2 سبتمبر 2025 / 10:46

الدراسات القرآنية بين القديم والحديث: سمير إبراهيم خليل حسن

محمد أومليل

يتميز الباحث، المجتهد المجدد المتمرد على العقل الجمعي والدين الموروث، بشخصيته القوية وإرادته المستقلة وصدقه وشجاعته، وثرائه العلمي والفكري والمعرفي، وسعة مداركه وآفاق فهمه واستشرافه للمستقبل، وتخلصه من أسر الخصوصية الضيقة؛ الطائفية والعشائرية والمذهبية والحزبية والأيديولوجية، سمير إبراهيم خليل حسن؛ ينطبق عليه ما تقدم ذكره من مواصفات كل باحث حر مزعج ومثير للجدل.
رجل، بحكم تمكنه من الفلسفة واللغات السامية وفقه اللغة والفيزياء والرياضيات والحس المنهجي والنقدي، كانت هوايته نقد الأديان والكتب المقدسة، وحين جاء دور نقد الإسلام والقرآن؛ تحول من نقد الأديان نحو الدعوة إلى القرآن على أساس فهم جديد غير مسبوق.
سمير إبراهيم خليل حسن سوري من مواليد سنة 1968، كان شغوفا بقراءة الكتب منذ صغره فحين علم بذلك أبوه أخذه إلى مكتبة اللاذيقية الكبيرة فتم تسجيله وبدأ يقضي ساعتين في اليوم هناك، يقرأ كل أصناف المعرفة؛ لغة، فلسفة، فيزياء..، إلى غير ذلك من أنواع الكتب؛ فتكونت لديه ملكة الكتابة، فكان أول إصدار له كتاب عنوانه سؤال فلسفي:
– هل الدين خرافة أم علم؟
ثم بدأ يسترسل في الكتابة كتابا تلو الآخر، من ضمنها ما له علاقة بالدراسات القرآنية:
– أنباء القرآن
– منهاج العلوم.
الكتاب الأخير يقصد به القرآن الكريم كونه مصدرا للعلوم.
ورد في غلاف الكتاب: “هل يمكن للقرآن أن يسير مع العلم ويوصل إلى استنباط منهاج للبحث العلمي؟
البحث في القرآن يبدأ بمعرفة دليل حروفه وبالسير نظرا وبحثا في كيف بدأ الخلق وكيف يجري أمر الله حتى النهاية ثم إعادة الخلق. الذين يكشفون عن هذا المنهاج هم أولوا الألباب الذين امتلأت قلوبهم بالعلم والمعرفة بالوجود وظواهره وسننه، فأحسن الحديث صفة كتاب الله المتشابه الذي يدل على الفهم الذي يتطور باتساع وزيادة فهمنا للوجود ونشأته وأطواره “.
المتشابه، بالنسبة لسمير إبراهيم، يزخر بالعلوم والمعارف؛ عكس ما يعتقده الكثير من علماء الدين من ازدراء وتحفظ لا سيما أصحاب التوجه التقليدي.
منهجه المعتمد هو القرآن بما في ذلك رسمه، بحيث لا يكتب إلى برسم القرآن، كل كتبه سارت على هذا النحو، يقول:
” القرآن هو هذا المنهاج”(1).
ويضيف تفصيلا لذلك: “فما رأيته في “القرآن” أنه كتاب هداية (كاتلوك) من خلق صانع عليم خبير بصناعته وبسبيل من يريد من الناس أن ينظر في الحق ويقرأ ويعلم ويهتدى ليصلح ما فسد بعمله ويحسن ولا يفسد ولا يسيء”(2).
يعطي أهمية قصوى للعقل: “وبالعقل علمت أن ما فيه (يقصد القرآن) هو هداية من عليم خبير.. يعظهم ليسيروا في الأرض وينظروا كيف بدأ الخلق ويقرأوا باسم ربهم الذي خلق”(3).
من خلال اعتماده على منهاج القرآن أحدث ثورة تجاه العديد من المسلمات، من ضمنها:
– اللسان عوض اللغة
في نظر الأستاذ كلمة “لغة” هي من اللغو تدل على الباطل: “نحن أبناء الألسن الشامية لا نزال نعمل ونكون مفاهيمنا بدليل لسان لغو ولا ندري الفرق بينه وبين اللسان العربي المبين “(4).
