ذ _ محمد أكعبور مرشد ديني بإقليم الصويرة باحث في الخطاب ولإعلام الديني
مجرد استهلال:
إصلاح الحقل الديني بالمغرب ؛ سيرورة وامتداد لتدين المغاربة وفق الخصوصية الوطنية في الأداء الديني الذي تَم الرقيُّ به إلى مستوى التشريع ، باستصدار تشريعات قانونية سامية (ظهائر الشريفة _مراسيم وقرارات وزارية وقوانين مجالية) وإرساء مؤسسات مركزية وجهوية وإقليمية ومحلية في الأفق القادم ؛ مؤتمنة على حمايته وتعيين وتنصيب الفاعلين فيه وإمدادهم بإطارات عليا مسماة بالظهير الشريف ، تربط الوصال العلمي والإداري البيني بين المركزي والإقليمي للتنشيط الديني المحلي من أجل تبليغ الخطاب الديني بتفعيل “وعظ القرب” و”تبليغ القرب” وذلك بتحسين التبليغ وتجويد التدين الجامع ؛ من خلال تكوين وتأهيل مؤديه عبر حلق منتظمة أو نصف شهرية أو دورية مناسبتية .
أولا : مفهومها ومقتضياتها
1 _ المفهوم السياسي والإداري والتشريعي : يحضر مفهوم الجهوية في الفكر السياسي والإداري المغربي ، من خلال مجمل الإصلاحات المجالية التي عرفتها دواليب الدولة في كياناتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل وحتى الدينية.
تتخذ الجهوية بعدا وظيفيا وممارسة يومية ، يترجم من خلالها مفاهيم مركزية في القاموس السياسي المغربي في كون المملكة المغربية دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات، إذ “حظيت الجهوية بمفهومها العريض باهتمام المشرع المغربي على مدى العقود الماضية، حيث اعتُمدت لأول مرة في ظهير 16 يونيو 1971 الذي نص على إحداث الجهات الاقتصادية، ثم دستور 1992 الذي أضاف الجهة إلى مكونات الجماعات المحلية، وبعده دستور 1996 “. وذلك بهدف تثمين العمل الاقتصادي باعتباره مقدمة القاطرة التنموية ، وللخطاب الديني دور فعال في الفعل التنموي .
هذا ، ويرتقي مفهوم الجهوية وبُعدها نحو مدارج الرقي الاقتصادي والاجتماعي ، من أجل تخليق التنمية وتحقيق مؤشرات تنموية مجالية عبر إحداث أقطاب تنموية ؛ خصوصا في الفكر التنموي في المغرب المعاصر على أعلى مستوى إذ ” ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد على ضرورة المضي في تفعيله لما يحمله من حلول وإجابات للمطالب الاجتماعية والتنموية بمختلف جهات المملكة.”
يعرض الخطاب السياسي العالي ببلادنا لمفهوم الجهوية بأبعادها الإدارية والسياسية والاقتصادية والتنموية من خلال محطتين تتكاملان فيما بينهما :
فأما المحطة الأولى ؛ فهي خطاب جلالة الملك إلى الأمة بتاريخ 6 نونبر 2008 ، بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء .
فيما المحطة الثانية؛ متجسدة في خطاب جلالته يوم 3 يناير 2010 بمناسبة تسمية اللجنة الاستشارية للجهوية.
2 _ المفهوم الديني والعلمي والتشريعي: جهوية قانونية وتنموية تهدف تجويد الخدمات الدينية وتحصين أماكن تلقيها مع تحسين أداء الفاعل الديني، كل من موقعه ووسمه ووقعه في أفق تأطير الجماعة من خلال مفهومي “وعظ القرب” و”تبليغ القرب” لتحسن التبليغ وتجويد التدين الجامع؛ وهو مظهر من مظاهر الحكامة الدينية وضمان التوازن والعدالة المجالية للخطاب الديني في صور تتفاعل مع ما يصدر عن المؤسسة العلمية المركزية التي يرأسها أمير المؤمنين وفقا لمقتضيات الفصل 41 من دستور المملكة 2011.
