حسين القاضي. باحث مصري
أكثر حاجة تزعل العلمانى حين يسمع تيارات التطرف تصف العلمانية بأنها (الدعوة إلى الشذوذ وإباحة الفواحش)، في المقابل حين يقع أحد السلفية أو الإخوان في جريمة أخلاقية أو سلوك شاذ، يصف العلماني هذه التيارات بأنها (تيارات دينية تخفي خلفها نزعات غارقة في الشهوانية والكبت)، وكل واحد من الثلاثة يحتج على الآخر: (لا يصح الحكم على فكر أو منهج من خلال سلوك بعض أفراده)…(صدق قولا وكذب واقعا)
والمفارقة أن الثلاثة يمارسون هذا المنطق الصبياني الطفولي غير الأخلاقي وغير المنهجي وغير العلمي في الهجوم على التصوف وأعلامه، فيأخذون تصرفات هنا وهناك ليقولوا: هذا هو التصوف، وهؤلاء هم رجاله ورموزه وفلسفته وروحه ومنهجه!!
يقول د علي زين العابدين: “التشنيعُ بصورٍ لأناسٍ بسطاء في طباعهم، واتخاذها وسيلةً لإثبات قُبح اتجاهٍ تُخالفه هو خُلُقٌ دنيٌّ قبل أن يكون خطأً في المنهج؛ لأن المروءةَ تأبى أن يُتَّخذ ضعفُ إنسانٍ أو جهله ميدانًا لصراعٍ فكري، أو أن تُستثمر عثراته لتشييد انتصارٍ وهمي على مذهبٍ بأكمله، ثم إنّ محاكمة فصيلٍ عريقٍ؛ كالصوفية بصورٍ متناثرة أو مشاهدَ مبتورةٍ ظلمٌ وجهل؛ فهذه المظاهر قد أنكرها أربابُ التصوف أنفسُهم، كالشيخ الأزهر عبد الحليم محمود، والعلامة صالح الجعفري، والسيد محمد زكي إبراهيم، ومتى ظهرت تجاوزات هنا وهناك، فإنّ اللائمة لا على التصوف في جوهره”. (على فرض أنها مظاهر دينية مع أنها اجتماعية).
والذي نؤمن به بكل واضح:
1*رفض التطرف اللاديني بصوره المختلفة، لأسباب منطقية، ليس منها الافتراء على العلمانية بأنها الدعوة للفاحشة والشذوذ.
2*رفض التيارات المنحرفة دينيا: إخوان – سلفية – داعش ..إلخ– لأسباب منطقية، ليس منها أن هذه التيارت غارقة سرا في الفواحش.
3*الاعتقاد بأن التصوف ركن من أركان الأزهر، وأنه كما قال حجة الإسلام الغزالي: “الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وسيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، مقتبسة من نور النبوة”، وكما قال الإمام الذهبي: “والعالِمُ إذا عَرِيَ من التصوف فهو فارغ، والصوفيَّ إذا عَريَ من عِلْم السُّنَّة، زلَّ عن سواء السبيل”، وأن التطبيقات الصوفية الخاطئة أول من رفضها هم علماء الأزهر وأرباب التصوف، رفضا باللين والحسنى والتعليم والرفق، لا بالتكفير والتبديع، على أن ( أكثر التطبيقات الخاطئة) مظاهر اجتماعية خاصة، الأمر فيها راجع للحرية الفردية، وليست مسائل منطلقها الدين.