الدكتور محمد وراضي
هل أحمد عصيد السوسي الأمازيغي، متخصص في مادة علمية محددة؟ أم إنه دائرة المعارف المحيطة علما بكل شيء؟
عرضت عليه سيدة في موقع إلكتروني أن توجه إليه جملة من الأسئلة المهيأة في ورقات، فقبل عرضها، ثم أخذت تقدم إليه تلك الورقات كي يختار من بينها واحدة تلو أخرى، وأنا أصغي باهتمام إلى أجوبته، حيث أثار اهتمامي ما ورد في مفاضلته السريعة بين الأديان السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلامية.
فعنده أن الأولى والثانية، تخلص أتباعهما من وجود ديانتيهما من ضمن قوانين تسيير الشؤون السياسية العامة للدولة، يعني أن حضور اليهودية في تنظيم الدولة الإسرائيلية غير وارد، خاصة وأن هذه الدولة صورة مصغرة للولايات المتحدة الأمريكية – كما قال – لكن هذه الولايات صورة مكبرة للدول الأوربية، مجتمعة أو متفرقة، ناسيا أن الولايات المتحدة حديثة العهد بالولادة، مثلها مثل إسرائيل. فالأولى نتيجة للاكتشافات الجغرافية، التي أدت إلى قدوم الأوربيين بكثرة على أمريكا. وقدومهم عليها داخل في إطار البحث الإستعماري عن المواد الأولية، وعن اليد العاملة الرخيصة، وعن الأسواق المفتوحة لاستقبال مختلف المنتوجات الغربية.
فكان أن جلبت الولايات المتحدة بالقوة آلاف الأفارقة السود، حيث إنها أبعدتهم عن أبنائهم وزوجاتهم وآبائهم وعائلاتهم، فكان أن انصبت عنصرية الأوربيين الغزاة على جنسين: جنس حمل حملا بالقوة إلى أمريكا، وجنس الهنود الحمر الذين هم من أصل أمريكي نفسه. وإلى حدود الساعة، لا يمكن الزعم بأن حكام أمريكا البيض قد تخلصوا من العنصرية، كما لا يمكن الزعم بأن الأخلاق الروحية المسيحية هي السائدة في العلاقات بين الأمريكيين في الداخل، وبينهم وبين غيرهم من شعوب العالم في الخارج؟ وخاصة منها المنتمية إلى العالم العربي والإسلامي.
لكن عصيد الأمازيغي – للأسف الشديد – ضيق الأفق في التاريخ، وفي المجال الديني والفلسفة؟ إضافة إلى أنه وجد من يساعده على تصدير سلعه الفكرية البائرة، كالأراضي البورية المعرضة للجفاف أو للتصحر؟ وإلا كان عليه أن يدرك همجية الأمريكيين مع مختلف أمم العالم. تكفي الإشارة إلى الملايين الذين لقوا، ويلقون حتفهم على يدهم ساعة بعد ساعة، حتى من طرف من جعلوا منهم أداة طيعة لتنفيذ خططهم في جل أرجاء الأرض! وخاصة حيث الوجود للمسلمين وللعرب؟ وأستغرب أن يكون تسلح الأمريكيين كغربيين بسياسة علمانية عقلانية لا دينية، مما أدى بهم إلى الوقوع في أحضان الجاهلية! هذه الصفة التي حملتهم على تبني مهنة دركيي العالم؟ ثم يمتدحهم عصيد لأنهم متقدمون؟؟؟
وما قيل عن الدولة الأمريكية المتسلطة على السود الأفارقة وعلى الهنود الحمر، يقال عن الدولة الإسرائيلية التي لم تكن غير مولود هجين لمن أدركوا قمة معانقة التدليس. فقد تم وضعها كدولة باغية، في قلب الوطن العربي لتمثل كابحا يحول دون العرب والتقدم، الذي هو ترجمة وجودية لضمان كافة حقوقهم التي كفلها لهم الدين من جهة، وإنسانيتهم من جهة ثانية؟
أو لم يتحدث القرآن لمرات بما يفيد كون الإنسان حرا ومسؤولا في آن واحد. وربط الحرية بالمسؤولية ، ألا يمثل لازما من لوازم الحداثة والعصرنة؟ والمساواة التي يتحدث عنها الإسلام، هل وجدناها مطبقة في قلب الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل كانت من توابث دولة جنوب إفريقية، التي استعمرها البريطانيون لعدة قرون؟ ومحاولات التخلص من التمييز العنصري في هذه الدولة، أو لم تتمثل في نضال مرير من بين قادته الزعيم نيلسون مانديلا، هذا الذي قضى في السجن ظلما وعدوانا 26 سنة؟ أو ليس ما حصل له وللمناضلين معه، نتيجة للعلماجية الهمجية التي فرضت نفسها على الإنسانية جمعاء؟ وهمجيتها اللائنسانية المقيتة؟ ألم تتزعمها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في شتى أرجاء العالم؟
أولم يحل الأمريكان محل الفرنسيين في الهند الصينية؟ وكم هم أعداد القتلى من مواطني بلدان هذه المنطقة؟ ولماذا يصر الفرنسيون والأمريكيون على إبادة شعوب، بينها وبين أوطانهم مسافات وبحور؟ أي منطق علماني يبيح للأقوياء مهاجمة دول تطمح شعوبها إلى نيل نصيبها من التقدم والرقي؟ كيف تخلى الحكام العلمانيون عما يسمونه متبجحين بالمبادئ الإنسانية؟ وهل يصح أنهم يحترمونها، ويغارون عليها، ويدافعون عنها في إطار مسمى مجلس الأمن؟ وفي إطار مسمى: الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ ومن الذي نصب الخمسالكبار كحماةلكافة شعوب العالم؟ وما الذي يعنيه حق النقض (= الفيتو) إن لم يكن هو الأنانية البغيضة التي لا تدخل في الحسبان إلا مصالح المتصف بها مع مصالح من هم معه على نفس الخطة الصارمة القائمة على التضليل الممنهج؟؟؟
Source : https://dinpresse.net/?p=10557