“وبالرؤية نفسها نظرنا الى الشأن الديني فاتخذنا بصدده تدابير جديدة وأصدرنا تعليماتنا السديدة كي يأخذ مجراه الذي تستوجبه وظائف الإمامة العظمى والتزامات أمير المؤمنين الراعي الأمين لجميع متطلبات هذا الشأن في نطاق وسطية الإسلام واعتداله وتسامحه وكونه دين العلم والحياة الداعي باستمرار إلى التجديد والتحديث بما يتلاءم مع روحه العالية ومبادئه السامية ومقتضيات التطور الوقتية.
وتحقيقا لهذه الغاية أمرنا بإعادة هيكلة المجلس العلمي الأعلى و المجالس العلمية الجهوية مما يجعلها قادرة على أداء رسالتها بإشراف و توجيه مباشر من جلالتنا. كما أمرنا باتخاذ الترتيبات اللازمة قصد إعادة المكانة لرسالة المسجد باعتباره مقرا للعبادة والتربية والتكوين والوعظ والإرشاد وباعتباره أيضا مركزا ينهض فيه العلماء والعالمات بتأطير المواطنين والمواطنات”
ويعتبر الخطاب الملكي في الشأن الديني الوثيقة المرجعية ومن أقوى النصوص المرجعية التي ترسم السياسة الدينية وأهدافها ووسائلها العلمية والمنهجية والإدارية” وقد أمرنا بتعيين مندوبين جهويين للوزارة، ليسهروا على التدبير الميداني الحديث للشؤون الإسلامي”.
“وسيرا على نهجنا في اعتماد اللامركزية وعدم التمركز، قررنا أن يعاد النظر في خريطة المجالس العلمية المحلية.
وهكذا سيتم تعميمها ليكون لكل عمالة وإقليم مجلسها العلمي، ليتحقق ما نلح عليه، من ضرورة مراعاة خصوصيات وتقاليد أهل كل منطقة والتجاوب مع تساؤلاتهم الدينية
… وهكذا، فقد وجهنا وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، لإطلاق برنامج شامل لتأطير وتأهيل أئمة المساجد، بواسطة علمائنا الفضلاء، في التزام بثوابت الأمة واختياراتها” .
هنا تبين لنا ضرورة الاستناد إلى أن ” رسالة العلماء المؤطرين بالنسبة للأئمة ؛ هي رسالة عظيمة ونبيلة ومسؤولية جسيمة لأن التأطير : هو تأهيل تكوين ، هو تمنيع ، هو تحصين للسادة الأئمة ؛ للقيمين الدينيين عموما ،وذلك يوازي أمن واستقرار البلد ؛ يعني حينما نؤهل القيم الديني ونزوده بالعلم الذي يحتاجه وبالمعرفة التي يحتاجها في المجالات المختلفة : في مجال العقيدة ، في مجال التفسير في مجال الحديث، في مجال الفقه ، في مجال السلوك ، في كل المجالات التي هي اختيارات دينية لهذا البلد ؛ درج عليها منذ قرون ، فنحن بذلك نحصن هذا الإمام ؛ نحصنه من أن تطرأ عليه شبهة ، نحصنه من أن ينخدع بفكرة ، نحصه من أن ينجر إلى تيار معين منازع مخالف أو غير ذلك .
وبقدر ما نجتهد في هذه المسؤولية المنوطة بنا، يعني بقدر ما نسهم والحمد لله في هذا الاستقرار وفي هذا الأمن وفي هذا الانسجام وفي وحدة الخطاب الديني التي غدت شعارا ومعلما بارزا من معالم التدين المغربي..”
لقد تحددت معالم الرسالة العلمية للعلماء المغاربة كما رسمتها خطة ميثاق العلماء والتي تتغيى ” الرفع من وثيرة الأداء لدى القيم الديني ؛ ….. بالعكس الإمام ينقل هذا التكوين إلى المواطنين ، ……
إذن ، نحن نكوِّن وهو يكوِّن أو يُبلِّغ إلى غير ذلك ، فإذن تحصين الجسم الديني هو أخطر أشكال التحصين .”
ثانيا : مرتكزاتها وامتداداتها
يرتكز مفهوم الجهوية الدينية بالمغرب على مضمومات الفكر الديني المغربي المستمد من الحضارية المغربية العمرانية منها والدينية ، ومن تلكم المرتكزات :
• حفظ خطاب الثوابت الدينية والوطنية المغربية .
• العمل الديني المغربي المتواتَر .
• حفظ خصائص التدين المغربي الجامع.
