الحكم الذاتي.. أو تكريس حق المغاربة في وحدتهم الترابية

1 نوفمبر 2025

ذ.محمد المهدي اقرابش

عضو أكاديمية نيم وعضو منتدى الإسلام بفرنسا

 

لقد تم بحمد الله تجاوز الحسابات السياسية الضيقة والمناورات المغرضة التي سعت إلى تقسيم المغرب. وصار الحكم الذاتي هو الأرضية الوحيدة لتأسيس بلد جهوي متقدم موحد على أساس شعار المملكة: الله الوطن الملك.

لقد تحقق هذا الرهان بفضل جهود وحكمة أمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله ثم بفضل الدبلوماسية المغربية المقتدرة التي حفظت لبلادنا وحدتها الترابية ، فلله الحمد والمنة.

لم يكن أبدا تمسك المغاربة بالوحدة الترابية محط تنازل أو مساومة. فما من مدينة في المغرب إلا وبها مدرسة أو حي أو تجزئة سكنية تحمل اسم المسيرة الخضراء .

لقد سالت في سبيل الوحدة الترابية دماء المغاربة واستنزفت هذه الأزمة المفتعلة جزءا كبيرا من ثروات ومقدرات وجهد الأمة المغربية . ترك مغاربة في المسيرة الخضراء ديارهم وأهاليهم للالتحاق بإخوانهم المغاربة الصحراويين ومؤازرتهم وصلتهم في ربوع الصحراء المغربية. وقد نالت العائلة شرف المشاركة في هذه الملحمة في شخص عمي الفقيه الإمام الحسين رحمه الله.

لقد شكلت ملحمة المسيرة الخضراء حدثا تاريخيا فاصلا انقذ المغرب ووحدته الترابية، بفضل من الله ثم بفراسة وحكمة امير المؤمنين الحسن الثاني طيب الله ثراه. فلولا المسيرة الخضراء المباركة لكانت العاقبة وخيمة وسيئة على تماسك المجتمع ووحدة الأمة المغربية.

قدر الله لي أن ناقشت سنة 2009 ميلادية رسالة ،لنيل دبلوم الماستر 2 في القانون العام، تحت عنوان “الحكم الذاتي لفض نزاع الصحراء المغربية على ضوء التجارب الإسبانية والفرنسية” وذلك بالجامعة الدولية للقانون المقارن للدول الفرنكفورية بمدينة بيربينيون الفرنسية.

وكانت لجنة المناقشة حينئذ مكونة من عميد الجامعة السيد ديديي بيسي Didier baisset والأستاذ المحامي السيد كريستوف غوبير Christophe Robert و السيد محمد بوسلطان أستاذ جزائري كان قد قدم لحضور المناقشة.

ذكرت في المناقشة الجذور التاريخية وروابط البيعة والدين والثقافة بين قبائل الصحراء و سلاطين المغرب، مستندا على ما أكدت في قرارها محكمة العدل الدولية بلاهاي سنة 1975.

لقد كانت محنة المغرب في الماضي أن توزعته قوى استعمارية عديدة منها فرنسا وإسبانيا. هذا إلى جانب تدويل مدينة طنجة نظرا لأهميتها الاستراتيجية للدول الاستعمارية .

هناك حقيقة تاريخية تقول إن دولتين كبيرتين قد تضررتا بشكل كبير جراء الاستعمار بالمقارنة مع الدول الأخرى وهما إثيوبيا والمغرب. فقد كانتا رمزا وأنموذجا للدولة الأمة الممتدة الأطراف والعريقة والضاربة في التاريخ.

لقد أدى الحرص على مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار إلى تكريس التقسيم والتفرقة بدل العودة إلى ماكان عليه وضع هذه البلدان قبل احتلالها !

والآن بعد أن حقق الله المراد في الحفاظ على الوحدة الترابية المغربية. فإنه قد آن الأوان لبناء اتحاد مغاربي كبير ومزدهر، نظرا للروابط والأواصر التاريخيّة و الثقافية و الدينية والعرقية التي تجمع شعوب المنطقة. إن إعادة تأسيس وتفعيل الاتحاد المغاربي هو الكفيل بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وتحقيق الأخوة الصادقة.أما على مستوى بلدنا فالطموح الآن يتمثل في أن تمارس المناطق الجهوية الجنوبية المغربية اختصاصاتها كباقي الجهات وذلك في إطار السيادة الوطنية. اختصاصات متعلقة بالتربية والتعليم، والثقافة، والصحة العامة، والشغل، والتكوين المهني، والنقل، والبيئة، وكل ماله علاقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

و على المستوى المؤسساتي، يمكن للجهة أن تتمتع ببرلمان وجهاز تنفيذي على غرار ماهو موجود في إسبانيا مثلا .

أما على المستوى الاقتصادي والمالي فيمكن اعتماد ضرائب ورسوم ومساهمات خاصة بالجهة؛ والاتفاق على توزيع عادل للثروات والمقدرات بين مكونات الجهات والدولة. وتحتفظ الدولة ككل بالدفاع الوطني والعلاقات الخارجية والاختصاصات الدستورية و السيادية والدينية للملك. إن الجهوية الموسعة و إعمال مبدأ التفريع في ممارسة الاختصاصات هو المدخل الأساس لتدعيم الديمقراطية الترابية والتنمية العادلة بين كل جهات المملكة المغربية الشريفة.

رحم الله أمير المؤمنين الحسن الثاني الذي امر بتنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمنا الصحراوية. فقد كان نصرا وتوفيقا من الله تعالى انقذ به بلدنا من التفتيت والانقسام.

يشكل قرار مجلس الأمن رقم 2797 بتاريخ 31 أكتوبر 2025 في شأن الوحدة الترابية المغربية نقطة فارقة بحق في تاريخ الأمة المغربية.

ولقد تم بحمد الله الوفاء لقسم المسيرة الخضراء الذي يحفظه المغاربة.

فلنقرأ ونردد مجددا هذا القسم:

“أقسم بالله العلي العظيم أن أبقى وفيا لروح المسيرة الخضراء مكافحا عن وحدة وطني من البوغاز إلى الصحراء، أقسم بالله العلي العظيم أن ألقن هذا القسم أسرتي وعترتي في سري وعلانيتي، والله سبحانه هو الرقيب على طويتي وصدق نيتي”

فهنيئا لأمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله وللقوات المسلحة الملكية وهنيئا للشعب المغربي قاطبة برجوع الحق إلى نصابه وإنه لفتح مبين.

والحمد لله رب العالمين.

توكل كرمان.. من جائزة نوبل إلى خطاب الفتنة

عمر العمري تقدم توكل كرمان نفسها، منذ حصولها على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، بوصفها رمزا عالميا للحرية وحقوق الإنسان، إلا أن مسارها الإعلامي والسياسي اللاحق سرعان ما كشف عن تناقض صارخ بين الشعارات والممارسة. فبدل أن تكون صوتا للحوار والسلام، تحولت إلى منبر للتحريض والتجريح، مستخدمة المنصات الرقمية لنشر خطاب عدائي يستهدف المغرب ومؤسساته […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...