2 سبتمبر 2025 / 22:28

الشروط الغائبة للمصالحة بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين

عمرو عبد الحافظ. كاتب مصري وعضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين

لو كنت صانع القرار فسوف أرفض أي نوع من المصالحة أو التسوية مع جماعة الإخوان. لأن جماعة بهذه الأفكار، وجودها غير دستوري من الأساس. الجماعة عصيّة على الدسترة والتقنين. هي ليست مؤسسة عادية من مؤسسات المجتمع المدني. وتعمل على وراثة هذه الدولة، سلما أو عنفا.

هي ليست مؤسسة دعوية عادية، ولكنها تخلط بين نفسها والدين، وترى الناس ضالين ما لم يتبعوها. وأعضاؤها ليسوا أعضاء عاديين في مؤسسة عادية لها قيادة عادية، ولكن أعضاءها مرتبطون مع قادتهم ببيعة تجعل الولاء فيها موازيا لولاء المواطن لدولته أو أولى منه.

إنها مؤسسة تعمل في السر أكثر مما تعمل في العلن. حتى قبل الحل الأول للجماعة في نهايات أربعينيات القرن الماضي. كان هناك تنظيم سري للإخوان لم يكن يعلم به إلا أعضاؤه وعدد قليل من قيادات الجماعة، ومصادر تمويل الجماعة وكيفية الإنفاق فيها وتفاصيل العضوية؛ كلها أمور غير معلومة وغير خاضعة للأجهزة الرقابية في الدولة. حتى حينما وصلت الجماعة إلى الحكم لم تحاول تقنين نفسها من هذه الزاوية. ولم تشهر إلا “جمعية الإخوان المسلمين”؛ مجرد شيء صوري ليس هو الجماعة ذاتها بأفرادها ونشاطها وتمويلها. والجماعة كذلك جزء من تنظيم دولي يضم فروعها. ولا أحد يعلم طبيعة علاقة الفرع المصري ببقية الفروع.

جماعة بهذه الصورة لا يمكن أن يحتويها أي دستور في العالم. ليس لأن الأنظمة الحاكمة ترفض تقنينها. ولكن لأن الصيغة لا تخضع بطبيعتها لأي دستور. ولا يمكن بأية حال أن تخضع لدستور. ليس دستورا إذن ذلك الذي يسمح بوجود جماعة لا تخضع له. والجماعة تصر على البقاء بنفس الصيغة وتطالب الدستور بأن يخضع لها. تطلب المستحيل الذي لن يتحقق أبدا.

ظلت الجماعة مقننة طوال عشرين عاما بعد تأسيسها. ثم تم حلها بعد أن انكشفت تفاصيل أفكارها وتنظيمها. ثم أعادوها كنوع من المواءمة السياسية فقط. ثم تم حلها مرة أخرى بعد 1952، ثم أعاد السادات نشاطها عمليا وبقيت منحلة نظريا، ثم سار مبارك على طريقة السادات، ثم استمر نفس النهج بعد رحيل مبارك وحتى الإطاحة بمرسي. وجود الجماعة لم يكن إلا في مرحلة غموضها وفي مراحل فرضت فيها المواءمات السياسية ذلك.

قد يجادل الإخوان في أن قرار الحل في الخمسينيات كان قرارا سياسيا وليس قرارا قانونيا. ولكن ذلك لا يغير من حقيقة الأمر شيئا. الجماعة لا تصلح للدسترة والتقنين.

الجماعة لا يصح أن توجد دستوريا، ومن ثم فإن أي نوع من المصالحة معها وهي على نفس الصيغة؛ خطأ سياسي فادح، لا يليق أن تقع فيه دولة بها دستور وقانون. خطأ لا يليق أن تقع فيه دولة حديثة، وأي عضو من أعضاء هذه الجماعة؛ لا يصح أن تسمح له الدولة بالعمل المجتمعي والسياسي، قبل أن يعلن قطع صلته بهذه الجماعة أولًا. فإذا أعلن ذلك، عاد مواطنا طبيعيا ولاؤه للدولة وحدها. وعندئذ يكون له الحق في العمل العام مجتمعيا وسياسيا.