كل ذلك ، ضمن إطار رباعي يتمثل في الثوابت الدينية للمملكة المغربية وهي :” العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي باعتباره إطارها المرجعي التاريخي للأداءات الشعائرية والمعاملاتيى والتصوف السني ، وإمارة المؤمنين لكونها الحامية للملة والدين بناء على المفهوم الديني التعبدي : البيعة وهو مفهوم سياسي كذلك .
هذه الثوابت الدينية المغربية ، هو برنامج المؤسسات الفاعلة في الحقل الديني ببلادنا ، وهي التي تعمل من أجل حمايتها وصونها خارطةُ المجالس العلمية المحلية في تمازج بين الخطاب الديني والوطني كما أسس لذلكم في عهده السلطان المغفور له محمد الخامس رحمة الله عليه ، حيث كان يخطب على المنابر المغربية متناولا قضايا وطنية ودينية لبلاده ومن ذلكم قوله ” ألا وإن الاستقلال لا يدوم إلا بصالح الأعمال، وإن العزة والكرامة لا يتمان إلا بالإيمان والاستقامة، وهاتان هما أسس الفضائل الإسلامية، وجماع الأخلاق القرآنية ” ، وتوجيه وترشيد المؤمنين والمؤمنات لصالح الأعمال ، هو رهان الخطاب الديني الذي جدد آلياتِ تبليغه الحضورية والإعلامية والرقمية أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله جريا على العمل السلطاني في حفظ الملة والدين ، مما يحقق جودة الأداء الديني للأمة المغربية على الدوام وينهض بالدين بوصفه رافدا من روافد الطمأنينة قصد الحياة الطيبة ، فكانت لجلالته ابتكارات ومبادرات مرجعية يتحقق بها العمران بالمفهوم الخلدوني المستمد من المعنى القرآن : وهو ” التساكن والتنازل في مصر أو حلة ، للأنس بالعشيرة واقتضاء الحاجات لما في طباعهم من التعاون على المعاش”.”
ثالثا : سياق الإحداث والتفعيل : لستُ أجد ما يحدد سياق إحداث وتفعيل الجهوية الدينية ببلادنا استشهادا أو استئناسا من كلام السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، ذلك أن “إحداث مجالس علمية جهوية وتعيين رؤساء عليها، تعبير عن حرص أمير المؤمنين على تجديد الحيوية في مؤسسة العلماء، وتمتيع هيكلتها بالوسائل التي تجعلها قادرة على القيام بدورها، في سياق يشهد المزيد من التحديات”.
كما نقدر سياقا ظرفيا آخر؛ يتمثل في توجه الخطاب الديني المغربي الذي يرتقي ليصل بالمرء حتى يرقى ليعيش حياة طيبة يحس فيها بكون دينه ، قد أثمرا فعلا متعديا من خلال تدينه ذي خصائص : الوسطية ،الاعتدال، الانتفاح جريا على معهود السلف ممن كانت الثوابت في فعلهم سلوكات عقدية ودينية وقيم تربوية ، وفاء لعهد الله في حفظ الضرورات الحياتية الدنيوية منها والدينية وما يستلزمه ميثاق البيعة الشرعية في نصرة الدين والوطن في المنشط والمكره .
كون التدبير الإقليمي للقضايا الدينية والعلمية والتهممات الدينية للمغاربة ، كل في نفوذ ترابه الديني ، تتشاكل في جوهرها وتتكامل في وظيفتها وتتفارد بخصوصيات محلية ترجع للعرف الاجتماعي والديني المغربي المـَرعي؛ أثبت فعاليته ، كان الموعد مع مرحلة جديدة لتدعيم المكسب الديني على صعيد الإقليم ؛ تمثلت في التدبير المحلي المراهن فيه على المرشد الديني حيث يتمركز ” الأئمة المرشدون في صلب خطة التأطير المحلي” بدعم من المجلس العلمي المحلي في شخص “العالم المشرف ” ” وتشكل هذه الخطة، التي أعدها المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لبنة إضافية في مسار إصلاح الحقل الديني، ترتكز على تدابير: وقائية وتنموية.”
هذا ” وتسهر الوزارة على تحصين النظام الديني العام من خلال الالتزام بالثوابت والتحصين التام للمساجد من أي استغلال، ورفع مستوى التأهيل لخدمة قِيم الدين، ومن ضمنها قِيم المواطنة.”
