الدكتور حمزة النهيري يكتب.. زراعة القنب الهندي: مقاربة فقهية اجتماعية في مسألة تقنينه

حمزة النهيري
2021-03-03T15:39:34+01:00
دراسات وبحوث
حمزة النهيري3 مارس 2021آخر تحديث : الأربعاء 3 مارس 2021 - 3:39 مساءً
الدكتور حمزة النهيري يكتب.. زراعة القنب الهندي: مقاربة فقهية اجتماعية في مسألة تقنينه

hamza  - دين بريسد. حمزة النهيري
مبحث سد الذرائع مبحث أصيل من مباحث أصول الفقه، وقد استدل الامام مالك بهذا الأصل واعتمده الفروعيون في الفقهيات والخلافيات عموما وفي فتاوى النوازل خصوصا، وإليه أشار الناظم بقوله:
و سد أبواب ذرائع الفساد    فمالك له به احتجاج.

وكما نصوا على سد أبواب ذرائع الفساد فذكروا لذلك ضوابط وشروطا: إذا ترتب على العمل المباح مفسدة، فقد نصوا على جواز فتحها للمصلحة الشرعية المعتبرة. ولذلك لم يمنع الفقهاء من زرع العنب رغم أن العنب يتخذ في عصر الخمر المحرم.

واشتهر عن أهل الأصول قولهم:
انظر تدلي دوالي العنب    في كل مشرق ومغرب.

وعلى هذا، فإن القنب الهندي يجوز زرعه للاستعمالات الطبية والصناعية وفي ذلك مجموعة من المصالح.

المصلحة الأولى: المساهمة في تحويل زراعة القنب الهندي من استعماله مخدرا مفسدا للعقول إلى مواد صناعية يستعمل في الأغراض الطبية والصناعية.

المصلحة الثانية: وضع حلول عملية للتسيب الذي يعرفه هذا القطاع، وبحكم أنني من أبناء تلك المنطقة التي يتعاطى أهلها لزراعته، فإني أدرك تماما المعاناة التي يعانيها أهلنا في هذا الأمر.

المصلحة الثالثة: حل المشاكل التي تعرض لها عدد من سكان المنطقة جراء زراعتهم للقنب الهندي.

المصلحةالرابعة: إعداد مراكز توعوية للفلاحين وسكان المنطقة ليوجهوهم إلى الغرض الأسمى من زراعته وانه لاينبغي أن يطغى على زراعة القطنيات والفواكه والأشجار بمختلف أنواعها وهي التي تدر على البلاد إنتاجا فلاحيا مهما يعلي من سقف دخل الفلاح ويساعد في توفير حاجيات السوق الوطنية من المنتوجات الفلاحية.

أما المفاسد التي تنحصر في أن تقنين زراعة القنب الهندي لن يمنع استعماله فهي مفسدة قابلتها مصلحة كبرى، ومحاربة الإدمان عند الشباب والتوعية بخطورة المخدرات على الصحة هو مسؤولية الدولة والمجتمع المدني.

أخبرني بعض الأطباء انه في بعض البلدان الاوروبية يباع الحشيش بكميات قليلة للعامة، وتدخينه يوصف لبعض المرضى النفسيين، ويكون الشراء بوصفة طبية مثل باقي الأدوية الخطيرة والمخدرة التي تباع في الصيدليات بشرط الوصفة الطبية.

فتحصل من ذلك أن زراعة القنب الهندي تكون تبعا للمصالح التي ستجنيها الدولة والمجتمع المدني ومايتعلق بالامن العام للدولة بما في ذلك الأمن الصحي والمجتمعي، اما المفاسد المخالة أو المتوهمة، فإن التحريم والمنع يكون إما بالنص الشرعي القطعي أو بالمفاسد الغالبة على المصالح، فإذا اجتمع علماء المملكة الشريفة حرسها الله تعالى من كل سوء ودرسوا حكمها موازاة مع المعطيات الاقتصادية والامنية والصحية التي يخبر بها المختصون في هذه الميادين.. وحيث إن الشرع لايمنع من زراعة القنب لذات العشب كما هو مقتضى النظر في القواعد، وإذا قرروا أنه لاحرج من زرعه لأجل مصانع الأدوية ومعدات التجميل قياسا على زرع العنب وانه لا يترتب على ذلك مفاسد أمنية ومجتمعية وصحية فلهم تقنينه، هذا والكل يعلم أن زراعته مستمرة خارج إطار القانون رغم جهود الدولة في منع زراعته.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأحكم.
وفق الله الجميع لما فيه صلاح وطننا الغالي حرسه الله من كل سوء، وأدام علينا فيه نعمة الأمن والاستقرار إنه ولي ذلك والقادر عليه.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.