أجرى وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية أحمد التوفيق حوارا مع إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية ميدي 1 أدلى فيه بعدد من التصريحات تتعلق بالظرفية الراهنة المرتبطة بالاجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة فيروس كورونا كوفيد 19.
وفيما يلي نص الحوار الذي نشره اليوم موقع الوزارة:
أي حصيلة ترسمونها لهذه الفترة من إعادة الفتح وتدبير توافد المصلين إلى المساجد ضمن الإجراءات الاحترازية المتخذة؟
بعد إغلاق جميع المساجد، ضمن التدابير الصحيىة الاحترازية، يوم 16 مارس، أُعيد يوم 15 يوليو فتح خمسة آلاف من المساجد الكبيرة، بتوزيع مناسب في المدن وفي العالم القروي. وقد تضمن الإعلان عن هذا الفتح الجزئي بيان أمور منها:
أولا: الإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها؛
ثانيا: أن الوضعية في المستقبل، من حيث التوسيع أو التضييق في الفتح، ستراعي تطور الحالة الوبائية على الصعيدين الوطني والمحلي، في تنسيق تام مع السلطات المختصة؛
وبالإضافة إلى حملة تحسيس واسعة، عبأت الوزارة الوسائل التدبيرية، البشرية والمادية، لتنظيم العملية من جهة، وللقيام بتدخلات تتعلق بالبيئة داخل المساجد، من جهة أخرى، كما قامت بإجراء أزيد من 15 ألف تحليل مخبري للقيمين الدينيين المعنيين، وهذا ما ضمن سير هذه العملية على الوجه المطلوب؛ ولا شك أن النجاح يرجع قبل كل شيئ إلى وعي المصلين.
وهنالك متابعة لأحوال مجموع القيمين الدينيين، البالغ عددهم 87 ألفا، وبهذا الصدد، والحمد لله، لم تسجل في صفوفهم سوى 105 حالات إصابة، علما بأنهم من أكثر الناس مخالطة للغير،
وبعد شهرين من إعادة الفتح لم يتم إغلاق سوى 45 مسجدا نتيجة إصابة بعض القيمين عليها.
وفيما عدا الصلوات الخمس، تقررت إعادة قراءة الحزب الراتب من القرآن الكريم بعد صلاتي المغرب وصلاة الصبح، بإمام المسجد وقارئين اثنين.
هل هناك رؤية لتاريخ ممكن لتعود فيه صلاة الجمعة بخطبتها أم لا زلتم تنتطرون تقارير اللجنات العلمية؟
تتميز صلاة الجمعة، كما تعلمون، بالازدحام داخل المساجد وخارجها في بعض الأحيان. فلو فرضنا إعادة إقامتها في المساجد المفتوحة فإنه سيتعذر ضمان الشروط الصحية الاحترازية، ولاسيما شرط الفحص الحراري في المدة المقررة، وشرط التباعد، ولو وقع الشك في إصابة بالعدوى وتم ربطها بصلاة الجمعة، لوجب إخضاع كل المصلين للفحص، لذلك فإن أفق إقامة صلاة الجمعة في المساجد مرتبط بزوال الجائحة، أو بانخفاض الإصابات إلى حد ترى فيه السلطات المختصة أن هذه الإقامة لا تشكل خطرا على الصحة، وهو شرط شرعي كذلك يدخل في الطمأنينة -من واجبات الصلاة.
نتمنى جميعا أن تلوح في الأفق ظروف مواتية للتدرج في فتح مزيد من المساجد، وبودنا جميعا لو يتأتى أداء صلاة الجمعة في المساجد المفتوحة، ولا أحد يزيد عن أحد في الغيرة بهذا الصدد، ولكن، وكما يقال، للضرورة أحكام. وحيث علم بالمملكة مقام الحرص على تدين المغاربة فلا ضرورة للتنبيه ولا مجال للمزايدة.
قررت الوزارة بالنسبة للموسم الدراسي المقبل 2020/2021 أن تعتمد خيار التعليم عن بعد في المؤسسات التعليمية سواء المدارس أو الجامعات التابعة لها، ما هي الأساليب التي سيتم اتخاذها في هذا الاتجاه؟ وهل لديكم أي فكرة كيف سيندمج الطلاب خاصة أن ٪50 من المؤسسات التعليمية توجد بالعالم القروي؟
أعلنت الوزارة عن انطلاق الموسم الدراسي في التعليم العتيق يوم 5 أكتوبر، بنظام التعليم عن بعد إذا استثنينا الكتاتيب القرآنية التي ظلت مغلقة، وعددها أربعة عشر ألف كتاب، يبلغ روادها ما يقرب من أربعمائة ألف، واستثنينا التعليم الأولي الذي يعد رواده بحوالي ألفين، فإن عدد مؤسسات التعليم العتيق في الأطوار الابتدائية والإعدادية والثانوية لا يتعدى ثلاثمائة مؤسسة، وعدد روادها قرابة أربعين ألفأ، يؤطرهم 7200 من الأطر التربوية والإدارية.
ولابد أن أوضح أن التعليم العتيق هو التعليم الذي يدخل فيه الحفظ الكامل للقرآن الكريم، إما في الكتاتيب قبل الإدماج في مستوى دراسي معين في المدارس، وإما ضمن النظام الجديد الذي يتم فيه التمدرس في سن عادية، ويتم حفظ القرآن الكريم في ثلث الحصة الزمنية خلال السنوات التسع الأولى.