عشر سنوات تقريبا مرت إذن على التدبير المحلي للشأن الديني عبر المجال الترابي لمنطقة التأطير بجماعة ترابية قروية أو حضرية أو شبه حضرية ، للإمام المرشد فيها إسهام كبير على مستوى التدخلات الموضوعاتية : تواصل مع الجماعة العالمة والمتعلمة ومع فئة الناشئة والشباب كما للقيم الديني دور كبير وإسهام فعال في تأطير جماعته استثمارا للمُتَلقى المعرفي من مراكز التأطير والتأهيل للتشبث بقيم خطاب الثوابت الدينية والوطنية ، وكلنا يشاهد صورا وفيديوهات على مواقع رقمية وشبكات التواصل من خلال صفحات مؤسساتية أو اسمية فردية أو مجموعات موضوعاتية للتدخلات الهادفة .
رابعا : الآليات التشريعية والمؤسساتية للجهوية الدينية .
ينص التشريع الديني ببلادنا على أعلى مستوى والممثَّل في الظهير الشريف بإعادة تنظيم المجالس العلمية، كما وقع تغييره وتتميمه على ما يلي :
التركيبة الجديدة للمجلس العلمي الأعلى ، وذلك لضمان جودة الأداء الإداري للمؤسسة العلمية على المستوى المركزي بداية فالجهوي والإقليمي ثم المحلي أفقا للعمل.
تحدث التشريع الديني المغربي عن اعتماد تنظيم هيكلة جديدة ؛ بتسمية أجهزة إدارية فاعلة وتسمية فاعلين جددا مركزيا وجهويا وإقليميا تمثل ذلك في أنه :
” تحدث لدى المجلس العلمي الأعلى الأجهزة الإدارية التالية :
كتابة عامة .
مديرية مكلفة بتتبع نشاط المجالس العلمية .
مديرية مكلفة بالتبليغ ” لتكتمل الحلقة زينتها وتتحلى بحللها البهية ، من أجل مزيد من التحلية واتقاء كثير من التخلية لترسيخ قيم دينية تتمثل في التنمية التي تستهدف التزكية من خلال جود التربية .
خامسا : الجهوية الدينية بالمغرب: تركيب واختصاصات .
لقد تحدث الظهير الشريف عن الإحداث والتركيب والاختصاصات للإسهام في التنمية الدينية فبَيْن الخطاب الديني والخطاب الاقتصادي، وصال لا فصال، ولعل في قوله تعالى مضمن ذلك ومفهومه: لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ” .
كما تحدث الظهير الشريف أعلاه عن تركيبة للمجلس العلمي الجهوي ومهامه واختصاصاته ووظائفه ، حيث “يُحدَث على صعيد كل جهة مجلس علمي جهوي.
يتألف كل مجلس علمي جهوي، علاوة على الرئيس الذي يعيَّن بظهير شريف، من رؤساء المجالس العلمية المحلية الواقعة داخل النفوذ الترابي للمجلس العلمي الجهوي المعني.
– تختص المجالس العلمية الجهوية بتوحيد رؤى المجالس العلمية المحلية الواقعة داخل نفوذها الترابي، وتنسيق أنشطتها، وترشيد عملها وتعميمه على كل أرجاء الجهة، وتوجيهه إلى ما يشغل ساكنة الجهة ويتفق وخصوصياتها” .
نحن إذن ؛ أمام تنظيم ديني فريد ضمن هندسة الحقل الديني في جانبيه الإداري والعلم تترجم فيه الجهوية الدينية في سياق سياسة اللامركزية واللاتمركز الإداري بالاستناد إلى الوثيقة المرجعية في التدبير المفوض نيابة عن أمير المؤمنين تماشيا مع مضامين الجهوية المتقدمة كما جاء في الدستور المغربي ؛ ذلك أن “التنظيم الترابي للمملكة ، تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة” في نطاق مخصوص يشرف عليه المركز وهو تجل للجهوية الإدارية في بعدها الديني والعلمي .
ومن حيث كون الجهة جماعة ترابية ، لا بد لها من مجلس علم جهوي تحددت له شروط التدخل ومعالم الحضور بناء على منطوق التشريع القانوني وقد تمت الإشارة إليه ، كما تحدث الظهير الشريف عن : دور مؤسسات الدولة في تقديم المساعدة اللازمة المادية واللوجيستية وذلك بأن ” تضع الإدارات العامة ولا سيما وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتربية الوطنية والتعليم العالي والمالية الوسائل المادية والبشرية اللازمة رهن إشارة المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية وفروعها التي تمكنها من القيام بالمهام المسندة إليها بموجب ظهيرنا الشريف هذا.
