عن آلاف الوثائق التاريخية، من بينها ملفات حساسة تتعلق بانسحابها من الصحراء عام 1975 ومسار المفاوضات التي رافقت الحدث.

تأتي تصريحات الرئيس ترامب، التي نقلتها وكالة المغرب العربي للأنباء، لتعيد التأكيد على الموقف الأمريكي الثابت، إذ قال في رسالة موجهة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس:

«أجدد تأكيدي أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد وذو المصداقية والواقعي، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع.»

إن هذا الموقف، الذي أعاد ترامب إعلانه خلال ولايته الثانية الراهنة، يعزز ما سبق أن قام به في نهاية ولايته الأولى، حين اعترف رسميًا بمغربية الصحراء ضمن اتفاق ثلاثي شمل أيضًا تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل في إطار ما سُمي بـ”اتفاقات أبراهام”.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية مستمرة في اعتبار المبادرة المغربية للحكم الذاتي الإطار الوحيد الممكن لتسوية النزاع، رغم تبدل الإدارات وتعاقب الرؤساء.

في هذا السياق، لم يكن الموقف الأمريكي معزولًا، فقد لحقت به دول أخرى وازنة مثل بريطانيا، التي انضمت في يونيو الماضي إلى الولايات المتحدة وفرنسا في دعم الحل المغربي، معتبرة أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو المخرج الواقعي للنزاع، في وقت تواصل فيه الجزائر دعم جبهة البوليساريو ورفضها حضور الموائد المستديرة التي ترعاها الأمم المتحدة، متمسكة بخيار استفتاء لم يعد يحظى بأي إجماع دولي وتم إقباره إلى الأبد.

لكن البُعد الدبلوماسي لا يُغني عن البعد التاريخي، وهنا يبرز التطور الإسباني اللافت الذي قد يشكل تحولًا حاسمًا في السردية المرتبطة بالنزاع. إذ وافقت الحكومة الإسبانية في يوليو 2025 على مشروع قانون جديد بشأن المعلومات السرية، يقضي برفع السرية تلقائيًا عن جميع الوثائق التي يزيد عمرها عن 45 سنة.

وهذا يعني أن آلاف الوثائق المتعلقة بفترة ما قبل 1982 – بما فيها ملفات انسحاب إسبانيا من الصحراء ومسيرة الخضراء – ستصبح في متناول الباحثين والمؤرخين.

ويرى المسؤولون والباحثون المغاربة في هذه الخطوة فرصة تاريخية لكشف المستور وتأكيد الشرعية المغربية المدعومة بالوثائق الدامغة. إذ قد تتيح هذه الأرشيفات، وفق مصادر إعلامية إسبانية، الاطلاع على كواليس القرار الإسباني بالانسحاب من الصحراء، والضغوط الأمريكية على مدريد، والمفاوضات السرية مع الرباط. كما يُحتمل أن تحتوي على تقييمات إسبانية داخلية تعترف ضمنيًا أو صراحةً بسيادة المغرب قبل إعلان الاعتراف الرسمي سنة 2022.

وقد تُظهر هذه الوثائق كذلك تواطؤًا ضمنيًا في إخفاء الحقائق لعقود، وإبراز ازدواجية الخطاب الإسباني حيال السيادة المغربية، ليس فقط على الصحراء، بل أيضًا على سبتة ومليلية المحتلتين. غير أن بعض المؤرخين حذروا من احتمال إتلاف أجزاء من الأرشيف عمدًا، خصوصًا خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت نهاية الديكتاتورية الفرانكوية، حيث تم إتلاف آلاف الملفات الأمنية.

في ظل هذه المستجدات، يبدو أن المغرب بصدد تعزيز موقعه ليس فقط من خلال التحالفات الدولية والدعم السياسي من قوى عظمى، بل أيضًا من خلال توثيق شرعية مطالبه بوثائق تاريخية كانت مغيبة لعقود.

فبين الاعتراف السياسي المتجدد من البيت الأبيض، والانكشاف التاريخي المحتمل من مدريد، يقف المغرب اليوم على أعتاب لحظة مفصلية في مسار استكمال وحدته الترابية.

وبينما يواصل خصوم الوحدة الترابية للمملكة تكرار أطروحات تجاوزها الواقع الدولي، يُظهر الزمن أن مسار التاريخ والدبلوماسية ينعطفان مجددًا لصالح المغرب، مسلحًا بالشرعية التاريخية ، والمبادرة، والوثيقة.