“البروباغندا” وقضية الصحراء المغربية.. محاولة في الربط الإيديولوجي

12 نوفمبر 2025

محمد زاوي
هناك خيط رفيع بين المصلحة المغربية والبروباغندا المصاحبة لها، غير أن فئة من معارضي النظام السياسي لا يعون هذا الرابط، خاصة منهم أولئك الذين يناقضونه خارج إطار قضية الصحراء، أو أولئك الذين لتوّهم آمنوا بقضيتها فابتكروا طريقا للمعارضة فيها.. يتكلم هؤلاء وأولئك عن “بروباغندا النظام” في القضية، دون اعتبار لعدد من المسائل، من أبرزها:

ـ استقلال التنظيمات المعارضة نفسها بـ”بروباغندا خاصة”: فهذه التنظيمات التي تلاحظ على النظام السياسي “إنجاز” بروباغندا لمصلحته في قضية الصحراء المغربية، لم تترك قضية من قضاياها إلا وأنجزت فيها “بروباغندا خاصة”، كما أن خطابها الإيديولوجي لا يخلو من تضليل عن قدرتها وموقعها الاجتماعي والسياسي..

الفرق بينها وبين النظام في “إنجاز البروباغندا” أنه ينجز بروباغندا عامة، فيما تنجز هي “بروباغندا خاصة”.. وذلك لأن الزمن الذي يتحرك فيه كل منهما مختلف؛ يتحرك النظام في زمن استراتيجي عمره قديم-مديد، فيما هي تتحرك في زمن إيديولوجي طارئ على التاريخ العام للمغاربة..

ـ حاجة المعارك السياسية إلى “بروباغندا”: فـ”البروباغندا” ليست عيبا وليست وصفا قدحيا، بل هي إنجاز بديهي في معارك سياسية معقدة من قبيل معركة الصحراء المغربية.. تحتاج المعارك السياسية، خاصة الكبرى منها، إلى دعاية في الخارج وتوحيد في الداخل، أي إلى “بروباغندا” أصبحت اليوم دراسة وخبرة تقدمها مراكز ويتفرغ لها خبراء.

هناك حدود فكرية للوعي بكل قضية، ولا يصلح للدول أن تنتظر خرق هذه الحدود لتحقيق التقدم في قضاياها ومصالحها.. حرقها يحتاج إلى زمن فكري طويل، في حين أن المصالح تُقضى في زمن سياسي وجيوسياسي يطلب النجاعة ولا يقبل الانتظار.

ـ ضرورة تكتيك “البروباغندا” في استراتيجية الصحراء المغربية: “البروباغندا” جزء من معركة الصحراء المغربية، بل هي من عناصرها الأساسية.. مارستها إسبانيا عقودا، وتمارسها الجزائر، وتمارسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.. الوحيد الذي عليه أن يقول الحقيقة في سياسته التكتيكية هو المغرب، الوحيد الذي يجب عليه رفع أقنعة الإيديولوجيا هو هذا البلد!

هكذا يقول لسان حال البعض، وما كان هذا البعض ليقول ذلك لو كان طرفا مؤثرا في المعركة. ولكنه ما دام يتحرك على هامشها، يخوض نقاشها بشكل عرضي، فإنه يتحدث فيها بهواه ويزدري “البروباغندا” بمثالية فجّة.

ـ مصلحة النظام السياسي لا تنفي مصلحة القضية: هناك مسائل هي “من باب السماء فوقنا”، لكنها تستحيل “حقائق ثورية” في ذهن صغير لا يسعها.. وذلك من قبيل اصطناع نوع من التناقض بين مصلحة القضية و مصلحة النظام السياسي، وكأنهما نقيضان بالضرورة..

والحقيقة أن القضية نفسها جزء من مصلحة النظام السياسي المغربي، هو الأولى بالدفاع عنها وتدبيرها تدبيرا سديدا وواقعيا ما دام الأكثر قدرة على تصورها تصورا ملموسا، وما دام أكثر الأطراف الاجتماعية تقديرا للمصالح المتعلقة بها.. هذا تحديد موضوعي، وليس تحديدا بالأهواء الإيديولوجية أو العواطف الجمعية.

وعندما يعرَف هذا التحديد ينتفي في ذهن المتابع أو المحلل أو المناضل وهمان: وهم الانفصال بين مصلحتي النظام والقضية، ووهم ادعاء السبق والأولوية في تدبير القضية والوعي بها.. قد يتحقق الوعي السديد بها خارج ضرورة السيطرة الاجتماعية، لكنه وعي خاص أصبح نادرا -إن لم يكن منعدما- في مجتمعنا الراهن..

التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد.

توكل كرمان.. من جائزة نوبل إلى خطاب الفتنة

عمر العمري تقدم توكل كرمان نفسها، منذ حصولها على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، بوصفها رمزا عالميا للحرية وحقوق الإنسان، إلا أن مسارها الإعلامي والسياسي اللاحق سرعان ما كشف عن تناقض صارخ بين الشعارات والممارسة. فبدل أن تكون صوتا للحوار والسلام، تحولت إلى منبر للتحريض والتجريح، مستخدمة المنصات الرقمية لنشر خطاب عدائي يستهدف المغرب ومؤسساته […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...