حميد الأزهري
مما لاشك فيه أن أكثر الناس يبحثون عن الأمن والأمان ليستطيعوا العيش دون خوف وفزع.
ويعتبر الخوف من أكثر الأمور التي تنكد عيش الإنسان، حيث يهلك صاحبه بين الترقب وانتظار المجهول، وقد وصف الله عز وجل الأمن في كتابه بقوله: “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، فهذه نعمة يجب شكرها، كما نسأل الله أن يديم علينا الأمن والأمان وأن يحفظنا في دوينا وأهالينا في هذا البلد الحبيب.
ولهذا جاء الإسلام ليحقق هذا الركن الأساسي في الحياة، حيث قال سبحانه: “والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم”، وعند بحثنا وتعمقنا في مكنون وعمق هذا النور الرباني المتكامل، الذي يؤصل لمبدأ الإنسانية العليا التي جاء بها هذا الدين العظيم، نجد أن أعظم مبادئ العقيدة الإسلامية هي “السلام “.
هذا الاسم العظيم مشتق من صفة السلام، وهو اسم من أسماء الله عز وجل، حيث ذكر هذا الاسم في أكثر من 44 آية، في حين أنه لم يرد اسم الحرب إلا في ست (6) آيات قرآنية.
وهذه التفاتة يجب التنبيه إليها، وهي أن هذا الدستور العظيم يحث ويدعو إلى السلم في الدرجة الأولى، ويرغب فيه، ويرفض الحرب والتنازع والفرقة بين المسلمين، حيث قال سبحانه: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم”، أي إن مالوا إلى المسالمة والمهادنة فمل إلى ذلك وأقبل منهم، كما وقع في صلح الحذيبية.
ودعوة المصطفى عليه السلام كلها سلم، فلم يكن نبينا يدعو إلى حرب ولا مخاصمة ولا تنازع ولا إلى التشاجر، بل يهدي الناس إلى طريق ربهم بالسلم والحلم والدعوة إلى الإخاء والمؤازرة ، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه). وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى هاهنا. ويشير إلى صدره ثلاث مرات. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) رواه مسلم.
هذا الحديث إن دل على شيء، فإنما يدل على السلام والمسالمة والمصالحة بين الناس، حيث يحتاج السلام إلى التسامح والتجاوز عن أخطاء الآخرين، وعدم الحقد والكره وإضمار الشر لهم، ورمي الناس بالبهتان.
إن الحقد والكره لا يتركان مجالا لتحقيق السلام، هذا الأخير يتحقق عندما تصفى النفوس من قبل الجميع، سواء كان الأمر يتعلق بالفرد أو الجماعة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=6140