أما ميزة التعليم العتيق المرتبطة باختيار التعليم عن بعد في هذا الفصل بسبب الجائحة، فهي وجود أكثر من 80 بالمائة من تلاميذ هذا التعليم في النظام الداخلي الذي يوفر لتلاميذ الآفاق البعيدة الإيواء والإطعام. وحيث إن ظروف هذا الإيواء وهذا الإطعام لا يمكن أن تتوفر فيها شروط الاحتراز من الوباء فقد قررت الوزارة إجراء التعليم عن بعد بالرغم من أنه لا يوفر كل شروط التعليم الحضوري.
هناك حوالي ثلاثين مؤسسة في الوسط الحضري روادها من أبناء السكان المحليين أي أنهم لم يأتوا من الآفاق ولا يسكنون في الداخليات، يمكن للمشرفين على هذا النوع من المدارس، إذا أرادوا تنظيم التعليم الحضوري، أن يتقدموا في أقرب وقت ممكن بطلبات تدرسها الوزارة ويسمح لهم بالتعليم الحضوري إذا تبين أن المعطيات الميدانية مناسبة لذلك.
أما التعليم عن بعد فالمعول عليه فيه، بالرغم من الصعوبات، أمور منها:
أولا: تجربة الفصل السابق، بين 15 مارس ونهاية العام الدراسي؛
ثانيا: ما أظهره المؤطرون التربويون في هذا التعليم من حماسة في متابعة التلاميذ عن بعد، بمختلف الوسائل؛
ثالثا: توفر التلاميذ على المقررات في كتب مطبوعة؛
رابعا: توفير مسطحات تعليمية رقمية تتضمن دروس كل المواد عبر منصة ” دروسي “للتعليم عن بعد، وهي منصة خاصة بالتعليم العتيق؛
خامسا: قيام إدارات المؤسسات بإنجاز دروس رقمية وأنشطة تقويمية داعمة وفق استعمالات زمن محددة؛
سادسا: الطلب الموجه لشركات الاتصالات قصد تمكين تلاميذ وطلبة التعليم العتيق من الاستفادة المجانية من الخدمات التربوية التي توفرها منصة ” دروسي “؛
ومديرية التعليم العتيق بتنسيق مع المؤسسات التعليمية، ومعظمها حر مدعم من الوزارة، يعمل وفق برامجها وبمواكبة تقويمية منها، على وعي ببعض الصعوبات المتمثلة في ضعف صبيب الاتصال في بعض الجهات، وعدم توفر بعض التلاميذ على وسائل الاستقبال،وتجتهد من أجل ضمان المتابعة للجميع وعدم تضييع أي فصل دراسي.
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تضطلع أيضا بمهمة تقديم برامج لمحو الأمية وبرنامج الموسم المقبل كما أفدتم، وهنا تقرر خيار التعليم عن بعد. حبذا لو توضحون لنا، أشخاص في سن كبير غير متمدرسين، كيف سيتعاملون مع هذه المسألة؟
اعتبارا لنفس الظروف، ظروف الجائحة، قررت الوزارة الاستمرار في برنامج محاربة الأمية بالمساجد باعتماد التعليم عن بعد، وذلك بالبث على قناة محمد السادس للقرآن الكريم وعلى موقع الوزارة على الإنترنيت. لقد بدأت التجربة في الموسم الماضي حيث استثمر مؤطرو هذا البرنامج كل الوسائل الإلكترونية في مجموعات تفاعلية، وحيث تغلبوا على كثير من صعوبات التواصل التي واجهتهم في البداية.
وقد نظمت الوزارة التقويم المستمر والسنوي وأظهر هذا التقويم نتائج جيدة في الموسم الماضي الذي أثرت الجائحة على نصفه الثاني. وسيستمر البرنامج ابتداء من 15 أكتوبر بنفس الوسائل ولفائدة 340 ألف مستفيد في المستويين الأول والثاني.
وفي ضوء التقويم التربوي المنتظم سيتم إدخال التعديلات الضرورية الممكنة. فالذي يقلل من أثر الصعوبات في هذا البرنامج هو حماسة المستفيدين ولا سيما من النساء. وأنتم تعلمون أن التعلم عن بعد برمته هو تجربة ضرورية مفروضة الآن، ولكن أصبحت جزءا من الاهتمام، وبكيفية براغماتية تظهر صعوباتها ويجري العمل ما ينبغي للتغلب عليها.
ما الرسالة التي توجهونها للمغاربة لكي نتعايش مع الفيروس لكي نتمكن من عودة آمنة إلى دور العبادة؟
في الحقيقة، ما ينبغي عمله هو الجمع بين الأسباب والاحتياط وعمل ما هو سنة من اتخاذ الأسباب وبين الرضا بقضاء الله تعالى. ولأن الأمر لا يتعلق بالصلوات ولكن يتعلق بأنواع كثيرة من العبادة وعلى رأسها المعاش، فينبغي أن نعرف أن الحصول على المعاش هو عبادة أصلية، وأن هذه العبادة تتوج بالصلاة؛ والصلاة في نفس الوقت سبب لها، وفي نفس الوقت حماية لها .
فلذلك فالمعاش والحصول على الكسب الحلال هو الضرورة الأولى في مثل هذه الأمور؛ وهذه مسؤولية دينية على كل واحد، لأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده؛ واليد هنا في هذا الباب يدخل فيها مسألة الاحتراز ، ومسألة أن تحطاط أن لا تتسبب في الضرر لغيرك كيفما كان.
Source : https://dinpresse.net/?p=10423