حسن الشرقاوي
السلوك المدني وخطة تسديد التبليغ بالمغرب على ضوء تقرير المركز المغربي للمواطنة الصادر في ماي 2025
صدر تقرير المركز المغربي للمواطنة في ماي 2025، وهو نتاج دراسة ميدانية واستبيانات موجهة إلى المواطنين في مختلف المدن المغربية، هدفها فهم واقع السلوك المدني في الفضاء العام.
تبرز في التقرير نقطة هامة تتعلق بعلاقة السلوك المدني بالقيم الدينية، وخصوصًا القيم الإسلامية التي يفترض أن تؤطر التصرفات اليومية. وقد أشار التقرير إلى أن أغلب المستجوبين يعتبرون أنفسهم ملتزمين دينيًا، أو على الأقل يعرفون عن أنفسهم أنهم أشخاص يحترمون القيم الإسلامية. ومع ذلك، لوحظ تناقض صارخ بين التصورات والقيم المعلنة والسلوك الفعلي في المجال العام، مثل التراجع الملحوظ في الالتزام بالسلوكيات الإيجابية في الفضاءات العامة والتعاملات اليومية، بالإضافة إلى بروز مظاهر اللامدنية في مجالات مختلفة كالنظافة، احترام القانون، والانضباط المجتمعي.
يوضح التقرير أن الممارسة الدينية لا تترجم غالبًا إلى ممارسات مدنية مسؤولة.ورغم إقرار المشاركين في الدراسة بأن الإسلام يدعو إلى السلوك المدني والانضباط، لكن هناك ضعفًا واضحًا في تفعيل هذه القيم في الحياة اليومية.
وقد أعربت فئة الشباب منهم عن إحباط كبير من كون “التدين الظاهري” لم يعد كافيًا، وغالبًا ما يُستخدم كشكل من أشكال “التجميل الاجتماعي” بدون أثر ملموس في المعاملات والسلوك العام.
خطة تسديد التبليغ التي اعتمدها المغرب مؤخرًا جاءت أساسًا بهدف معالجة وتحسين السلوك المدني داخل المجتمع، من خلال وضع آليات واضحة وفعالة لتنظيم التواصل وتبادل المعلومات بين المواطنين والجهات المعنية. تساهم في تخفيف الاحتكاكات والمشاكل اليومية التي قد تؤدي إلى زيادة التوتر أو سوء الفهم، وبالتالي تقلل من التكاليف المادية والمعنوية المرتبطة بأسلوب الحياة. وتعزز الانضباط المجتمعي وتحقيق بيئة أكثر استقرارًا وراحة للمواطنين، مما ينجم عنه تحسين جودة الحياة، ويساعد في تحقيق مفهوم “الحياة الطيبة” التي يطمح إليها الجميع.
لذا ينبغي أن يعتمد هذا الإصلاح على مؤشرات واضحة ومتخصصة مرتبطة بالسلوك المدني، مثلما جاء في التقرير، مع إمكانية الاستفادة من مؤشرات مشابهة موجودة في تقارير التنمية المستدامة عمومًا.
على أن يكون الأفق تحسين هذه المؤشرات من خلال تدخلات وعظية، وخطب مؤثرة، وأنشطة اجتماعية ودينية تقام خصوصًا خلال المناسبات الدينية والوطنية الجامعة لحياة الأمة.
وتكون هذه المؤشرات بمثابة البوصلة التي يقاس بها مدى تحقيق تغييرات فعلية في الحياة اليومية للمواطنين، مع تقليل الاعتماد على مؤشرات شكلية لا تعكس نتائج حقيقية، مثل:
– التركيز على عدد المشاركين من العلماء أو الوعاظ بدون تقييم فعلي لدورهم، والاكتفاء بتصنيفهم فقط حسب النوع والجنس؛
– التركيز على عدد الأنشطة المنفذة والإفراط في تحليل نوعها وتوزيعها جغرافيًا دون ربطها بالنتائج العملية.
ومن أبرز الأمثلة على المؤشرات التي يجب التركيز عليها:
– مستوى الالتزام الشخصي والسلوكي للمواطنين بالقيم المدنية والدينية؛
– مدى تأثير الخطاب الوعظي في زيادة الوعي وتحفيز السلوك الإيجابي؛
– انتشار الأنشطة في المناطق الجغرافية المختلفة، مع التركيز على المناطق الأكثر احتياجًا؛
– مؤشرات الرضا المجتمعي حول التحسن في مستوى السلوك المدني والتعاملات اليومية.