11 سبتمبر 2025 / 11:05

“الراهبات في مواجهة الفاتيكان”: وثائقي يكسر طابوهات الاستغلال الجنسي

دين بريس ـ سعيد الزياني

يضع فيلم Nuns vs the Vatican (الراهبات في مواجهة الفاتيكان) المشاهد مباشرة أمام مأساة راهبات سابقات كُتمت أصواتهن لعقود، ويكشف كيف تحولت أقسام الطاعة والعفة إلى سلاسل قيد استغلها رجال دين نافذون لإخضاع النساء.

يستحضر الوثائقي شهادات مثل غلوريا برانتشياني وميريام كوفاتش، لتعيد صياغة قضية “ماركو روبنيك” كجزء من منظومة صمت ممنهج داخل الكنيسة الكاثوليكية.

وقضية الكاهن اليسوعي والفنان السلوفيني ماركو روبنيك مازالت تثير الجدل داخل الكنيسة الكاثوليكية، بعدما اتهمته راهبات ونساء بالاستغلال الجنسي والروحي منذ التسعينيات، ورغم صدور قرار بحرمانه كنسيا عام 2020 عقب إدانته بعلاقة غير مشروعة، فإن العقوبة رُفعت في الشهر نفسه بعد توبته، لتبقى محاكمته محصورة في إطار القانون الكنسي.

ويبرز الفيلم التناقض الصارخ بين صورة “روبنيك” كفنان مرموق وأحد أبرز رموز الفن الكنسي في زمن يوحنا بولس الثاني، وبين الاتهامات الثقيلة التي لاحقته بارتكاب انتهاكات جنسية وروحية، إذ وضع المشاهد أمام مفارقة بصرية وأخلاقية حين بدت الأعمال الفنية التي تزين جدران الكنائس غطاء يخفي وراءه صرخات مقموعة، ما عمق شعور الخذلان وحول التجربة السينمائية إلى مساءلة مفتوحة لمكانة الفن والقداسة حين تختلطان بسلطة بلا محاسبة.

ويكشف الوثائقي محدودية الإصلاحات التي أعلنها الفاتيكان، مسلطاً الضوء على الفارق الجوهري بين القانون الكنسي الذي يتعامل مع الانتهاكات كخطايا قابلة للتوبة، والقانون المدني الذي يصنفها كجرائم تستوجب المحاسبة القضائية.

ويثير هذا البعد القانوني تساؤلا حول فعالية الإصلاحات التي أعلنها البابا فرنسيس عام 2021، كاشفا قصورها عن تحقيق العدالة المنشودة للضحايا.

يستعين الفيلم بلغة بصرية تعتمد على التناوب بين الشهادات الإنسانية والصور الرمزية للفن الكنسي، ليجعل المشاهد شاهدا على ثقل الجدران الروحية والمؤسسية التي كبلت النساء.

ويرى متتبعون أن الفيلم نجح في تحويل الاعترافات الفردية إلى فعل مقاومة، وجمع أصوات النساء في إعلان جماعي لكسر الصمت واستعادة الكرامة الإنسانية داخل فضاء هيمنت عليه السلطة الذكورية لعقود.

وقد يفتح الفيلم الباب أمام موجة واسعة من ردود الفعل النقدية، إذ يرى فيه نقاد أنه سيضع الكنيسة أمام اختبار حاسم لمدى استعدادها لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية.