الدعاء لشيرين

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس14 مايو 2022آخر تحديث : السبت 14 مايو 2022 - 8:02 صباحًا
الدعاء لشيرين

marzouk - دين بريسبقلم: ذ.عبد الحق مرزوك
بسم الله، والحمد لله، وصلى الله على رسوله الكريم وسلم، وبعد، فهذا بعون الله تعالى توجيه شريف بهامش حادث اغتيال الصحفية الفلسطينية أبو عاقلة الذي أشعل به مجهولون، وكثير من إخواننا خلفهم بقصد أو غير قصد حروبا موازية، ومعارك مشغلة عن جواز الدعاء لها من عدمه، وهو موضوع آخر، ليس هذا محله، حرف به من خاض فيه القضية إلى اختلاف بيننا، بلغ في بعض الأحيان إلى حد الشتيمة والتكفير، فتفرق جهدنا بسببه، وتحولت الفرصة إلى عدونا ليشمت فينا، ويشمت في تفرقنا، ويفرح بفوات نيلنا منه.

وإني لا أرى من العقل، ولا من واجب الرشد في وقت يكاد يجمع فيه العالم بكليته -منصفون وخصوم- على إنكار هذه الجريمة، وإدانة من كان خلفها أن أخوض في أحقية شيرين بدعاء المسلمين من غيره. فقد قضت إلى ربها، وانقضى أجلها، فصارت بين يديه سبحانه، إن شاءَ عذَّبَها، وإن شاءَ غفرَ لَها، وما أملك لنفسي ولا لها نفعا ولا ضرا إِلَّا ما شاء الله، ولا اطلعت على قلبها، ونظرت في كتابها لأزعم فيها رأيا ومذهبا يحاسبني الله عليه، وفي القرآن الكريم: (َ فإنما عليك البلاغ، وعلينا الحساب).

ويعلم الله -وهو حسيبي- أني ما أردت بهذا التقييد إلا أن أوجه إخواني ممن خاضوا في الحادثة، فأفسدوا، وتجاوزوا -غفر الله لهم- أن الأمر كان سينجح، ويثمر لو أنهم اكتفوا بالتنديد، وأشهروا الحادثة في كل مناسبة، وحرضوا بني دينها على الصهاينة، وأجزلوا في شكرها على ما أسلفت في خدمة قضية فلسطين، ولكنهم ككل مرة يأبون إلا أن يفسدوا علينا وحدتنا، ويفوتوا علينا كل فرصة للنيل من عدونا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

وإني -إذ أنعي شيرين الصحفية الفلسطينية التي خدمت قضية المسلمين والأحرار في العالم كله، وأشكر في الله جهدها ورباطها المهني في ذلك- أنبه المتخالفين في قضية الدعاء لها إلى ما يلي:

أولا، دعوا الحطب للحطاب، واتركوا الطبخ للطباخ، واعلموا أن للدين أهله وعلمائه، ويرحم الله أبا الفتح البستي حين قال:
فللتدابير فرسان إذا ركضوا ******* أبروا كما للحرب فرسان

ثانيا، تأدبوا في اِختلافكم، وأحسنوا في إظهار آرائكم، واتركوا الهزء ببعضكم، فإني وجدت الطرفين معا (متنورين كما زعموا، ومتطرفين كما اِتُهِموا) يفسق بعضهم بعضا، ويكذب بعضهم بعضا، ويترفعون كبرا عن مخالفهم، فلا هذا تواضع، وبين، ولا هذا تأول، وأعذر، ولقد عددت من ذلك قولهم: ” أراس طارو، هادي مشي مسلمة، هي فلسطينية وجنسيتها أمريكية، صفحتي ليست لأمثالك أولدي، سير تقرا وتتعلم بعدا، أدعو لها وأنت مالك، متطرفون يمنعون الدعاء لشيرين…” ولن يغير ذلك كله في حكم الله سبحانه في شيرين.

ثالثا: كان من الممكن في حادث اِغتيال شيرين التركيز على ما يجمعنا بها، وهو أكثر مما يجمعنا بقاتلها، ومن ذلك اِنتمائها العربي الفلسطيني، ونصرانيتها، وانخراطها المهني في مشروع خدمة الأقصى، ومدافعة خصومه، وكلها مسوغات للحزن على روحها، والتضامن مع بني نحلتها، ولن يكون ذلك بدعا على ديننا، ولا جديدا على كتاب ربنا سبحانه الذي بشر فيه أهل القبلة من أسلافنا بانتصار الروم على الفرس لما قال: ( وَيومئذ يَفْرَحُ المومنون بنصر الله )، ولن يكون كذلك مخالفة لهدي رسولنا -صلى الله عليه وسلم- لما قال في حلف الفضول -وكان في شبابه في الجاهلية، وكان حلفا لنصرة المظلومين-: ( لو دُعيتُ إلى مثله في الإسلام لأجبتُ). فشكرا شكرا شيرين، وبعدا بعدا للمفرقين، ولا قوة إلا بالله العظيم.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.