” وجعلوا كلمة “لغة” علما على اللسان العربي المبين. والكلمة تدل على الباطل”(5).
بديل “لغة”، في نظر الأستاذ، “اللسان العربي المبين”.
“وجاءت أعمالهم (يقصد علماء اللغة وصانعي المعاجم) فجعلت كلمة “لغة” بديل لكلمة “لسان” وحرفت الدليل. وكلمة “معجم” بديل لكلمة “معرب” وحرفت الدليل. واستمر التحريف في فعل اللغو إلى يومنا هذا”(6).
في اعتقاد الأستاذ؛ لغة المعاجم مانع عن فهم القرآن الكريم، لذا وجب الاعتماد على لسان القرآن ومنهاجه وعلومه.
– الميراث عوض التراث
“يستعمل جميع المفكرين كلمة “تراث” بدليل الميراث المسطور المخزون من علوم وقصص وبناء، وما جاء في “معاجم اللغة” وتعليمها فعل فعله في صناعة اللغو”(7).
والصواب في نظر الأستاذ:
“الميراث هو كل ما تركه الميت من مال وبناء وأعمال علمية وفكرية مسطورة في سجلات. ويؤكد هذا الدليل ترتيل البلاغات التالية:
(فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب).
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا).
(وأورثنا بني إسرائيل الكتاب).
الكتاب لا يقسم ليكون تراثا فالذي ورث هو كتاب وهو ميراث وليس تراثا”(8).
– لحم الخنزير
وردت ضمن السياق التالي:
(قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ).
في نظر الأستاذ حرم الله ذلك بعلة الضرر الذي يترتب على أكله: ميتة، أو دما، أو لحم خنزير بالمعنى التالي (وليس ما هو سائد لدينا نحن المسلمين المراد به نوع من الحيوانات)
“أما “لحم خنزير” فالخبث فيه لأنه “خنزير” من الأصل “خنزر” الذي يدل على العسر والغلاظة والقسوة، وكل كبير في العمر لحمه “خنزير”.
ولقد بحثت في معاجم اللغة العربية حول “خنزر، خنزير” فوجدت ما ذهب إليه الأستاذ أي العسر والغلاظة والقسوة.
من ضمن أقواله:
” لسان اللغة العربية يمنع الدارس في القرآن عن فهم القول فيه “.
” لسان الموروث وخطه لغو تبرأت من الموروث ولسانه وخطه ومن أصحابه وتابعيه “.
” تطهير العقل من لغو الجاهلين واجب “.
” دين الحق هو قانون الوجود المسنون “.
” أنباء القرآن تستقر في محراب الفيزياء “.
” القرآن علم ومنهاج ووصية “.
إلى غير ذلك مما صدر من اجتهادات صادمة من قبل الأستاذ سمير إبراهيم خليل حسن؛ من حقه أن يفكر ويجتهد وأن يبدع ويبتكر، ومن حق المتلقي أن يأخذ ويرد دون شخصنة وتلفيق التهم الباطلة.
لم أختلف معه فيما طرحه، إنما قبلت ببعض آرائه وتحفظت من بعضها ليس من باب الاختلاف والرفض بل من باب قصور فهمي وعدم استيعابي لها.
من ضمن ذلك اعتماده على “الخط العثماني” في ما يكتبه، مع أن هناك أنواع أخرى من الخط، مثل “الخط النبطي” الذي كان معتمد في العهد النبوي، ثم ظهر بعده “الخط الكوفي” ثم “خط النسخ”؛ كل ذلك يندرج ضمن اجتهاد بشري بما في ذلك “الخط العثماني” وليس أمرا توقيفيا.
المراجع:
-3،1، منهاج العلوم، ص 8.
-2، م س، ص 9.
-4، م س، ص 58.
-5، م س، ص 59.
-6، م س، ص 201.
-8،7، م س، ص 90.