يحيي العالم، في الثالث من مايو كل عام، اليوم العالمي لحرية الصحافة، مناسبة للتأكيد على أهمية المبادئ الأساسية لحرية الإعلام، وتقييم أوضاعها في مختلف الدول، والدفاع عن استقلالية المؤسسات الإعلامية، إلى جانب تكريم الصحافيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم المهني.
ويأتي احتفال هذا العام ليسلط الضوء على التحولات العميقة التي يشهدها قطاع الإعلام في ظل تنامي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها على إنتاج الأخبار، وتدفق المعلومات، واستقلالية المؤسسات الصحافية.
ففي الوقت الذي تتيح فيه هذه التكنولوجيا فرصا لتعزيز حرية التعبير، من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات وتوسيع نطاق المشاركة الإعلامية، تطرح في المقابل تحديات كبيرة، أبرزها مخاطر التضليل، وازدياد خطاب الكراهية، وتنامي أساليب الرقابة والمراقبة الرقمية، إلى جانب استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتصفية المحتوى أو إعادة استخدامه من دون تعويض عادل للمؤسسات الصحافية.
وقد أبدت منظمات إعلامية ومؤسسات حقوقية قلقها من أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تجانس الخطاب الإعلامي على حساب التعددية، ويضعف قدرة وسائل الإعلام المحلية والصغيرة على البقاء، في ظل المنافسة مع المنصات التكنولوجية الكبرى التي تسيطر على توزيع المحتوى.
كما برزت مخاوف من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية، سواء في التحقق من الأخبار أو في إنتاج محتوى مزيف يصعب كشفه، مثل “التزييف العميق”، مما قد يؤثر على نزاهة العمليات الديمقراطية وثقة المواطنين.
وتؤكد الأمم المتحدة، في إطار الاتفاق العالمي الرقمي، على ضرورة معالجة هذه التحديات ضمن إطار يحترم الخصوصية ويصون حرية التعبير، داعية إلى تعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية.
و تسلّط الاحتفالات الدولية الضوء هذا العام على استمرار التحديات التي تواجه حرية الصحافة في مناطق النزاع، وعلى رأسها الأراضي الفلسطينية، إذ يواجه الصحافيون في قطاع غزة صعوبات جمّة في الوصول إلى المعلومات، في ظل الحصار المفروض منذ سنوات، والاستهداف المتكرر من قبل القوات الإسرائيلية.
وينبغي تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في حماية الصحافيين وضمان بيئة آمنة لممارسة العمل الإعلامي، بما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويدعم دور الإعلام كخدمة عامة تعزز المشاركة والشفافية.