ولهذا الغرض، يعرض الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى على الوزير الأول حاجياته من الوسائل المشار إليها في الفقرة السابقة بعد موافقة جلالتنا الشريفة. ”
تجربة التدبير الجهوي للفعل الديني على المستوى العلمي والإداري إذن ؛ تدخل حيز التنفيذ بتسمية المؤسسة الدينية الجهوية وتعيين رؤسائها فتنصيبهم ؛ وهي تجربة سيكون لها أثر كبير على مردودية الخطاب الديني والمجال الذي ينشط فيه هذا الخطاب المستهدِف بناءَ الإنسان روحيا ومعنويا ، خصوصا بعد الإعلان عن إمداد المجالس العلمية المحلية بأعضاء جدد ليصلوا إلى اثنين عشر عضوا وبتعيين مرشدِين بالمجالس العلمية المحلية لمساعدته على القيام بمتابعة التدخلات الميدانية لضمان عدالة الخطاب الديني تلبية للحاجات الدينية الروحية منها والمعنوية للجماعة داخل منطقة التأطير، مما قد يسهم في تخليق كفاية علمية ونجاعة دينية بالمجال الترابي للمؤسسة العلمية إقليميا ومحليا .
هذا ، وقد كان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رفقة السيد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف قد زارا اثني عشرة جهة في تنصيب رؤساء المجالس العلمية الجهوية وبعض رؤساء المجالس العلمية المحلية خلفا ل ” المرتقين أو المتوفين أو المعتذرين” على حد كلمة السيد الوزير الأستاذ أحمد التوفيق خلال حفل التنصيب وفق برمجة زمنية مضبوطة ، قد تقدم بكلمة بثها في الحضور أثناء زياراته لمختلف نقاط التنصيب المعنية ضمَّنها : سياق الإحداث وسبل تفعيل النجاعة الدينية والعلمية بالتركيز على عمل المؤسسة المركزية وأجهزتها ، وكذا حديثِه عن المجالس العلمية الجهوية ثم المحلية من خلال الرفع من المتدخلين المباشرين في العملية العلمية والدينية بغرد تجويد التعلمات العلمية لتحقيق الكفاية الدينية ، في أفق تفعيل الخطاب الديني الدامج للعنصر البشري ، ضمن منظومة الثوابت الدينية والوطنية المؤطرة للنظام الديني العام ، وتمتيع المواطنين والمواطنات بالتمنيع الديني اللازم في مغرب الرأسمال غير المادي _باعتبار المسألة الدينية رأسمال غير مادي _ ومغرب النموذج التنموي الجديد، وذلك من خلال تعيين موارد الكفاءات الدينية والعلمية ؛ خريجي جامعة القرويين التي سهرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من خلال معهد محمد السادس للتكوين بالرباط بظهير شريف على تكوينهم وتعيينهم بمنصوص عقد بيني تم الرقي بمضامينه لتسهيل ترقياتهم .
هذا ، وكان السيد معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية د_ أحمد التوفيق قد نوه بعمل المؤسسة العلمية جهويا ومحليا أمام المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله ، وذلك حينما كان يعرض للمحاور الكبرى المشكِّلة للتقرير السنوي عن ” الحالة الدينية وحصيلة عمل المؤسسة العلمية” فأورد قائلا “أما المؤسسة العلمية فقد تميز عملها بدعم المكتسبات في باب التبليغ والإرشاد، وتجويد الخطاب في المواضيع العلمية والاجتماعية والأخلاقية، وبإعادة تنظيم الكراسي العلمية، ومواصلة الإفتاء في الشأن العام، وتأهيل الأئمة ضمن برنامج ميثاق العلماء، ووضع دليل إرشادي لتوحيد عمل العلماء وعقلنته جهويا ومحليا بخطة مدعمة ببرنامج معلوماتي، وقد أبانت استعانة المجالس العلمية المحلية بالأئمة المرشدين والمرشدات في التأطير عن نجاعة مؤكدة. “.
