محمد أومليل
أقصد “الدراسات القرآنية الحديثة الإسلاموية”، في الفقرات السابقة تحدثنا عن “الدراسات القرآنية الحديثة العلمانية” من قبل السنة والشيعة.
المسلمون ليسوا سواء، منهم من لا يعرف من الإسلام إلا ما له علاقة بالخلاص الفردي؛ شعائر تعبدية وقيم أخلاقية واجتناب الحرام..، ومنهم من يضيف إلى ذلك ما له علاقة بالشأن العام؛ المجال الدعوي والاجتماعي والثقافي والسياسي، لهم مشروع لإقامة “دولة إسلامية” تليها “خلافة إسلامية” وتطبيق “الشريعة الإسلامية”؛ هؤلاء يطلق عليهم: “الإسلامويون” (صفة توصيفية موضوعية وليست صفة قدحية) وهم ليسوا سواء، بل هم تنظيمات وجماعات؛ يجمع بينهم الرغبة في تحقيق تلك الأهداف سالفة الذكر، ويختلفون في التصورات والمناهج والبرامج والأساليب، من ضمنهم “الإسلام السياسي” و”التوجه الوهابي” مثالا لا حصرا.
تحدثنا في الفقرات السابقة عن دراسات قرآنية لبعض العلمانيين الشيعيين، واقتصرنا على ذكر أربعة فقط نظرا لشهرتهم وتأثيرهم داخل أوطانهم وخارجها (علي الوردي، علي شريعتي، عبد الكريم سروش، محمد مجتهد شبستري).
وتفادينا ذكر القائلين بتحريف القرآن، كون هذا الرأي ليس جديدا، بل قديما قدم ظهور الطائفة الشيعية منهم أئمة ومراجع.
من ضمن أصحاب هذا الرأي في الألفية الثالثة وما زالوا أحياء؛ أحمد القبانجي وغيث التميمي..، مثالا لا حصرا..
ليس في الموضوع جدة ولا جدوى، لذا، تفاديت التفصيل في الموضوع.
“الدراسات القرآنية الحديثة الإسلامية” شهدت تطورا ملحوظا من حيث الكم والمحتوى والكيف؛ مرد ذلك إلى الاحتكاك بالحداثة والحداثيين، من خلال منجزات الحداثة، المادية والمعنوية، التي شملت العالم قاطبة عربا وعجما، ومن خلال التدافع المعرفي مع الحداثيين وما خلفه من سجال ونقاش والنقد والرد ونقد النقد؛ ألفت في ذلك مئات المؤلفات والمقالات، بالإضافة إلى ندوات ومحاضرات وحوارات..
كل ذلك، وغيره، ساهم في تطور “الدراسات القرآنية الحديثة الإسلاموية” بشكل خاص، و”الدراسات الإسلامية” عموما.
وأهم عنصر ساهم في ذلك التطور؛ التوسل بالعلوم الغربية الحديثة والمناهج الجديدة بنسبة معينة وبطريقة انتقائية بحكم تحفظهم تجاه بعض العلوم والمناهج، قد يرفع ذلك التحفظ مستقبلا بحكم قانون التطور؛ وهو على مستويات بالنسبة للإسلامويين:
– تطور اضطراري على مضض.
– تطور طبيعي عن طواعية وبكل أريحية في حدود السقف المعرفي العام.
– تطور متقدم فوق مستوى السقف المعرفي العام؛ على مستوى الأفراد وهم يشكلون القلة القليلة؛ رواد التنوير الديني ونواة التغيير إلى ما هو أحسن علما وإيمانا وعمرانا وتحضرا.
“الدراسات القرآنية الحديثة الإسلاموية” شهدت تطورا ملحوظا من حيث الكم والمحتوى والمناهج؛ عدد هائل من مؤلفات ومقالات حول موضوعات قرآنية متعددة؛ أنواع التفاسير، إعجاز علمي، إعجاز عددي، المصطلح القرآني، اللسان القرآني، مقاصد القرآن، روحانية القرآن، العرفان في القرآن، أخلاق القرآن، سوسيولوجيا القرآن، سيكولوجية القرآن، إبستمولوجية القرآن..، إلى غير ذلك من الموضوعات التي تكتسي الجدة، وبعضها مثير للجدل.
بالإضافة إلى ظهور مئات الأسماء ما تزال مغمورة في البلدان الإسلامية العجمية مثل؛ إيران، تركيا، باكستان، ماليزيا، أندونيسيا..، بالإضافة إلى بلدان افريقية (الدكتور آدم بللو نيجري على سبيل المثال)وعربية التي عرفت مؤخرا اهتماما واسعا بالدراسات الإسلامية والقرآنية على وجه الخصوص، لا سيما تونس رجالا ونساء على اختلاف توجهاتهم وأهدافهم وأخلاقياتهم بين متطرف ومعتدل وأيديولوجي وإبستمولوجي.
موضوعات متعددة، وأسماء عديدة؛ تزخر بها البلدان الإسلامية عربا وعجما، يشهد على ذلك المكتبات والمعارض وما يعرض في القنوات من كتب وبرامج وندوات وفي مواقع التواصل الاجتماعي!
من باب التقصير، بالنسبة للمهتمين بالدراسات الإسلامية، عدم مواكبة ما ينجز في آسيا وأفريقيا بلغات متعددة حول الدراسات الإسلامية والقر آنية بشكل خاص.
الاهتمام بالدراسات الإسلامية والقرآنية أصبح ملحوظا لدى كل متتبع للشأن المعرفي عموما وما له علاقة بالإسلاميات على وجه الخصوص.
ما تقدم ذكره شوف ننتقي منه ما نراه مفيدا وقيمة مضافة تتسم بالجدة والجدية والجدوى.