سليمان الهواري
ما لا يتجرأ الناس على قوله أن المتسللين إلى العقل الإسلامي، من خلال تزييف النص الديني واستبدال المعنى في النص الأول، بمعاني دخيلة دعموها بترسانة نصوص رفعوها إلى درجة المقدس فيما سموه السنة و الحديث .. حوّل كليا السياق الديني والتمثلات و الرموز و المعاني ..
بما يعني، أن الدين أصبح غير الدين و هذا الإسلام ليس هو الإسلام .. و الأخطر .. لا النبي هو النبي.. بل إن الله ذاته في تمثلاتهم ليس هو الله الذي نعبده ..
يكفي أن نركز في تشتيت المفهوم فيما هو الله والرب والإله ومتاهة توحيد الربوبية والألوهية وكفر الظاهر وكفر الباطن وكل هذه المباحث التي صارت عقيدة وسلطانا وسيفا، قبل أن تصير تكفيرا ومشروع حرب وقتل ودم يسيح في كل الكرة الأرضية تحت شعار الدفاع عن الله ومملكته فوق الأرض .. إنه الجنون فعلا ..
يكفي أن نمحص كتبنا وما نسميه صحاح السنة وحجم المصائب التي تضمها بين ضفافها .. والحديث عن السنة نعني به كل المذاهب لا فرق وما حشت به كتبها من خرافات وأخبار لا علاقة لها بالعقل ولا بالمنطق ولا بالإنسان السوي .. هناك حيث ترسم شخصية رسولنا الكريم وقد ألصقت به كل صور الانحلال .. هل يعقل أن يفتح النبي غرفة نومه للأجانب حتى لو كانوا صحابة ويستمتعوا بمشاهد مضاجعته لنسائه كما لو أنها افلام جنسية حقيقية .. كيف يمص ريق عائشة أم الأمنين رضي الله عنها ويمص لسانها .. هنا يسقطون شخصية الرسول الطاهرة والعفيفة وهنا يستهدفون قدسية نسائه من داخل ادعاء السنة وتسجيل تفاصيلها .. إنها أحاديثنا حقا وكتبنا من تصفه وهو المنزه عن هذه الأوصاف ، كيف يطوف على نسائه التسعة في ساعة واحدة وكأنه رجل شبقي بما يظهر حجم الشبق الساكن خيالات وعقول من كتبوا هذه النصوص المزيفة ..
وأنت تصلي ومر كلب أمامك عليك بإعادة الصلاة .. نفس الشيء إذا مرت امرأة أمامك .. هنا يساوون المرأة بالكلب ..وألف مليون حديث يسفه النساء ويجعلهم في مرتبة الحيوانات .. ومجرد وعاء لماء الرجال .. هل هذا يعقل ؟ .. والله وقسما بذات الله يستحيل أن يقولها رسول الله .. ويستحيل أن يكون دين سماوي بهذا الظلم والإجحاف في حق المراة .. ولا تقل لي نحن لم نفهم وهناك التأويل وهناك العلماء وحدهم من يعرفون المعنى .. ربما نحن الٱن نفهم أحسن وافضل من أغلب مشايخ وعلماء الدولة العباسية أنفسهم ..
لنتامل هذه النصوص ونحكم عقولنا فعلا :
ـ 1/281- وعن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ متفقٌ عَلَيهِ.
ـ وأما ما يقطع الصلاة فهو الحمار والكلب الأسود والمرأة البالغة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل، المرأة والحمار والكلب الأسود أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر، ورواه مسلم أيضًا من حديث أبى هريرة.
وهنا فقط نسجل ان المرويات التي تستفز العقل الفطري السليم لا تعد ولا تحصى فعلا بما يعني أنها أضيفت لاحقا للسنة وليست منها يقينا بما هي شدود حقيقي يستحيل أن يأتيه الرسول الكريم الذي بعثه الله ليتم مكارم الأخلاق وليس ليفسدها ..
بما يفيد أن إعادة بناء الدين لا تحتاج هذه السيوف المشرعة و لا تحتاج جهادا و لا هم يحزنون .. نحن فعلا نحتاج حربا في الثقافة أي يجب ان ندخل زمن أنوارنا و نهضتنا و مناطها العقل ..