هذه النجاعة سبق أن تأصلت بشواهد قبل ذلك _ كما تأكدت حين تلاوة التقرير يومه _مرت من مرحلة نضج كبري مفصلية في الفعل الديني المغربي هي :خطة دعم التأطير الديني المحلي ، والتي تخللها في تمام استكمالها تقريبا عشرة أعوام وباء كورونا ؛خلال هذه المرحلة الحرجة من الفعل العام ببلادنا ومنه الفعل الاجتماعي والديني ؛ تم استثمار المرشد الديني استثمارا وظيفيا في باب الوصال العلمي مع أئمة جماعته التي يؤطرهم مسهما في الرقي العلمي والثقافي لديهم وتفقيههم من خلال الثوابت الدينية ، بنفس الدرجة ؛ حقق وصالا دينيا مع جماعته : روادِ المراكز التي استُئمن على صيانتها وتحسين أدائها وفق برنامج علمي يصادق عليه المجلس العلمي المحلي .
انخرط الإطار الديني وفقا لما يقتضيه التشريع المغربي وكذا لما تقتضيه الوثائق المرجعية الدينية الصادة عن المؤسسة المركزية ، وهو ما نرصده نموذجا للاستئناس ” إنه منذ بداية الوباء سطر المجلس العلمي المحلي ومجالس الجهة، مثل باقي المجالس على الصعيد الوطني وبتوجيه من الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، خطة عمل موازية بعد قرار إغلاق المساجد وفرض حالة الحجر الصحي، تستند إلى استثمار كل إمكانات التواصل عن بعد تفاديا لتوقف الأنشطة، واستعدادا في الوقت نفسه لمواكبة شهر رمضان الفضيل بما يناسبه من توجيه وتأطير.
…. خطة العمل هذه ، ترتكز على مجموعة من الأنشطة المستمرة المتمثلة في برامج للتحفيظ عن بعد خصوصا في صفوف النساء، وحصص الوعظ والإرشاد المنجزة من طرف المرشدين والمرشدات للرجال والنساء، وتواصل الأئمة المرشدين الدائم مع القيمين الدينيين في دوائر التعيين، مواكبة لأحوالهم الصحية واستئنافا لحصص التكوين والتأطير العلمي معهم عن بعد، علاوة على حلقات إرشاد وتوجيه عامة بدأ بثها منذ بداية الجائحة على صفحة المجلس العلمي المحلي ومجالس الجهة، للتوعية بما يجب التزامه من توجيهات الجهات المسؤولة صحية وأمنية، واعتبار ذلك مسؤولية دينية وواجبا وطنيا.
….. هذه الأنشطة تتمثل أيضا في عقد المرشدين والمرشدات للقائهم الإداري الشهري الخاص في موعده المعتاد، لبرمجة المهام وتقويم الإنجاز، باستثمار تقنية التواصل الجماعي عن بعد، ومتابعة انتظام رفع الآذان في سائر المساجد.” حتى إذا رفعت موانع الحضور الديني والتلقي العلمي ، فعاد الفعل الديني لطبيعته ؛ عاد الإطار الديني لمواصلة الوصال العلمي والديني من خلال الواقع كما المواقع .
صحيح أن الحضور الأساس ، هو الحضور المعنوي للمرشد في ذهنية الجماعة العالمة والمتعلمة وكذا في ذهنية الشباب والناشئة أما الحضور المادي فهو مضمون بقوة القانون وأسماه الظهير الشريف .
عاد الفاعل الديني المحلي من جديد للتحركات الميدانية والتدخلات الموضوعاتية مساعدا مواكبا مساهما مبتكرا متفاعلا ، نذكر هنا تجربته في إسهامه بمنصة محمد السادس للحديث الشريف تحت إشراف خبراء علم الحديث المنصبين لتنقيح النص السني من كل شائبة مغشوشة مدرجة لإخراج نص الحديث صحيح المعني فصيح المبنى وكذلك مشروع التعريف بها بعد إطلاقها في صفوف القيمين الدينيين وفي صفوف رواد موقع التلقي الديني كما له إسهامات مع تدخلات فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتنسيق مع المجالس العلمية المحلية ؛ التجربة التواصلة البينية الفعالة في التعريف بالذاكرة التاريخية للمغرب ، وقبل ذلك كان قد عين عضوا بالوحدة الإدارية الجهوية لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين في تجربة إدارية تخص القيم الديني بامتياز وذوي الحقوق ، ثم بعدها ، التجربةَ ذاتها إقليميا بالوحدات الإدارية الإقليمية كما خاض المرشد الديني تجربة إدارية أخرى منسقا بالمجالس العلمية المحلية في إطار برنامج خطة التأطير الديني المحلي ، واليوم مستعد للتعيين بهذه المجالس في سياق المساعدة اللازمة لتجويد الفعل الديني من موقعه كما تحدث عن ذلك الظهير الشريف .
