الدكتور “المصطفى الرزرازي” هو أستاذ جامعي مغربي في إدارة الأزمات. عمل فى عدة جامعات مغربية وغربية وأسيوية، حيث عمل يجامعة “ساوبورو” باليابان كأستاذ مبرز في إدارة الأزمات، كما يعمل كإخصائي نفسي، ويرأس المرصد المغربي حول التطرف والعنف، وهي منظمة بحثية تم إنشاؤها سنة 2016، وتخصص فريقا خاصا للرصد والبحث حول القضايا ذات الصلة بالتطرف العنيف والنوع الاجتماعي بشمال افريقيا ومنطقة الساحل. وفيما يلي نص الحوار الذي نشرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة:
1. كيف أثرت جائحة فيروس كورونا المستجد عى التطرف العنيف والراديكالية في شمال إفريقيا؟
كثر الحديث مؤخرا حول تأثير جائحة كورونا على التطرف العنيف، لكن الأدلة التجريبية لا تزال محدودة. ولسدّ هذه الفجوة المعرفية، يتابع مرصدنا كل ما تنشره الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة منذ اندلاع الجائحة. وقد أظهرت البيانات البحثية التي تم جمعها حتى الآن أن هذه المجموعات قد تمكنت من الاستفادة من الجائحة وتعديل سردياتها وفقا لتطور الوضعية الوبائية في العالم. فعلى سبيل المثال، في بداية الجائحة، روّج تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لفكرة أن الفيروس هو عقاب من الله لإضعاف العدو. ومع ذلك، عندما تفشت الجائحة في المناطق الخاضعة لهم، تحولت دعايتهم إلى تعزيز تدابير الوقاية لاحتواء انتشار الفيروس بين أعضائه. ثم تحول مرة أخرى إلى الدعوة إلى توسيع أنشطتهم الإرهابية بينما كانت الدول منشغلة بمكافحة الجائحة.
هناك أيضا فجوة بين تعاطي التنظيمات الإرهابية في المناطق الحضرية والريفية، أي من حيث كيفية تأثير عمليات إغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي على مجموعات المتطرفين العنيفين، إذ يعتبر التباعد الاجتماعي والحجر الصحي من الإجراءات الحضرية. لكن إذا نظرنا إلى المناطق الريفية في الساحل، نلاحظ أنه لم يتغير الكثير، وهو ما ظهر جليا في وتيرة العمليات الإرهابية التي ارتفع معدلها في المناطق التي تحفظ فيها هذه التنظيمات على مساحات ترابية، في انتشال قوات الدول بتدبر الوضعية الوبائية (الساحل، سوريا والعراق، إلخ)، حيث لا تزال الجماعات الإرهابية في هذه المناطق مستمرة في أنشطتها الكاملة رغم الوضعية الوبائية.
نعلم أن جائحة كورونا لها تأثير غير متناسب على النساء على الصعيد العالمي. فهل كان هذا هو الحال في شمال افريقيا؟
تأرت النساء على كافة المستويات، سواء في العمل أو المنزل. فقد أدت جائحة كورونا إلى تفاقم العنف القائم على النوع الاجتماعي والصور النمطية للنوع الاجتماعي والأدوار الموكلة إلى الجنسين. وشهدت النساء المتزوجات زيادة كبيرة في حجم الأعمال المنزلية ومهام رعاية الأطفال، وفقدت العديد من النساء وظائفهن. ويؤثر ذلك على النساء نفسيا وعاطفيا واقتصاديا، مما قد يجعلهن أكثر عرضة للاستغلال، بما في ذلك من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة.
برأيك، كيف يمكننا التخفيف من حدة بعض هذه المخاطر؟
نستطيع تمكين النساء أثناء الجائحة من خلال إشراكهن في كافة جوانب الاستجابة لها. لكن الأزمة خلقت أولويات خاصة بها، للأسف تم إرجاء العمل المدني من أجل تمكين المرأة من حقوقها. لكن يجب علينا أبضا أن ندرك الدور المهم الذي تلعبه النساء في مكافحة الجائحة، وكيفية تأرثهن بالجائحة. فعندما نكمم أفواه النساء، فإننا في الواقع نضعف مكافحتنا للجائحة، مما يزيد من صعوبة التعافي منها.
كيف أثرت جائحة كورونا على مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من النساء؟
رصد مرصدنا زيادة في عدد النساء والفتيات اللائي استجبن لنظريات المؤامرة على الإنترت، وهو أمر باعث على القلق بشكل خاص، لأنه قد يكون بالنسبة للبعض خطوة أولى تمهيدية نحو التطرف العنيف. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تستغل الجماعات المتطرفة التأخر في توزيع لقاح كورونا على بعض البلدان في خطابها الذي يروج لنظرية المؤامرة واستهداف “المستضعفين”. وقد تكون هناك أبضا سرديات أخرى تصور اللقاح كأداة يستخدمها الغرب للسيطرة على حكومات المنطقة. ومن ثم، يجب بذل جهود مشتركة بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني لخلق تدخلات وحملات متطورة لمواجهة انتشار المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة.
كيف يمكن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي المساعدة في مكافحة التطرف خلال جائحة كورونا وما بعدها؟
نحن بحاجة إلى مزيد من الدعم للمنظمات التي تعمل على إعادة تأهيل الذين عادوا من مناطق الصراع وإعادة دمجهم في المجتمع. ونحن نعمل حاليا مع الأسر العائدة والسجناء السابقين، ولكننا بحاجة إلى المزيد من الدعم المعنوي واللوجيستي، لأجل إنجاح البرامج لمساعدة هؤلاء النساء والرجال والأطفال على العودة إلى مجتمعاتهم المحلية بشكل امن. ويتطلب نجاح إعادة التأهيل وإعادة الإدماج على خلق برامج مبنية على أدلة وأبحاث، و ان يستمر العمل حتى أثناء الأزمات.
على مدى السنوات الماضية، شاركت هيئة الأمم المتحدة للمرأة والمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب في إنشاء منصة خبراء حول النوع الاجتماعي ومنع ومكافحة التطرف العنيف في شمال إفريقيا. لجائحة كوفيد آثار سلبية على الأبحاث، وعلى أعمال المجتمع المدني والحكومات في منع التطرف في شمال إفريقيا، أردات هيئة الأمم المتحدة للمرأة والمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب السماع من بعض أعضاء المنصة لفهم كيف غير الوباء عملهم.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=13812