محمد أومليل
هناك مجهودات كبيرة تبذل في مجال الدراسات الإسلامية بشكل عام، والدراسات القرآنية على وجه الخصوص في الغرب الافريقي كتابة وتأليفا وتحقيقا؛ إلا أن ذلك كله بقي مغمورا القلة القليلة من العرب من لهم اطلاع على تلك الإنجازات التي لا تخلو من قيمة مضافة للتراث الإسلامي والتراث الإنساني عموما، نفس المصير بالنسبة لكل ما كتب من قبل باحثين مسلمين بلغات: فارسية، أردية، كردية..، إلى غير ذلك من لغات مسلمين غير العرب.
الشيخ العلامة عبد الله بن فودي من عائلة آل فودي مشهود لهم بالعلم والدعوة إلى الله والورع والتقوى رجالا ونساء.
عبد الله بن فودي (1828،1767) نيجيري مسلم سني مالكي أشعري قادري لغوي، عالم متبحر في علوم الشريعة، نشأ في أسرة متدينة ومثقفة بثقافة إسلامية واسعة أغلب أفراد أسرته وعائلته من أهل العلم والدعوة إلى الله. قيل عنه: “كان عالما بشرع الله داعيا إلى الله، جميل العشرة متواضعا متدينا عفيفا طلق الوجه، العالم العلامة، النظار الفهامة، شيخنا البركة، المصنف المفسر المحدث، الرواية الحافظ، المقرئ المجود، النحوي اللغوي، البياني المتفنن، الآخذ من كل فن بأوفر نصيب، الراتع من كل علم في مرعاه الخصيب، الشهير الرحالة، ذو التحقيقات البديعة والأبحاث الدقيقة”.
تشهد على ذلك مؤلفاته الكثيرة ما يقرب من خمسين مؤلفا في مجالات متعددة: علوم القرآن، التفسير، الفقه، الحديث، السيرة، العقيدة، التصوف، الأنساب، السياسة، اللغة والأدب..، وموضوعات أخرى متنوعة.
من ضمن مؤلفاته التي لها علاقة بالدراسات القرآنية:
– مفتاح التفسير
– ضياء التأويل في معاني التنزيل.
منهجه في التعامل مع القرآن ألفت حوله عدة كتب وأطروحات جامعية. من ضمنها:
– أطروحة بعنوان: عبد الله بن فودي ومؤلفاته في التفسير؛ آدم بللو
– منهج عبد الله بن فودي في التفسير؛ محمد تاسع نمادي.
من ضمن قواعد منهجه التي وردت في الكتاب الأخير:
– تفسير القرآن بالقرآن
– التفسير بالحديث النبوي
– التفسير بالآثار؛ صحابة وتابعون
– أسباب النزول
– ذكر القراءات
– الناسخ والمنسوخ
– الحذر من الاسرائيليات
– اهتمامه باللغة نحوا وصرفا وبلاغة ومعاني المفردات
– القضايا الأصولية والفقهية
– الجانب العقدي والفرق الكلامية وأقوال الفلاسفة
– التفسير الإشاري كونه صوفيا
– الجانب التربوي والإصلاحي.
استنادا على ما تقدم يبدو أنه منفتح ومعتمد على المقاربة الشمولية؛ تلك طبيعة كل من له اطلاع واسع على العلوم النقلية والعلوم العقلية وذو نزعة صوفية.
ترك عدة تلاميذ بما فيهم أبناؤه وذوي رحمه، مثل ابنه العالم: الشيخ العلامة علي بن عبد الله بن فودي، وابنة أخيه: السيدة العالمة أسماء بنت الشيخ عثمان بن فودي، وآخرون مثل: الشيخ محمد البخاري، والشيخ محمد مودي..، والقائمة طويلة.
هناك علماء كثر حول الدراسات الإسلامية والقرآنية في إفريقيا، من ضمنهم: إبراهيم جوب، محمود محمد طه، محمد أبو القاسم حاج حمد، عماد محمد باكر حسين، آدم بللو، سليمان بشير ديان. هذا الأخير مثلا، خريج السوربون مهتم بالفلسفة والرياضيات والمنطق واللغويات والإسلاميات له مؤلفات ومقالات ومحاضرات.
حين يطلع المرء على عناوين [مجرد عناوين] ما تم إنجازه في العالم الإسلامي قاطبة سيعترف بجهله ل”التراث الإسلامي” قديمه وحديثه، آلاف الكتب بلغات متعددة ما يفوق عشر لغات، فضلا عن ما كتب باللغات الأوروبية؛ فرنسية، إنجليزية، ألمانية، إسبانية، روسية..، والقائمة طويلة، وحتى ما كتب باللغة العربية، في الإسلاميات، لا نعلم منه إلا القليل!
المفارقة الغريبة أن تجد عضوا ينتمي إلى تنظيم معين مدة ما يزيد عن ثلاثين سنة ومستواه التعليمي شهادة عليا؛ ولا علم له بإصدارات تنظيمه لا القديمة ولا الجديدة!
كاتب هذه السطور طيلة ستين سنة لا يعلم من أركان الإسلام إلا خمسة، فإذا به قبل أيام قليلة وجد أحاديث أخرى في الصحيحين وغيرهما أن هناك روايات أخرى مختلفة عن الرواية المشهورة “بني الإسلام على خمس” من حيث عدد الأركان والمضامين كذلك!
الموفق اللبيب صاحب الضمير الحي والحس المرهف؛ كلما ازداد معرفة إلا وازداد علما بجهله وتواضعا مع غيره.
اللهم علمنا ما ينفعنا في الدنيا والآخرة وجنبنا الرياء والغرور والهواء.
ملاحظة: الصورة المرفقة مع المقالة، صورة متخيلة من الذكاء الاصطناعي.