الاعتراف الذي لم يزد الجزائر إلا خسارا

سعيد الكحل
آراء ومواقف
سعيد الكحل20 ديسمبر 2021آخر تحديث : الإثنين 20 ديسمبر 2021 - 7:33 صباحًا
الاعتراف الذي لم يزد الجزائر إلا خسارا

سعيد الكحل
حلت الذكرى الأولى لإعلان الرئيس الأمريكي السابق دولاند ترامب الذي اعترف فيه بالسيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية. إعلان تاريخي من أعظم قوة عالمية بمغربية الصحراء سيغيّر مجرى تاريخ المنطقة.

لقد جاء الاعتراف الأمريكي ليفتح الآفاق الرحبة أمام المغرب وليضيق الخناق على أعداء وخصوم وحدتنا الترابية. فرغم الإنجازات والمكاسب العسكرية والتنموية والدبلوماسية التي حققها المغرب على مدى سبع وأربعين سنة من الصراع الذي تفرضه الجزائر وتقوده ضد وحدتنا الترابية ، فإن الاعتراف الأمريكي وفّر الدعم السياسي والدبلوماسي للمغرب في مجلس الأمن وأنهى أوهام الأعداء والطامعين في تأبيد ابتزازه.

بفضله لم يعد ظهْر المغرب مكشوفا كما كان من قبل يسهل استهدافه من طرف إسبانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوربي عموما الذي يوظف محاكمه لمزيد من الضغط والابتزاز لنهب خيرات المغرب وكأن عهد الاستعمار لم ينته.

لقد أمّن هذا الاعتراف ظهر المغرب ومكّنه من التصدي لكل المخططات العدائية ، وفي مقدمتها مخططات الجزائر التي لم تكتف بتمويل وتسليح البوليساريو ، بل استنفرت قواتها العسكرية ونصبت الصواريخ على الحدود مع المغرب، ليس دفاعا عن ترابها الذي لا يواجه أي تهديد أو اختراق أو أطماع من المغرب، ولكن تخطيطا مسبقا لاستهداف استقرار المغرب ونهضته الاقتصادية. فالجزائر يغيظها ما يحققه المغرب، رغم محدودية موارده الطبيعية، من تنمية وتقدم على كافة الأصعدة ، حتى عاد قبلة لكبريات الشركات العالمية لتوطين استثماراتها.

لهذا يخطط حكام الجزائر وجنرالاتها لجر المغرب إلى حرب مدمرة تقضي على طموحه في أن يكون دولة صاعدة أو “تركيا شمال إفريقيا”. هكذا التقت مخططات الأعداء والخصوم (الجزائر ، ألمانيا ، إسبانيا ) لمنع المغرب من رسم معالم نهضته وخوض تحدياتها. إذ اعتاد أعداء المغرب على ابتزازه واستنزاف خيراته إلى أن صدر الإعلان الأمريكي الذي صدم الأعداء والخصوم .

ولأول مرة منذ بدء الصراع حول الصحراء المغربية ، واجه المغرب ، بكل اطمئنان ، مناورات الأعداء لاستصدار قرار أممي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو . ذلك أنه كلما حل شهر أكتوبر من كل سنة، إلا ولجأ الأعداء إلى توظيف عصابات البوليساريو لإغلاق معبر الڴرڴرات أمام تنقل الأشخاص والسلع بهدف دفع المغرب إلى رد فعل عسكري يستغلونه ضده.

لقد أنهى المغرب، إلى الأبد ، مخطط استغلال معبر الڴرڴرات من طرف الجزائر وعصاباتها في محاولات يائسة الغاية منها توسيع صلاحيات المينورسو ، بعد أن حرره من عصابة البوليساريو وطردها نهائيا من المنطقة العازلة التي أمّنها بتمديد الحزام الرملي إلى الحدود الموريتانية. كان تحرير المعبر وتأمينه أكبر خسارة للجزائر وصنيعتها البوليساريو ، وما كان لهذا النصر/المكسب أن يتحقق لولا الدعم الأمريكي الذي جاء تتويجا للإستراتيجية الجديدة التي باتت تعتمدها الدبلوماسية المغربية.

هكذا خسرت الجزائر “لعبة الغمّيضة” التي ظلت تلعبها بمعبر الڴرڴرات تارة باعتراض رالي باريس داكار، وأخرى بمنع تدفق السلع والبضائع نحو موريتانيا وبقية الدول الإفريقية؛ فخسرت معها اللعبة الكبيرة بمجلس الأمن وهيأة الأمم المتحدة اللذين طويا نهائيا، صفحة المطالب الجزائرية بتنظيم الاستفتاء ليبقى الحل الوحيد هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الذي تبنته الهيئتان الأمميتان. أنه الخيار الوحيد الذي شدد عليه إعلان دولاند ترامب والتزم به الرئيس جون بايدن.

خسران مبين يلاحق الجزائر وكل مناوراتها ، حيث خسرت أمميا بانكشاف مخططاتها العدائية ضد المغرب وإصرارها على اتهامه مرة بإحراق غابات تيزي أوزو ، وأخرى بقتل السائقين وإحراق الشاحنات. تُهم سقطت وأسقطت معها مصداقية الجزائر وحكامها الذين صاروا مسخرة أمام العالم. حاولت الجزائر إيهام العالم باشتعال الحدود مع الأقاليم الصحراوية بغاية إثارة الرأي العام الدولي بوجود حرب بين الجيش المغربي وفلول البوليساريو ، لكن بعثة المينورسو كذّبت المزاعم. فطائرات “درون” بالمرصاد لكل من دخل المنطقة العازلة ، الأمر الذي حرَم البوليساريو من أية فرصة لجر الجنود المغاربة إلى مواجهة تقليدية أو خوض حرب عصابات التي تكلفت عناصر حزب الله بتدريب فلول البوليساريو على تكتيكاتها.

هكذا انقلبت موازين القوة العسكرية لصالح المغرب الذي نوّع أسلحته وعدّد مصادرها ، مما مكّنه من تطوير قدراته الدفاعية والهجومية بفضل نوعية الطائرات الحربية والمسيّرَة الأكثر تطورا. بل سيتحول المغرب إلى مصنّع للأسلحة المتطورة. فما عادت الجزائر تقوى على التهديد بشن هجمات مسلحة خاطفة بعد أن تيقّن حكامها من امتلاك المغرب لأسلحة نوعية سترد كيدهم في نحورهم.

ذكرى الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء تستحق أن يتخذها المغاربة عيدا وطنيا لكونها غيرت مجرى الأحداث وأنهت عهد الابتزاز والاستغلال الأوربي لخيرات المغرب. بفضل هذا الاعتراف تصدى المغرب ، بكل حزم، للابتزاز وصار يتعامل بكل ندّية جعل مبتزيه يتذللون إليه ؛ بل قالها جلالة الملك في خطاب المسيرة بكل وضوح وحزم (كما نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية).

أما من كان يراهن على الاستفتاء والانفصال فإن المغرب قرر بشكل قطعي ونهائي على لسان جلالة الملك (إن المغرب لا يتفاوض على صحرائه. ومغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات).

إن الاعتراف الأمريكي والاتفاق الثلاثي (المغربي ، الإسرائيلي والأمريكي) جعلا بحق “مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.