متابعة: منتصر الخطيب/ تطوان
أسدل الستار الاثنين 14 أبريل 2025 على فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لتظاهرة عيد الكتاب بتطوان، والتي نظمتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الثقافة، من خلال مديريتها الإقليمية بتطوان والمديرية الجهوية بطنجة، وبتعاون مع عمالة إقليم تطوان ودعم مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة والمجلس الإقليمي لتطوان وجماعة تطوان، في الفترة الممتدة (من 7 إلى 14 أبريل الجاري)، وجرت هذه الفعاليات بساحة مسرح العمالة بالحي الإداري بالمدينة، بحضور ثلة من المسؤولين والمثقفين والكتاب والشعراء والأدباء. وقد اختير للدورة الفضية لهذا العيد ربطا له بعمق المدينة ومثقفيها التاريخي والثقافي أن تهدى فعالياته إلى روح الأديب الزجال التطواني الراحل الأستاذ مالك بنونة، تقديرا ووفاء لما أسداه من خدمات جليلة للحقل الثقافي عموما وللزجل المغربي وموسيقى الآلة بشكل خاص. كما تميزت هذه الدورة كذلك بإعلان تطوان عاصمة للثقافة والحوار بحوض البحر الأبيض المتوسط لسنة 2026.
وقد شكلت هذه الدورة محطة مهمة في توطيد المكانة المرموقة لهذا الحدث الثقافي الذي تفردت به مدينة تطوان منذ أربعينيات القرن الماضي، عبر إعادة توطينه في توقيته المعتاد خلال شهر أبريل الذي يصادف العيد العالمي للكتاب. وتضمن برنامج النشاط الثقافي بفضل توسيع مجال المشاركة فيه؛ من خلال الرفع من عدد العارضين، ومشاركة أزيد من خمسين عارضا يمثلون أبرز دور النشر والكتبيين والمؤسسات الجامعية والهيئات الثقافية المغربية والأجنبية المستقرة بالمغرب، وتنويع محتوياته وفقراته لتشمل بالإضافة إلى معرض الكتب والمنشورات واللوحات الفنية؛ ورشات فنية وإبداعية، وزيارات مؤطرة وموجهة لأطفال المدارس وجمعيات المجتمع المدني، اشتملت على مراسم وورشات للأعمال اليدوية لفائدات تلميذات وتلاميذ المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها الدراسية، وفق ما تبينه ورقة البرنامج العام لهذه الأنشطة، والتي عكست جمالية وإبداعا فريدا لهذه التظاهرة، الجامعة بين الإشهار للذكرى الفضية لعيد الكتاب (الذكرى25) والإخبار بتخصيصها للراحل مالك بنونة بتضمين صورة المحتفى به لهذا الملصق، والجمع بين المكونات التاريخية والثقافية للمدينة مجسدة في صورة لباب العقلة وصومعة الجامع الكبير المعلمتان الشهيرتان بالمدينة والكنيسة الموجودة بوسط المدينة، هذا إلى جانب مميزات معرض الكتاب.
وأبرز المدير الاقليمي للثقافة بتطوان، الأستاذ العربي المصباحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن عيد الكتاب كان ولا يزال تظاهرة ثقافية متميزة ومتفردة ومتجذرة، طبعت مدينة الحمامة البيضاء منذ أربعينيات القرن الماضي، وأضاف أنه يمكن اعتبار هذه الدورة الفضية دورة انتقالية نحو مستوى آخر، استعدادا للاحتفاء بتطوان عاصمة للثقافة والحوار بحوض البحر الأبيض المتوسط، ومشيرا كذلك إلى أن هذه الدورة ستعرف مشاركة فعلية لمجموعة من المؤسسات الجامعية والثقافية؛ من بينها جامعة عبد المالك السعدي، التي سطرت برنامجا خاصا بها، ومؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، وجمعية التراث والتنمية والمواطنة بتطوان، من أجل إنجاح هذه الدورة، وهو ما أكده حضوره الفعلي في جل ورشات هذا الاحتفال إشرافا ومشاركة وتنويها بهذه الفعاليات، وحرصه على تثمين العروض المقدمة من خلال كلماته عقب أغلب هذه الفعاليات.
ولتجسيد الدور الريادي الذي مثَّله المحتفى به في هذه الدورة الفضية لعيد الكتاب بتطوان، الأستاذ مالك بنونة (رحمه الله) الذي وافته المنية قبيل إقامة هذه الفعالية بأيام، والذي قام بتحقيق كتاب “كناش الحايك” لأبي عبد الله محمد بن الحسين التطواني الأندلسي (صدر عن أكاديمية المملكة المغربية ضمن سلسلة “التراث “سنة1999 ، مراجعة وتقديم عباس الجراري، في620 من الحجم الكبير)، وعرف عنه أنه باحث متمكن في مجاله، اهتم على امتداد مسيرته منذ منتصف القرن العشرين بالشعر والزجل الذي تتغنى به صنعات الموسيقى الأندلسية بالمغرب.. كان الحضور على موعد مع فقرة خاصة به اختير لها اليوم الأخير من هذا العيد الثقافي؛ حيث أقيمت ندوة حول مشاركاته في الحفاظ على هذا الإرث الموسيقي العريق بمدينة تطوان، وذلك بمشاركة عرضين للأستاذين أمين الشعشوع وعبد السلام الخلوفي، وكذا تكريم أسرة الراحل بحضور أرملته وابنه الذي ألقى كلمة باسم الأسرة.
برنامج هذا العيد لم يقتصر فقط على العرض والبيع، بل راهن على تثبيت عادة القراءة في أوساط الناشئة من خلال زيارات مؤطرة لفائدة تلاميذ المدارس وجمعيات المجتمع المدني، إلى جانب إجراء مسابقات في عدد من ميادين الإبداع الأدبي وعلى رأسها مسابقة القصة القصيرة للناشئين والتي فازت فيه ثلاث من تلميذات هذه المؤسسات التعليمية، جرى تتويجهن في الحفل الختامي، وختمت هذه الفعاليات بأمسية شعرية وموسيقية.. وباختلاف هذه الأنشطة وتنوعها تميزت هذه الدورة عن سابقاتها، وحق لها التميز في نسختها الفضية الخامسة والعشرين.