1 سبتمبر 2025 / 14:15

الدراسات القرآنية بين القديم والحديث: عالم سبيط النيلي

محمد أومليل

قام بثورة فكرية ضد الموروث اللغوي والبلاغي من خلال نظرياته الجديدة (القصدية واللفظية والنظامية) ترتب عن ذلك تحطيم أغلب ما ورد في علوم الشريعة؛ حديث، فقه، أصول، سيرة، علوم القرآن..، إلى غير ذلك من علوم الشريعة والثقافة الإسلامية عموما؛ طرحه الجديد الخارج عن المألوف جلب له الكثير من الخصوم والأعداء وصل الأمر إلى اتهامه بالكفر والخروج عن الإسلام فقتل مسموما وسنه دون الخمسين (44) سنة).

عالم سبيط النيلي (2000،1956) عراقي مهندس حصل على البكلريوس والماجستر من جامعة أوديسا بأوكرانيا، مهتم بتجديد اللغة العربية والدراسات القرآنية، توصل إلى نظريات جديدة (القصدية واللفظية والنظامية) من خلالها أصبحت لديه رؤية جديدة للغة العربية وللقرآن الكريم، بواسطة تلك النظريات قام بتفنيد الترادف واللفظ المشترك والمجاز والتشبيه والكناية والاستعارة..، وجل ما له علاقة بالبلاغة!

توصل إلى أن القرآن الكريم كتاب رب العالمين الذي خلق كل شيء بقدر وبإحكام مبهر ومنقطع النظير؛ كتاب يسوده نظام هندسي يليق بمقام المتحدث العليم الخبير البديع أحسن الخالقين، كل ما في القرآن وضع بدقة عالية ابتداء من الحرف وانتهاء بالقرآن كله مرورا بالكلمات والآيات والسور؛ الكل محكم متناسق متماسك غاية في الإتقان!

أثارت أفكاره الثورية جدلا واسعا بين النخبة من رجال الدين والعلم والفكر والثقافة، بما في ذلك من اعتراضات واتهامات إلى درجة أن قتل مسموما!

ترك عدة مؤلفات، من ضمنها:

– طور الاستخلاف

– أصل الخلق

– اللغة الموحدة

– ملحمة جلجاش والنص القرآني

– النظام القرآني مقدمة في المنهج اللفظي.

هذا الأخير أثار زوبعة من الاعتراضات والاتهامات..

” قام بدراسة معمقة للحرف، بحيث كل حرف على حدة له دلالة معينة ضمن الكلمة التي تكونت منها تلك الحروف، على سبيل المثال: بدأ:

ب: انبثاق

د: اندفاع

أ: زمان ومكان.

شكر:

ش: انتشار

ك: اكتساب

ر: تكرار.

إلى غير ذلك من دراسته الخاصة بالحروف “(1).

” نظريته الكبرى: “النظام القرآني” يليها “المنهج اللفظي” ثم “المنهج القصدي”.

من ضمن جهازه المفاهيمي: اللفظ، القصد، المركب، التركيب، الرباط، الاقتران، الشعاع، المحور، الترتيب، المعنى التام، المعنى الذهني، المعنى الأصلي، المعنى الحركي “(2).

مبادئ منهجه: “مبدأ عدم الاختلاف في القرآن، مبدأ قصور المتلقي، مبدأ التغاير عن كلام المخلوقين، مبدأ خضوع المتلقي للنظام القرآني، مبدأ العلو والشمول والحاكمية والامتناع”(3).

قواعد منهجه: “إبطال المترادفات، إبطال تعدد المعاني للفظ الواحد، إبطال التقديرات المتنوعة للمركبات والألفاظ، إبطال التقديرات العشوائية، إبطال المجاز والتشبيه والكناية والاستعارة، إبطال تعدد القراءات، إبطال التواتر، إبطال التفسير الموضوعي” (4).

من ضمن تقريراته:

“المنهج اللفظي منهج تحليلي لآيات القرآن على مبادئ وقواعد وله اصطلاحاته الخاصة به.

يؤمن المنهج اللفظي بأن على الباحث الخضوع للنظام القرآني إن أراد التوصل إلى معارف القرآن.

يؤمن المنهج اللفظي بأن القرآن ممتنع عن قبول أي علم أو معرفة غير علمه هو، فهو متعال على كل علم آخر لأنه كلام الله.

المنهج اللفظي بديل عن مناهج التفسير باعتباره المنهج التوحيدي لها جميعا”(5).

كما هو سائد لدى علماء المسلمين بأن القرآن ثابت بالتواتر، في نظر العالم سبيط النيلي، لا يليق بكلام الله كونه معجزة دائمة وقويا بذاته لا يحتاج لشهادة من غيره تواترا كان أو شيئا آخر. يقول: “لا يصح القول أنه كلام الله بدليل التواتر لأن عبارة (كلام الله) هي تعبير آخر للمعجزة، وعليه فإن التواتر كدليل على الإعجاز يسوقه العلماء؛ هو نفسه دليل مناقض ومناف للإعجاز وإن لم ينتبهوا لذلك”(6).

على العموم، الانفتاح على ما يصدر عن المجتهدين المجددين في الدراسات الإسلامية عموما والدراسات القرآنية على وجه الخصوص يساهم في فتح آفاق للمعرفة مع حضور الحس النقدي المزدوج من خلال رصد مواطن الصواب ومواطن الخطأ على السواء، أو لنقل مواطن الاختلاف.

كل مجتهد مجدد متمرد على الموروث لا يخلو من نصيب من المبالغة والتطرف؛ مرد ذلك إلى إطلاق العنان لحرية التفكير والتعبير والتصريح والبوح بكل ما يراود خياله وذهنه، لولا تلك الحرية لما وصل المجتهد المجدد المتمرد إلى تلك الأفكار الصادمة!

من حق أستاذنا العالم سبيط النيلي أن يأتي بالجديد، لكن كونه يجعل ما طرحه هو الحق الطلق وما دونه باطل مبين؛ فذاك غلو وتطرف وغرور!

ما طرحه هو مساهمة في تجديد فهم القرآن ضمن باقي المساهمات دون إقصاء أي كان.

على أي، الكل يؤخذ منه ويرد.

المراجع:

-1، حسن فرحان المالكي، من هو عالم سبيط المالكي، اليوتيوب.

-5،4،3،2، نعيمة لبداوي، المنهج اللفظي.. استمداد من النظام القرآني، مجلة الإحياء، العدد 27، ص 130.

-6، العالم سبيط النيلي، النظام القرآني، ص 242.

#محمد_أومليل_الدراسات_القرآنية_بين_القديم_والحديث