بقلم: محمد علي لعموري
مرت استحقاقات الثامن من شتنبر لهذا العام 2021 في أجواء يطبعها الترقب والتوجس بعد مرور الحملة الانتخابية بشكل سلس إلا من بعض المناوشات هنا وهناك تتخلل عادة العرس الديمقراطي في كل بلاد الدنيا.
الثامن من شتنبر كانت محطة ديمقراطية حاسمة قلبت موازين القوى فيما يتعلق بنتائج التصويت التي احتل فيها حزب التجمع الوطني للأحرار المرتبة الأولى فيما يتعلق باللائحة الوطنية الخاصة بالمقاعد البرلمانية، بينما تراجعت مرتبة حزب العدالة والتنمية إلى الرتب ما قبل الأخيرة ب 13 صوتا.
فاجعة لحواريي المصباح السحري، لحزب العدالة والتنمية الذي جاء إلى الحكومة على صهوة الحراك المغربي( حركة عشرين فبراير) لعام 2011، تلك النسخة المغربية من “الربيع العربي” أو إن شئنا الدقة : الفوضى الخلاقة التي بشرت بها ذات عام كوندوليزا رايس وتم طبخها بعناية فائقة لتفجير الأوضاع في البلاد العربية للإطاحة بأنظمة قائمة لعقود كانت تحكم شعوبها باستبداد مأذون، وحان في عام 2011 الاطاحة بها.
كانت موجة الربيع العربي خطة خارجية باستعداد داخلي لتفجيرها وجعلها تبدو ثورات عربية شبيهة بالثورات التحررية. لكن الهدف كان هو وصول الاسلاميين المعتدلين إلى الحكم بعدما تأكد لدى صناع القرار الغربي، وخاصة العم سام الأمريكي أن الإسلاميين قادمون، فمن باب أولى مساعدتهم في ذلك، ولتكن نسختهم باهتة يمكن التحكم فيها عن بعد.
ودون التفصيل في الموضوع طويلا، يمكن القول أن النسخة المغربية من وصول الإخوان إلى الحكم كان عنوان المرحلة قبل عقد من الزمن، تعايشت فيه الملكية مع حكومة الاخوان بمنطق براغماتي يروم استنفاذ رصيدهم ليصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم من هزيمة ساحقة يندى لها جبين المارد الذي خرج ذات ربيع عربي من قمقم مصباحهم السحري.
لم ينفع مصباحهم هذه المرة في تلبية أمانيهم التي جاءت نتائج التصويت عقابا شعبيا لهم على كسر أماني شباب نسبة كبيرة منهم قاطعوا الانتخابات، بينما صوت آخرون ضدهم عقابا لهم، وقد كان حزب المصباح يعول كما في الولايتين السابقتين على نسبة العزوف لحصد المراتب المتقدمة.
اليوم كانت نسبة المشاركة مرتفعة عن سابقتها، وفاقت بقليل 50 في المائة من نسبة المسجلين في اللوائح الانتخابية.
الدرس المستفاد من هذا التصويت العقابي هو أن المغاربة ليسوا بذلك الغباء، فحتى لو كانوا متدينين زيادة ؛ كما كشفت تقارير علمية بخصوص تدين المغاربة؛ وانساقوا عام 2011 وراء شعارات طنانة شنفت مسامعهم بما لذ وطاب من الوعود الكاذبة، والشعارات الدينية المدغدغة لأحلامهم وأمانيهم، فإنهم سرعان ما أدركوا أنهم كانوا ضحية وثوقهم بالخطاب المنمق بالشعارات الدينية المؤثرة، فقرروا عدم التصويت عام 2016، فقاطعت نسبة كبيرة الانتخابات التي جعلت حزب العدالة والتنمية يتصدر نتائج الاستحقاقات للمرة الثانية، لكن سرعان ما تنبه الشعب المغربي إلى كون المقاطعة لن تدحرهم فكان لا بد من التصويت العقابي الذي أعطى للحزب هذه النسبة المتدنية.
الآن نحن أمام تحالفات مقبلة ستفرز لنا حكومة نتمناها قوية تخدم طبعا الاستراتيجيات الكبرى للدولة، وتعكف على إعمال توصيات التقرير الخاص بالنموذح التنموي الجديد، وقد حان الوقت للاستثمار في الانسان وأن تعكف الحكومة المقبلة على تقليص نسبة الفقر والهشاشة، وتقليص نسبة البطالة بتشجيع الاستثمار لخلق فرص الشغل، وتفعيل المشروع الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لجميع المغاربة، وجعل المغرب يمضي قويا وبثبات نحو تعزيز اقتصاده بما يمكنه ليكون لاعبا أساسيا في شمال افريقيا وفي جنوبها.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=15519