أفق خاتمي:
مرحلة مفصلية إذن، تدخلها المؤسسة الدينية العلمية جهوية وإقليميا في أفق أن تدخلها محليا بعدما عرفت مركزيا هيكلة تنظيمية جديدة تمثلت في تسمية الكتابة العامة وكذا مديرتين مركزية على التوالي وهي هياكل إدارية موضوعاتية.
اليوم ، حقيقة ما نحن بحاجة إليه بعد هذه الدُّفقة الجديدة من التسميات للمؤسسات وتنصيب الفاعلين فيها ورفع عددهم ثم الإضافة النوعية بتعيين فئة المرشدين الدينيين الذين شهد التاريخ الديني بالمغرب بناء على منطوق السيد المعالي الذي لا يبرح موضوعا حتى يبلغ فيه الأعالي ؛ هو أن يكون لدينا إعلام ديني : عام أو شبه عام أو خاص في مستوى الفعل الديني ببلادنا ليواكب هذه التغييرات وهذا الحضور للفاعل الديني المركزي والجهوي والإقليمي والمحلي لرصد تجربة (وعظ القرب) التي أُعلن عنها بإصدار دليل المجالس العلمية المحلية وكذا (تبليغ القرب) المعلن عنه في التسميات الجديدة.
بالتوفيق لكل متدخل ديني مع أملي الكبير في حصوله على: الاستيعاب الجيد للمجال الذي يشتغل فيه والاستشعار الأمثل للمسؤولية الدينية والعلمية الملقاة إليه عهدا مما يستلزم منه لها تعهدا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع المقال :
www.mapnews.ma
الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الى الأمة يوم الأحد 30 يوليو 2000 بمناسبة عيد العرش المجيد والذكرى الأولى لا عتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين .
خطاب جلالة الملك حول إعادة هيكلة الحقل الديني الموجه إلى المجلس العلمي الأعلى بالدار البيضاء يوم 30 أبريل 2004
الخطاب السامي الذي ألقاه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم السبت 26 رمضان 1429 (27 شتنبر 2008) بمسجد محمد السادس بتطوان خلال ترؤس جلالته للدورة العادية للمجلس العلمي الأعلى عن موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
كلمة فضيلة الدكتور سعيد شبًّار الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى خلال ملتقى علمي بأزيلال مع العلماء المؤطرين في خطة ميثاق العلماء سبق نشرها ،كتابة ورق _ محمد أكعبور
الإلمام بمفكرة الإمام : قراءة في ميثاق العلماء. مقال منشور _محمد أكعبور
المضامين السياسية للزيارات الملكية للصحراء المغربية: المكاسب الوطنية لتفعيل القرارات السيادية؛ منطقة محاميد الغزلان أنموذجا مقال منشور _محمد أكعبور
كلمة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال تنصيب رئيس المجلس العلمي الجهوي للداخلة – وادي الذهب _موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
www.habous.gov.ma
ظهير شريف رقم 1.23.47 2023صادر في 26 ذي القعدة 1444 (15يونيو 2023) بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم1.03.300 الصادر في 2 ربيع الأول 1425 (بإعادة تنظيم المجالس العلمية22 أبريل 2004)
الدستور المغربي 2011
المغرب بين نظام الجهوية الإدارية والجهوية السياسية د.مصطفى بن شريف
ظهير شريف رقم 1.14.103 صادر في 20 من رجب 1435هـ (20 ماي 2014)
المرسوم رقم 2.15.249 الصادر بتاريخ 6 محرم 1437(20 أكتوبر 2015)، بالموافقة على تغيير شكل العقد النموذجي الذي يبرم بين الدولة والأئمة أو المرشدين والمرشدات (الصادر بمرسوم رقم 2.06.246 بتاريخ في 10 جمادى الأولى 1427 موافق7 يونيو 2006)
ظهير شريف رقم 1.14.104 صادر في 20 من رجب 1435هـ (20 ماي 2014) في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم.
Source : https://dinpresse.net/?p=20289