5 أغسطس 2025 / 09:46

الدراسات القرآنية بين القديم والحديث: عبد المجيد الشرفي

محمد أومليل

أحد أكابر العلم والفكر في تونس من أصول أندلسية وعائلة بورجازية؛ مواليد 1942 متخصص في الفكر والحضارة الإسلاميين والإسلاميات والدراسات القرآنية الكلاسيكية والحديثة، أكاديمي جامعي يتقن الفرنسية والانجليزية بالإضافة إلى العربية، حصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة تونس سنة 1982، شغل منصب عميد لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس كما شغل كرسي اليونيسكو للأديان المقارنة، وعمل أستاذا زائرا في العديد من الجامعات العربية والأوروبية.
له عدة مؤلفات في مجالات متنوعة باللغة العربية والفرنسية بالإضافة إلى كتب مترجمة إلى العربية، من ضمن مؤلفاته ما له علاقة بالإسلاميات والدراسات القرآنية، سأقتصر على ذكر ما له علاقة بهما فقط كون ذلك موضوع بحثنا:
– الإسلام بين الرسالة والتاريخ
– الإسلام والحداثة
– المسلم في التاريخ
– الثورة والحداثة والإسلام
– الفكر الإسلامي في الرد على النصارى
– المصحف وقراءاته.
هذا الأخير ألفه بمساعدة فريق من أساتذة وطلبة الدراسات العليا، من ضمن الأساتذة:
– نادر الحمامي تخصص اللغة العربية والإسلاميات له عدة مؤلفات من ضمنها (الطبري وخصومه من أهل السنة).
– عبد القادر المهيري تخصص الآداب واللغة العربية.
ومن النساء:
– نائلة السليني تخصص الحضارة العربية والدراسات القرآنية.
تحت إشراف الدكتور عبد المجيد الشرفي.
الكتاب يتكون من خمسة أجزاء، استغرقت مدة إنجازه عشر سنوات بالإضافة إلى عدة سفريات إلى بلدان إسلامية (عربية وعجمية) وأوروبية بحثا عن المتاحف والمعاهد والجامعات التي بحوزتها المصادر؛ كتب، مخطوطات، برديات، مسودات..، إلى غير مما له علاقة بالقرآن (1).
هناك اهتمام كبير من قبل أهل العلم والفكر، في تونس، ب”التراث الإسلامي” لا سيما العنصر النسوي، مثل:
– هالة الوردي؛ الإسلام المبكر
– آمنة الجبلاوي؛ الإسلام المبكر
– ناجية الوريمي؛ الإسلام المبكر
– نائلة السليني؛ الحضارة العربية والدراسات القرآنية
– حياة عمامو؛ الحضارة الإسلامية
– أسماء الهلالي؛ المخطوطات.
القائمة طويلة اقتصرت على ذكر من لديهن شهرة واسعة.
المنهج المعتمد في إنجاز الكتاب متعدد؛ نقدي، تاريخي، لغوي، تفكيكي، تحليلي..
مما صدر، حول المنهج المعتمد، عن عبد المجيد الشرفي ونادر الحمامي:
” نحن لم نقوم بعملية ترجيح الآراء، بل قمنا بطرح جميع الآراء والاختلافات الصادرة عن جميع الطوائف والمذاهب وفق رؤية موضوعية وتركنا حرية الاختيار والترجيح للقارئ والباحث. نحن قمنا بتقديم مادة خام غنية بكل ما له علاقة بالقرآن وعلومه دون دراسة معيارية أو تاريخية أو تعاليق، بل اقتصرنا على النقل بكل أمانة علمية دون تحيز لجهة معينة أو نزعة انتقائية، حيث اعتمدنا على مصادر الشيعة والسنة (القديمة والحديثة) والاستشراق القديم والاستشراق الجديد. تفادينا الدراسات الانتقائية والمتحيزة والإقصائية (2).
هو في حقيقة الأمر، اعتمدوا على “منهج التجميع” (حاطب ليل)، بمعزل عن خيط ناظم للمنقولات والسرديات، بغية إظهار الكم الهائل من الاختلافات والأخطاء والتناقضات والأوهام والخرافات والنواقص والاختلالات؛ كل ذلك وغيره مسطور في الكتاب بالتفصيل الممل من أجل إثارة الشكوك لدى القارئ وأخذ موقف سلبي من “التراث الإسلامي” جملة وتفصيلا.
هم أنفسهم صرحوا بما وجدوه في المصادر مما تقدم ذكره أعلاه.
حتى ظاهرة “التكرار في القرآن” أظهروه بالتفصيل والإحصاء وخلصوا إلى أن نسبة التكرار الوراد في القرآن: ما يقرب من ستين بالمائة (57 بالمائة)، لا سيما السور الطوال بحيث لا تخلو سورة من التكرار حيث ذكروا نسبة التكرار في كل سورة على حدة (3).
خمسة مجلدات مليئة بما يسيء للقرآن، من رصد مضني عن الاختلافات والنواقص والاختلالات.. وكل مواطن الأخطاء والسهو والضعف..، إلى غير ذلك مما يثير الشكوك!
الكتاب خضع للنقد من قبل الكثير من النقاد على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم حيث تم رصد 800 خطأ في المنهجية والمنقولات والتوثيق وبعض التفاصيل (4).
الأساتذة، ذكورا وإناثا، الذين ساهموا في إنجاز الكتاب، قرأت لهم وسمعت محاضراتهم وحواراتهم وندواتهم عدة سنوات منذ اقتحمت عملية الاستدراك الذاتي؛ فتبين لي أنهم متطرفون تجاه “التراث الإسلامي” غير منصفين كونهم يركزون على الجانب السلبي فقط، بدعوى التجرد والموضوعية!
لديهم عقدة نفسية من “التراث الإسلامي”؛ مرد ذلك إلى ما علمهم إياه (الحبيب بورقيبة) إبان حكمه حيث رسخ في أذهانهم العداوة ل “التراث الإسلامي”، وتبني “التوجه العلماني المتطرف”؛ ومن ثم أصبحوا يهاجمون “التراث الإسلامي” ب “العلم” كرسوا حياتهم لهذا الغرض.
لكن، الكتاب، يستفاد منه في معرفة بعض الاختلافات والأوهام والتناقضات؛ لمن أراد أن يقوم بالاستدراك الذاتي لما تلقاه من “دين الملوك” و”دين الشركاء” و”دين الآباء”.
فكما أن هناك وجها مظلما من “التراث الإسلامي” فكذلك هناك وجه مشرق؛ تم التستر عنه من قبل الأساتذة الذين قاموا بتأليف الكتاب.
الوجه المشرق من “التراث الإسلامي” يشكل مساحة، لا يستهان بها، آلاف الأحاديث والآراء الخلاصات والأفكار والاستنتاجات اسقراء واستنباطا في غاية الأهمية تتضمن مجالات متعددة!
لكن العمى الأيديولوجي مانع عن الرؤية الموضوعية والمقاربة الشمولية والعدل في التقييم والقول والتقويم؛ ينطبق ذلك العمى على كل من يرى الجانب السلبي دون الجانب الإيجابي والعكس كذلك؛ من يرى الإيجابي دون السلبي.
المراجع:
-1، نائلة السليني، ندوة حول المصحف وقراءاته، اليوتيوب.
-2، حوار مع عبد المجيد الشرفي ونادر الحمامي، المصحف وقراءاته، اليوتيوب.
-3، نائلة السليني، م س: (1).
-4، محمد كالو، مشروع (المصحف وقراءاته)، أرشيف ملتقى أهل التفسير.