10 سبتمبر 2025 / 07:53

الدراسات القرآنية بين القديم والحديث: أنواع القراءات

محمد أومليل

سوف أقتصر على ذكر بعض الاختلافات بين القراءتين الشهيرتين (ورش) و(حفص) فقط، الأولى تستعمل في المغرب والثانية في المشرق.

من الصعوبة بمكان ذكر اختلافات جميع القراءات السائدة العشر، فهذا العمل يحتاج إلى بحث مستقل قائم بذاته، لذلك اقتصرنا على قراءتين فحسب.

ورش هو أبو سعيد عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان الذي اشتهر ب(ورش)، لقبه به شيخه المقرئ الإمام نافع، وورش راو عنه. ولد في صعيد مصر (197،110) وتوفي ودفن هناك.

حفص هو أبو عمر بن سليمان بن المغيرة بن البزاز الأسدي الكوفي (180،90) ولد في الكوفة ومات ودفن فيها. شيخه المقرئ الإمام عاصم وهو راو عنه.

تختلف روايتا (ورش) و(حفص) في عدة جوانب، من ضمنها: الممدود، الهمز، الإمالة، التنوين، التنقيط، التشكيل، زيادة حرف أو كلمة، بالإضافة إلى عدد الآيات بالنسبة لورش: 6213، مقابل 6236 لحفص؛ البسملة في سورة الفاتحة تعد آية، وكذلك الحروف المتقاطعة التي تتصدر بعض السور تعد آية.

سوف أذكر بعض مواطن الاختلاف، مثالا لا حصرا، التي لها أهمية من حيث التأثير على معنى الكلمة بنسبة معينة.

” وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ” (الزخرف 19) (حفص).

عند (ورش):

” هم عند الرحمن “.

مرد الاختلاف إلى التنقيط والمد، في الأصل كلمة (ع نبرة د) لم تكن منقطة ولا مشكلة ودون مد، فتم تنقيطها بشكل مختلف، حيث عاصم قرأها “عباد”، ونافع قرأها “عند”.

وقس على ذلك كل ما سوف يأتي ذكره من الاختلافات تباعا.

           *****

” مالك يوم الدين ” (الفاتحة 4) (حفص).

عند “ورش”:

” ملك يوم الدين “.

الأولى؛ هي التي تليق في حق جلال الله وعظيم سلطانه وسعة ملكه من الثانية؛ كون هذه الأخيرة محدودة التملك والتصرف، بخلاف “مالك” تفيد الشمول والإطلاق والإحاطة؛ فالمعنى مختلف بين الكلمتين وله تأثير على التصور العقدي.

           *****

” وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ” (آل عمران 146) (حفص).

عند “ورش”:

” قتل ” (ضم القاف وكسر التاء وفتح اللام).

           *****

” ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ” (الأحزاب 68) (حفص).

عند (ورش):

” والعنهم لعنا كثيرا “.

           *****

” وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ” (الأعراف 57) (حفص).

عند (ورش):

” نشرا “.

           *****

” وانظر إلى العظام كيف ننشزها ” (البقرة 259) (حفص).

عند (ورش):

” ننشرها “.

           *****

” فدية طعام مسكين ” (البقرة 184) (حفص).

عند (ورش):

” مساكين “.

           *****

” ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ” (الحديد 24) (حفص).

عند (ورش):

” فإن الله الغني الحميد “.

سقطت كلمة “هو” عند (ورش)، كما سقطت كلمة “مؤمن”، حسب رأي ابن عباس:

” قوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة): هي خطأ من الكاتب، هو، سبحانه، أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، إنما هي: (مثل نور المؤمن كمشكاة) “(1).

نقتصر على ما تقدم ذكره، نظرا لحساسية الموضوع، وإن كان ذلك لا يعدو أن يكون غيضا من فيض. هذا في ما له علاقة بالاختلاف بين قراءتين فحسب، فما بالك إن رصدنا كل الاختلافات المسطورة في القراءات العشر؟!

ومع ذلك كله، القرآن محفوظ من قبل الله جل وعلا في سوره، بالجملة، وفي ترتيبهم وأغلب مفرداته، وأصوله، وحرامه وحلاله، ووصاياه العشر، وقيمه الأخلاقية النبيلة، وشعائره التعبدية، وقيمه الروحية، وسننه الناظمة للآفاق والأنفس، ومقاصده الكبرى..، إلى غير ذلك مما يندرج ضمن جوهر القرآن. أما ما له علاقة بالمصاحف؛ فهو عرضة للاختلالات كونه عملا بشريا لا يخلو من نقص.

المراجع:

-1، جلال الدين السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 542/1.