سوسن العتيبي ـ باحثة سعودية
ذكرت الأخت الكريمة والصديقة العزيزة سلمى السلماوية كلاما عن “الحالة السورية” الآن، والحقيقة كثير مما ذكرته في نفسي، وربما في نفس كثيرين غيرنا. فالحالة السورية قد لعبت بكثير من التصورات، وهي محتاجة لأدوات تحليلية من “فقهاء علم” لا مجرد تكرار لأدوات نقدية ظهرت في بيئة مختلفة، لها سياقاتها. (هنا تعلم بحق من الذي يقدم تحليلات سياسية واقتصادية وجيوسياسية وثقافية من عمق فقهه، من الذي يعيد تكرار ما قرأه كل حين، دون خبرة عملية، أو قدرة وبصيرة ذهنية حادة. وعموما هم في كل زمن أندر من النادر).
من منطلق اهتماماتي:
شاهدت مقطعا لمذيعة في قناة ما (نسيتها الآن)، تسأل ضيفتها الكريمة كيف قابلت الرئيس الحالي “أحمد الشرع”؟ فلما ذكرت الضيفة أنها قابلت زوجته “لطيفة الشرع”، تركت المذيعة كل شيء، وحاولت تلافي ما ظهر في ذهنها مباشرة وهو “هل هي منقبة”؟ فسألت بتلطف: كيف شكلها، فأجابت الضيفة بكل لطف: أنيقة ومهذبة -أو بهذا المعنى-، فزادت المذيعة: أقصد كيف شكلها؟ قالت: محجبة، قالت المذيعة: ليست منقبة؟
حينها ضحكت فعلا على تفاهة كثير مما يحصل في واقعنا العربي، وحتى لو قالت المرأة أنها مع حقوق المرأة، لكنها في حقيقة الأمر مع حقوق المرأة التي توافق صورتها النمطية.
ماذا لو كانت زوجة الشرع منقبة؟
هنا لدينا “ملتحي” و”منقبة”.. هذه الحالة تكسر الصورة النمطية بشكل كبير، مقابل الصورة السابقة رجل حليق بعين زرقاء (بحسب كلام أستاذة الإنجليزي التي كنت أجادلها بشار ليس وسيما ولا له أي نقطة من الوسامة، فكانت ترد علي: هذا بمعايير العالم الغربي، لذا سيقدم صورة جيدة عنهم، وذاك تقريبا عام 2014)، وامرأته مظهرها مظهر غربي، سافرة، بلباس وشكل غربي
.
إن التنوير الذي ارتبط بالشكل الغربي، قد قدم في سوريا شكل الوحشية العنيفة التي لا تخطر على بال، والتي شاهدنا طرفاً خفيفا منها، وبعده حرمنا على أنفسنا مشاهدة وقراءة أي شيء عن تلك الوحشية لأنها فوق طاقتنا النفسية. وجاء الرجل الملتحي، وزوجته المحجبة. وفي تلك اللحظة تمنيت فعلا أنها منقبة، لأبتسم ابتسامة الشامت، ابتسامة من يهزأ بكل من يجعل الشكل معياراً لرؤية فكرية معينة، ويعمم على الجميع بدون استثناء.
إضافة إلى رؤية وائل حلاق، كما ذكرت سابقاً، وجددتها اليوم لاعتراض أخ على منشور سلمى:
– وائل يرى الدولة القومية العربية حداثية، ونص على سوريا أيضاً.
– دولة الأسد حداثية
– الحاصل في سوريا الآن هل هو دولة أم لا؟
– إن كان دولة حداثية: فالنقد يوجه إليها بحسب وائل!
– إن كان دولة غير حداثية فهي غير ممكنة أو مستحيلة
– إذا وإذا فقط صارت حكماً إسلاميا فإنها لن تصمد، لأنها في نطاق مركزي حداثي، لا يمكن أن تشكل تحدياً للنطاق المركزي.
ففي كل الحالات رؤية وائل حلاق للدولة هنا تختبر.
إضافة لأمور عديدة لا يمكن تفسيرها من أي منظور نمطي هزيل، لا يمكن أن يفسر الآن ما يحصل في سوريا بمقاربة جيدة إلا من كان خبيراً حقاً، لا من كان تحت الشاشات، وله كلام رنان.
هل ستغير سوريا وجه العالم أو بعضه؟
لست أدري، لأنها خارج الأنماط بحسب ظواهر يسيرة، فلقد خالفت التحليلات التي تهتم بالمظاهر دون التعقيد الحقيقي للواقع الإنساني. حينها يمكن القول إننا خرجنا من تفاهة قول الظواهر، إلى متطلبات التعقيد العسيرة جداً، والتي من أجل تحقيقها لا بدّ أن يكرس الإنسان عمره لها لعله أن يقارب بعضها.
أما رأيي أنا؟ فلا أدري عن شيء أبداً، علاقتي بالعالم الخارجي علاقة بالكتاب الوسيط بيني وبينه، ولن أكذب على نفسي وأقول إني خبيرة، وأردد كلاما رنانا، وأصير عملية تدوير لما يقال في القنوات الإخبارية.
لكني ألاحظ التحيزات التي تقصي الظاهر الديني مقابل الظاهر الغربي، وتزعم رفع قيم إنسانية لكن على المقاس الغربي!
ـــــــــــــــ
العنوان الأصلي للمقالة: الحالة السورية عصية على التحليل المعتاد
رابط صفحة الكاتبة على فيسبوك:
المصدر : https://dinpresse.net/?p=23086