فمن يتجرأ أن يقوم بهذه المهمة في زمن الفتنة و الصراع المذهبي و كل المذاهب شيعة و سنة يقتاتون من خوابي التعصب المذهبي المبني في عصور الظلام مع بعض الإختلافات .. وما أنتجه هذا النمط من التدين من شبكة مصالح تاريخية في السياسة والإقتصاد والسلط القيمية والمعنوية .. انظروا للحرب الشعواء التي تشن الٱن على العلامة السيد كمال الحيدري كمثال فقط ، من طرف الحوزات والمراجع والدول .. هل يعقل أن يكفره مراجع كبار في حوزة قم ووكلاء مرجعيات معروفين في حملة تسقيط خطيرة ، فقط لأنه ذكر ما هو مكتوب في مراجع وتصريحات تجمع في أغلبها على تكفير المخالف من خارج المذهب ..
خطير أن يتحول الدين إلى سلطة قهر وقتل رمزي وحقيقي ، تفرض الصمت ، نصرة للعلماء والتاريخ والمذهب وهيبة الدولة .. الأخطر أنهم يهددوننا بالفتنة وتقسيم المسلمين .. ونحن نعيش الفتنة من ألف سنة ، وكل يوم نقسم أكثر دولا وشعوبا ومذاهب وطوائف وقبائل .. حتى انتهينا في حضن الصهاينة ..
وعندما تهاجمنا شارلي ايبدو بما كسبت أيدينا ، وبما هو موجود حقيقة في نصوصنا وفي أدمغتنا وفي تمثلاتنا ..وبما نمارسه في تجاربنا الإسلامية الكارثية طالبانيا وداعشيا وسعوديا وإيرانيا وسودانيا وعراقيا .. نعم هم يستفزوننا بما يغضبنا حقيقة وهذا طبيعي جدا .. لكن هل الحل أن تعم هذه الحملة اللأخلاقية في وصف ذمامة وجه زوجة ماكارون ورسمه على شكل امرأة .. ألسنا نؤكد حقا اننا غير أسوياء وأننا نهين حقا المراة في نفوسنا ومعتقادتنا ونؤكد الأمر لهم ..ثم تعالوا لنقاطع فرنسا .. فهل نقاطع كل منتجات الغرب ونحن لا نتنفس ولا نعيش ولا نتحرك إلا من خلال التقنية والمنتج الغربي .. هل نعلم أن الملايين من أبنائنا وإخواننا يعيشون في قلب فرنسا والمانيا والسويد والدانمارك ، فهل يقاطعون أوطانهم الحقيقية التي ٱوتهم من برد وأطعمتهم من جوع وحضنتهم من قلة أمن وخوف .. كيف يقاطع المسلم الفرنسي فرنسا .. وهو يعيش في باريس ويستفيد من قوانينها ومن بذخها ومن مستشفياتها ومن مدارسها وجامعاتها .. الفرنسي المسلم مجال تواجده ونقاشه وانتقاده هو حضن الدولة الفرنسية العلمانية ومؤسساتها وأحزابها وانتخاباتها لعله يصير له صوتا وعقلا مسموعا في البرلمان الفرنسي والأوروبي فيما هو التعايش والتلاقح والإغناء ، وليس غزوة الجمعيات والجماعات والمؤسسات الغربية بهدف دعشنتها كما هي بعض الأمثلة في هولندا مثلا والحزب الإسلامي البلجيكي الذي يرفع شعار تطبيق الشريعة والاسلام هو الحل .. في قلب بلجيكا .. ستنتهون في الغيتوهات يقينا وفي متاحف التاريخ ..
المقاطعة الاقتصادية خطيرة ولها تأثير كبير يقينا لكنها قرار عقلاني وليس مجرد انفعال يدغدغ المشاعر لينتهي في صفقة مفاوضات بين تركيا وفرنسا وأمريكا والامارات وقطر والسعودية .. ونحن لن نجني سوى الاستفراغ المجاني لفائض غضبنا .. نحن مع استهلاك المنتوج المحلي على طول ولن ننتظر حملة أو إساءة لنبينا الكريم .. ولن نقاطع منتوج فرنسا لعيون منتوج تركيا والصين فكلهم أغراب عنا ولا تهمهم سوى مصالحهم وكفى ..
نحن إذن نحتاج حقا عقولا كاميكازية مستعدة لتلقي سهام الحرب و الإنتقاد من الجميع ..
سيحاربك الشيعة و السنة و العلمانيون و البيزنطيون و وو .. فإما أن تكون مصنفا وتحمل بطاقة مذهبية و قبيلتك معروفة أو أنت العدو ..
و من يقفز على زمن وعيه الثقافي سيجد نفسه في مهاوي الأسئلة السياسية الحارقة، دون تأسيس في العقل .. و هو الضياع
Source : https://dinpresse.net/?p=11689